الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وآتوا اليتامى الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ اليتيم طلب ماله فمنعه عمه، فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت : وآتوا اليتامى أموالهم يعني الأوصياء، يقول : [ ص: 214 ] أعطوا اليتامى أموالهم، ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب يقول : لا تتبدلوا الحرام من أموال الناس بالحلال من أموالكم، يقول : لا تبذروا أموالكم الحلال وتأكلوا أموالهم الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن مجاهد : ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب قال : الحرام بالحلال، لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدر لك، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم قال : لا تأكلوا أموالهم مع أموالكم؛ تخلطونها فتأكلونها جميعا، إنه كان حوبا كبيرا قال : إثما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن المسيب : ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب قال : لا تعط مهزولا وتأخذ سمينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الزهري، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن إبراهيم في الآية قال : لا تعط زائفا وتأخذ جيدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان أحدهم [ ص: 215 ] يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم، ويجعل فيها مكانها الشاة المهزولة ويقول : شاة بشاة، ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف ويقول : درهم بدرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء، ولا يورثون الصغار، يأخذه الأكبر، فنصيبه من الميراث طيب، وهذا الذي يأخذه خبيث .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن قتادة : ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم قال : مع أموالكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية في أموال اليتامى كرهوا أن يخالطوهم، وجعل ولي اليتيم يعزل مال اليتيم عن ماله، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله : ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم [البقرة : 220] قال : فخالطوهم واتقوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : حوبا كبيرا قال : إثما عظيما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : حوبا قال : ظلما .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 216 ] وأخرج الطستي في "مسائله"، وابن الأنباري في "الوقف والابتداء"، والطبراني ، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : حوبا قال : إثما بلغة الحبشة . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول الأعشى :


                                                                                                                                                                                                                                      فإني وما كلفتموني من أمركم ليعلم من أمسى أعق وأحوبا



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أنه كان يقرأ حوبا برفع الحاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عن الحسن أنه كان يقرؤها : (حوبا) بنصب الحاء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية