الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب بيان اختلاف المجتهدين

                                                                                                                1720 حدثني زهير بن حرب حدثني شبابة حدثني ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت هذه لصاحبتها إنما ذهب بابنك أنت وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه فقال ائتوني بالسكين أشقه بينكما فقالت الصغرى لا يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى قال قال أبو هريرة والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ ما كنا نقول إلا المدية وحدثنا سويد بن سعيد حدثني حفص يعني ابن ميسرة الصنعاني عن موسى بن عقبة ح وحدثنا أمية بن بسطام حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح وهو ابن القاسم عن محمد بن عجلان جميعا عن أبي الزناد بهذا الإسناد مثل معنى حديث ورقاء

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب اختلاف المجتهدين

                                                                                                                فيه حديث أبي هريرة في قضاء داود وسليمان صلى الله عليهما وسلم في الولدين اللذين أخذ الذئب أحدهما فتنازعته أماهما ، فقضى به داود للكبرى ، فلما مرتا بسليمان قال : أقطعه بينكما نصفين فاعترفت به الصغرى للكبرى بعد أن قالت الكبرى : اقطعه ، فاستدل سليمان بشفقة الصغرى على أنها أمه ، وأما الكبرى فما كرهت ذلك ; بل أرادته لتشاركها صاحبتها في المصيبة بفقد ولدها .

                                                                                                                قال العلماء : يحتمل أن داود صلى الله عليه وسلم قضى به للكبرى لشبه رآه فيها ، أو أنه كان في شريعته الترجيح بالكبير ، أو لكونه كان في يدها ، وكان ذلك مرجحا في شرعه . وأما سليمان فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية ، فأوهمهما أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه فتكون هي أمه ، فلما أرادت الكبرى قطعه ، عرف أنها ليست أمه ، فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه ، ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة ، وإنما أراد اختبار شفقتهما ; لتتميز له الأم ، فلما تميزت بما ذكرت عرفها ، ولعله استقر الكبرى فأقرت بعد ذلك به للصغرى ، فحكم للصغرى بالإقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة ، قال العلماء : ومثل هذا يفعله الحكام ليتوصلوا به إلى حقيقة الصواب ، بحيث إذا انفرد ذلك لم يتعلق به حكم ، فإن قيل : كيف حكم سليمان بعد حكم داود في القصة الواحدة ونقض حكمه ، والمجتهد لا ينقض حكم المجتهد ؟ فالجواب من أوجه مذكورة : أحدها : أن داود لم يكن جزم بالحكم . والثاني : أن يكون ذلك فتوى من داود لا حكما . والثالث : لعله كان في شرعهم فسخ الحكم إذا رفعه الخصم إلى [ ص: 382 ] حاكم آخر يرى خلافه . والرابع : أن سليمان فعل ذلك حيلة إلى إظهار الحق وظهور الصدق ، فلما أقرت به الكبرى عمل بإقرارها ، وإن كان بعد الحكم كما إذا اعترف المحكوم له بعد الحكم أن الحق هنا لخصمه .

                                                                                                                قوله : ( فقالت الصغرى : لا - يرحمك الله - هو ابنها ) معناه : لا تشقه ، وتم الكلام ، ثم استأنفت فقالت : يرحمك الله هو ابنها ، قال العلماء : ويستحب أن يقال في مثل هذا بالواو فيقال : لا ويرحمك الله .

                                                                                                                قوله : ( السكين والمدية ) أما ( المدية ) بضم الميم وكسرها وفتحها ، سميت به لأنها مدى حياة الحيوان ، والسكين تذكر وتؤنث لغتان ، ويقال أيضا : سكينة لأنها تسكن حركة الحيوان .




                                                                                                                الخدمات العلمية