الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة التاسعة

[ إيلاء العبد ]

وأما إيلاء العبد ، فإن مالكا قال : إيلاء العبد شهران ، على النصف من إيلاء الحر ، قياسا على حدوده وطلاقه . وقال الشافعي وأهل الظاهر : إيلاؤه مثل إيلاء الحر أربعة أشهر تمسكا بالعموم ، والظاهر أن تعلق الأيمان بالحر والعبد سواء ، والإيلاء يمين ، وقياسا أيضا على مدة العنين ; وقال أبو حنيفة : النقص الداخل على الإيلاء معتبر بالنساء لا بالرجال كالعدة ، فإن كانت المرأة حرة كان الإيلاء إيلاء الحر وإن كان الزوج عبدا ، وإن كانت أمة فعلى النصف .

وقياس الإيلاء على الحد غير جيد ، وذلك أن العبد إنما كان حده أقل من حد الحر ، لأن الفاحشة منه أقل قبحا ، ومن الحر أعظم قبحا ، ومدة الإيلاء إنما ضربت جمعا بين التوسعة على الزوج وبين إزالة الضرر عن الزوجة ، فإذا فرضنا مدة أقصر من هذه كان أضيق على الزوج وأنفى للضرر عن الزوجة ، والحر أحق بالتوسعة ونفي الضرر عنه ، فلذلك كان يجب على هذا القياس أن لا ينقص من الإيلاء إلا إذا كان الزوج عبدا والزوجة حرة فقط ، وهذا لم يقل به أحد ، فالواجب التسوية .

والذين قالوا بتأثير الرق في مدة الإيلاء اختلفوا في زوال الرق بعد الإيلاء ، هل ينتقل إلى إيلاء الأحرار أم لا ؟ فقال مالك : لا ينتقل من إيلاء العبيد إلى إيلاء الأحرار . وقال أبو حنيفة : ينتقل ، فعنده أن الأمة إذا عتقت وقد آلى زوجها منها انتقلت إلى إيلاء الأحرار . وقال ابن القاسم : الصغيرة التي لا يجامع مثلها لا إيلاء عليها ، فإن وقع وتمادى حسبت الأربعة الأشهر من يوم بلغت ، وإنما قال ذلك لأنه لا ضرر عليها في ترك الجماع ، وقال أيضا : لا إيلاء على خصي ولا على من لا يقدر على الجماع .

التالي السابق


الخدمات العلمية