الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولوجوبه عشرة أسباب إصدار الصيغة والكتابة والتدبير والإيلاد والمثلة والسراية والقرابة ويضاف إلى ذلك اليمين بالعتق والنذر به وقتل الخطإ والظهار وكفارة اليمين ، إن اختار العتق فتكون اثني عشر انتهى . وذكر في التنبيهات أن أسبابه عشرة وعد ثلاثة عشر ثم ألحق بهم وجهين آخرين قال : والعتق مندوب إليه في الجملة ويجب أحيانا بعشرة أسباب بإلزام الرجل ذلك نفسه وتبتيله عتق مملوكه ابتداء وبنذره ذلك لأمر كان أو يكون .

                                                                                                                            وبالحنث في يمين بذلك أو بحمل مملوكته منه أو بعتقه بعضه فيبتل عليه باقيه أو بالتمثيل به أو بشرائه من يعتق عليه أو بقتل النفس خطأ أو بوطء المظاهر أو بكتابة العبد أو مقاطعته على مال أو خدمته بذلك ويلحق بذلك وجهان آخران وهما كفارة اليمين بالله ، وكفارة الفطر في رمضان عمدا إلا أن الفرض في هذين [ ص: 326 ] موضوع للتخيير بينه وبين غيره ، وإنما يتعين بتعيين المكفر انتهى . إلا أن يكون قوله : بإلزام الرجل ذلك نفسه وتبتيله عتق مملوكه سببا واحدا ، وهو الظاهر وكذلك قوله : أو بمكاتبة العبد . إلخ فيكون حينئذ عشرة أسباب فقط ، وهو الظاهر ، وقال في اللباب عقب ذكره الأسباب المتقدمة : ويجب أن يعلم أن ما كثرت أسبابه كان إلى الوقوع أقرب ألا ترى أنه قد وعد بالمغفرة على أسباب كثيرة تكاد تخرج عن الحصر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والآتية ، وصوم يوم عاشوراء يكفر الماضية ، ورمضان إلى رمضان يكفر ما بينهما ، والصلوات الخمس يكفرن ما بينهن وإذا توضأ خرجت الخطايا من بين أشفار عينيه } .

                                                                                                                            وقد قلت لشيخنا شهاب الدين رحمه الله إذا كان يوم عرفة يكفر الماضية والآتية فأي شيء يكفر يوم عاشوراء ؟ وكذلك ما ذكرناه ، فقال لي : ذلك دليل على أنه تعالى مريد للمغفرة لعباده فإن العبد إذا أخطأه سبب لا يخطئه غيره ، وما كثرت أسبابه كان إلى الوقوع أقرب فتنبه لذلك انتهى . وحكمة مشروعيته ، قال في اللباب : هي التنبيه على شرف الآدمي وتكرمته ، فإن الرق إذلال له ، والترغيب في مكارم الأخلاق وتعاطي أسباب النجاة من النار انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية