الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5123 - وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، حين بعثه إلى خيبر وأهلها يهود بما حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دفع الراية إلى علي حين وجهه إلى خيبر قال : امض ولا تلتفت ، حتى يفتح الله عليك .

                                                        فسار علي شيئا ، ثم وقف ولم يلتفت ، فصرخ : يا رسول الله ، على ماذا أقاتل ؟

                                                        قال : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
                                                        .

                                                        قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان أباح له قتالهم وإن شهدوا أن لا إله إلا الله حتى يشهدوا مع ذلك أن محمدا رسول الله ؛ لأنهم قوم كانوا يوحدون الله ، ولا يقرون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بقتالهم حتى يعلم خروجهم مما أمر بقتالهم عليه من اليهودية ، كما أمر بقتال عبدة الأوثان حتى يعلم خروجهم مما قوتلوا عليه .

                                                        وليس في إقرار اليهود أيضا بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ما يجب أن يكونوا مسلمين .

                                                        ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بترك قتالهم إذا قالوا ذلك ؛ لأنه قد يجوز أن يكونوا أرادوا به الإسلام أو غير الإسلام .

                                                        فأمر بالكف عن قتالهم حتى يعلم ما أرادوا بذلك ، كما ذكرنا فيما قد تقدم من حكم مشركي العرب .

                                                        وقد أتى اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقروا بنبوته ولم يدخلوا في الإسلام ، فلم يقاتلهم على إبائهم الدخول في الإسلام إذ لم يكونوا - عنده بذلك الإقرار - مسلمين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية