الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
، ثم انتقل يتكلم على حكم كفارة القتل خطأ ، وإنها واجبة ومرتبة كما في الآية الكريمة فقال ( وعلى القاتل الحر ) لا العبد لعدم صحة عتقه ( المسلم ) لا الكافر ; لأنه ليس من أهل القرب ( وإن ) كان ( صبيا ، أو مجنونا ) ; لأن الكفارة من خطاب الوضع كعوض المتلفات ( أو ) كان القاتل ( شريكا ) لصبي ، أو مجنون ، أو غيرهما فعلى كل كفارة كاملة ولو كثر الشركاء ( إذا قتل مثله ) خرج المرتد فلا كفارة على قاتله ( معصوما ) خرج الزنديق ، والزاني المحصن فلا كفارة على قاتلهما ( خطأ ) لا عمدا عفي عنه فلا تجب بل تندب كما يأتي [ ص: 287 ] ( عتق رقبة ) مؤمنة مسلمة ( ولعجزها ) أي وعند العجز عنها ( شهران ) أي صوم شهرين متتابعين ( كالظهار ) أي يشترط في الرقبة وصوم الشهرين هنا ما يشترط فيهما في كفارة الظهار ( لا صائلا ) أي لا كفارة على من قتل صائلا عليه بحيث لا يندفع عنه إلا بالقتل ، وإنما نص عليه ، وإن خرج بقوله معصوما خطأ لئلا يتوهم فيه الكفارة لعدم القصاص فيه كالخطإ ( و ) لا ( قاتل نفسه ) خطأ وأولى عمدا لعدم الخطاب بموته ( كديته ) أي من ذكر من الصائل وقاتل نفسه فتسقط ، والأظهر رجوع الضمير لقاتل نفسه خطأ أي فلا دية على عاقلته لورثته ; لأنه المتوهم ( وندبت ) الكفارة للحر المسلم ( في ) قتل ( جنين ورقيق ) لغيره ( وعمد ) لم يقتل به لعفو ، أو لعدم مكافأة ( وعبد ) لنفسه فلا تكرار وفي بعض النسخ بدل عبد ذمي أي عمدا ، أو خطأ وعليها فيعمم في قوله ورقيق ، وهذه النسخة أحسن ( وعليه ) أي على القاتل عمدا البالغ إذا لم يقتل لعفو ، أو لزيادة حرية ، أو إسلام ( مطلقا ) كان القاتل حرا ، أو رقيقا مسلما ، أو كافرا ذكرا ، أو أنثى ( جلد مائة وحبس سنة ) ، ( وإن ) كان قتله العمد ملتبسا ( بقتل مجوسي ، أو ) قتل ( عبده ) وتقدم أن الجارح عمدا يؤدب ولو اقتص منه ( أو نكول المدعي ) بالجر عطف على قتل أي ، وإن كان القتل العمد المدعى به ملتبسا بنكول المدعي عن أيمان القسامة التي توجهت عليه ( على ذي اللوث ) متعلق بالمدعى ( وحلفه ) الواو بمعنى مع أي مع حلف ذي اللوث ، وهو المدعى عليه وأولى مع نكوله ، وإنما خص حلفه بالذكر لكونه داخلا تحت المبالغة وأما إن نكل فلا يتوهم عدم هذا الحكم الذي هو الجلد ، والحبس يعني إن قام له لوث من أولياء المقتول على شخص فادعى به عليه فطلب من المدعي أيمان القسامة فنكل وردها على المدعى عليه فحلفها وأولى إن لم يحلفها فإن المدعى عليه يجلد مائة ويحبس سنة نظرا للوث ( والقسامة ) التي توجب القصاص في العمد ، والدية في الخطأ ( سببها قتل الحر المسلم ) وإن غير بالغ بجرح ، أو ضرب ، أو سم ، أو نحو ذلك لا الرقيق ، والكافر ( في محل اللوث ) بفتح اللام وسكون الواو ، وهو الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بوقوع المدعى به ويسمى اللطخ وفي الحقيقة سببها نفس اللوث أي الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بأنه قتل ، وإضافة محل اللوث للبيان وفي بمعنى لام العلة أي لقيام اللوث وذكر للوث الذي تسبب عنه القسامة خمسة أمثلة ، أولها قوله ( كأن يقول ) شخص ( بالغ ) عاقل ، وإن أنثى لا صبي ، وإن مراهقا [ ص: 288 ] وإن وجبت فيه القسامة بغير قوله ولا مجنون ; إذ لا عبرة بقوله شرعا ( حر مسلم قتلني فلان ) ، أو دمي عند فلان ونحو ذلك ( ولو ) قال قتلني ( خطأ ، أو ) كان القاتل ( مسخوطا ) أي فاسقا ادعاه ( على ورع ) بكسر الراء أي قال قتلني فلان ، وهو ورع فإنه يكون لوثا إن شهد على قوله عدلان واستمر على إقراره فإن رجع عن قوله بأن قال بل فلان آخر ، أو قال ما قتلني بل غيره ، أو لا أدري من الذي قتلني بطل اللوث فلا قسامة ( أو ) ادعى ( ولد على ، والده أنه ) أضجعه و ( ذبحه ) فيقسمون بذلك ويقتل الوالد ( أو زوجة على زوجها ) أي قالت قتلني زوجي فيقسمون ويقتل ، وإنما يقبل قول البالغ المذكور ( إن كان جرح ) به ويسمى التدمية الحمراء وأثر الضرب ، أو السم منزل منزلة الجرح وأما التدمية البيضاء ، فالمشهور عدم قبولها ، فالحاصل أن شروط كون قوله المذكور لوثا ثلاثة الجرح ونحوه ، والتمادي على إقراره وشهادة عدلين عليه وعطف على قوله ما هو في حيز المبالغة فقال ( أو أطلق ) في قوله المذكور أي لم يقيده بعمد ولا خطإ ( وبينوا ) أي ، أولياؤه أنه عمد ، أو خطأ فلهم القسامة على ما بينوا ولهم القصاص في العمد ، والدية في الخطإ ( لا خالفوا ) معطوف على أطلق أي لا إن قيد وخالفوا بأن قال قتلني فلان عمدا وقالوا بل خطأ ، أو العكس فيبطل الدم ولا يصح عطفه على بينوا كما هو ظاهره ; لأنه يصير التقدير لا أطلق وخالفوا مع أنه لا مخالفة مع الإطلاق ( ولا يقبل رجوعهم ) بعد المخالفة لقول الميت ( ولا إن ) أطلق و ( قال بعض ) منهم قتله ( عمدا و ) قال آخر ( بعض ) آخر ( لا نعلم ) هل قتله عمدا ، أو خطأ ولا نعلم من قتله ( أو ) قالوا كلهم قتله عمدا و ( نكلوا ) عن القسامة فيبطل الدم في المسألتين أما في الأولى فلأنهم لا يتفقوا على أن وليهم قتل عمدا حتى يستحقوا القود ولا على من قتله فيقسمون عليه وأما في الثانية فللنكول ( بخلاف ذي الخطإ ) أي بخلاف ما إذا قال بعض خطأ [ ص: 289 ] وبعض لا نعلم ( فله ) أي لمدعي الخطإ ( الحلف ) لجميع أيمان القسامة ( وأخذ نصيبه ) من الدية ولا شيء لمن قال لا نعلم ومثل ذلك ما لو قالوا كلهم خطأ ونكل البعض فلمن حلف نصيبه ولا شيء لمن نكل وأما لو قال بعضهم خطأ وبعضهم عمدا فحكمه ما أشار له بقوله ( وإن اختلفا ) أي البعضان وقد أطلق الميت ( فيهما ) أي في العمد ، والخطإ بأن قال بعض عمدا وبعض خطأ ( واستووا ) في الدرجة كأولاد ، أو إخوة ، أو أعمام ( حلف كل ) أي كل واحد من مدعي العمد ومدعي الخطإ على طبق دعواه على قدر إرثه ( وللجميع دية خطإ ) على عاقلة الجاني ويسقط القتل ( وبطل حق ذي العمد ) أي مدعيه ( بنكول غيرهم ) أي ذي الخطإ فلا قسامة لذي العمد ولا دية ; لأنه لدعواه الدم إنما يحلف تبعا لذي الخطإ ويصيرون حينئذ بمنزلة ما لو ادعى جميعهم الخطأ ونكلوا فتحلف عاقلة الجاني ومن نكل منهم غرم وأشار للمثال الثاني من أمثلة اللوث بقوله ( وكشاهدين بجرح ، أو ضرب ) لحر مسلم أي على معاينة ذلك ( مطلقا ) أي عمدا ، أو خطأ فيقسم الأولياء ويستحقون القود في العمد ، والدية في الخطإ ( أو ) شهدا ( بإقرار المقتول ) بأن فلانا جرحه ، أو ضربه ( عمدا ، أو خطأ ) فيحلف الأولياء ويستحقون القود في العمد ، والدية في الخطإ [ ص: 290 ] فقوله وكشاهدين عطف على قوله كأن يقول بالغ على حذف مضاف أي وكشهادة شاهدين ; لأن الذي من أمثلة اللوث هو قول البالغ وشهادة الشاهدين لا الشاهدان ( ثم يتأخر الموت ) راجع لمسألة الشاهدين بالجرح ، أو الضرب فلو لم يتأخر الموت استحقوا الدم ، أو الدية بغير قسامة لا لمسألة الشهادة بإقرار المقتول بذلك ; لأن فيها القسامة مطلقا تأخر الموت أم لا ، والأولى حذف قوله مطلقا لاستغنائه عنه بقوله عمدا ، أو خطأ وبين كيفية القسامة بقوله ( يقسم ) أي كيفيتها أن يقسم الولي بالله الذي لا إله إلا الله هو ( لمن ضربه ) ، أو جرحه ( مات ) أي بتقديم الجار ، والمجرور لإفادة الحصر وفي معناه إنما مات من ضربه ، أو ما مات إلا من ضربه ، أو جرحه ، وهذا في شهادة الشاهدين بما ذكر وأما في الشاهد الآتي فسكت عنه ; لأنه أخر قوله ، أو بشاهد بذلك عنه وسيأتي كيفية القسامة فيه وأما في المثال الأول ، وهو ما إذا قال قتلني فلان وشهد عدلان على قوله فيحلفون لقد قتله وأشار للمثال الثالث ، وهو مشتمل على ست مسائل بقوله ( أو بشاهد ) واحد ( بذلك ) أي بمعاينة الجرح ، أو الضرب ( مطلقا ) أي عمدا ، أو خطأ فيحلفون خمسين يمينا لقد جرحه ، أو ضربه ولقد مات منه قال ابن عرفة ظاهر كلام ابن رشد ، أو نصه أنهم يحلفون على الجرح ، والموت عنه في كل يمين من الخمسين أي لقد جرحه ، أو ضربه ولقد مات من جرحه ، أو ضربه وظاهره أنهم لا يحلفون قبل الخمسين يمينا واحدة مكملة للنصاب وقيل يحلفون أي يحلف واحد منهم يمينا مكملة وسيأتي ما إذا شهد شاهد على إقرار المقتول بالجرح ، أو الضرب في قوله ، أو بإقرار المقتول عمدا وبها تتم الست مسائل ( إن ثبت الموت ) لا قبله لاحتمال حياته ، وهذا راجع لجميع صور اللوث ويحتمل رجوعه لمسألة الشاهد وأما التي قبلها فذكر فيها ثبوت الموت بقوله ، ثم يتأخر الموت ; إذ معرفة تأخر الشيء فرع ثبوته ( أو ) بشاهد ( بإقرار المقتول ) البالغ بجرح ، أو بضرب ( عمدا ) أي قال جرحني فلان ، أو ضربني عمدا فيكون لوثا يحلف الأولياء معه خمسين يمينا [ ص: 291 ] ولا بد من يمين مكملة للنصاب مع الشاهد أولا وأما لو قال جرحني ، أو ضربني خطأ فلا يكفي الشاهد الواحد ولا بد من الشاهدين كما تقدم ومثل جرحني ، أو ضربني قتلني فيكفي الواحد في العمد دون الخطإ ، والحاصل أن الشاهدين بالإقرار لوث في العمد ، والخطإ وأن الواحد لوث في العمد فقط واعترض على المصنف بأن هذه التفرقة لم يقل بها أحد ، وإنما في المسألة قولان التوقف على الشاهدين مطلقا في العمد ، والخطإ ، أو الاكتفاء بالشاهد مطلقا ( كإقراره ) أي بالقتل وثبت إقراره بشاهدين كما هو عين المثال الأول ( مع شاهد ) بمعاينة القتل ( مطلقا ) أي عمدا ، أو خطأ ، فهو لوث يحلف الأولياء معه خمسين يمينا ولم يستغن عن هذا بالمثال الأول ; لأنه ربما يتوهم أنه في هذا يثبت الدم ، أو الدية بغير قسامة ( أو إقرار القاتل في الخطإ فقط ) بأن قال قتله خطأ ( بشاهد ) أي مع شاهد على معاينة القتل خطأ فلوث فإن لم يكن إلا مجرد إقراره بالخطإ فغير لوث ويؤخذ بإقراره وتكون الدية عليه في ماله دون عاقلته كما تقدم ( وإن اختلف شاهداه ) أي القتل بأن قال أحدهما قتله عمدا وقال الآخر خطأ ، أو قال أحدهما قتله بسيف ، والآخر بعصا ( بطل ) الدم لتناقض الشهادتين ولا يلزمهما بيان صفة القتل ، لكن إن بيناها واختلفا بطلب شهادتهما وأشار للمثال الرابع من أمثلة اللوث بقوله ( وكالعدل ) الواحد ( فقط ) يشهد ( في معاينة القتل ) أي بمعاينته عمدا ، أو خطأ فيقسم الأولياء معه ويستحقون الدم ، أو الدية ، والمرأتان العدلتان كالعدل في هذا وفي سائر ما قلنا أن شهادة الشاهد فيه لوث [ ص: 292 ] وهذا المثال يفهم من قوله ، أو بشاهد بذلك مطلقا بالأولى وأشار للخامس بقوله ( أو رآه ) أي رأى العدل المقتول ( يتشحط ) بالحاء ، والطاء المهملتين أي يتحرك ويضطرب ( في دمه ، والمتهم ) بالقتل ( قربه وعليه ) أي المتهم ( آثاره ) أي الدم أي أمارة القتل وشهد العدل بذلك فلوث ( ووجبت ) القسامة ( وإن تعدد اللوث ) كشهادة عدل بمعاينة القتل مع عدلين على قول المقتول قتلني فلان فلا يكون تعدده موجبا للقصاص ، أو الدية بلا قسامة ( وليس منه ) أي من اللوث ( وجوده ) أي المقتول ( بقرية قوم ) ولو مسلما بقرية كفار ، وهذا إذا كان يخالطهم في غيرهم ، وإلا كان لوثا يوجب القسامة كما في قضية عبد الله بن سهل حيث قتل بخيبر فجعل النبي صلى الله عليه وسلم فيه القسامة لابني عمه حويصة ومحيصة ; لأن خيبر ما كان يخالط اليهود فيها غيرهم ( أو دارهم ) لجواز أن يكون قتله إنسان ورماه فيها ليلوث أهلها به ( ولو ) ( شهد اثنان ) على شخص ( أنه قتل ) آخر ( ودخل في جماعة ) ولم يعرف ( استحلف كل ) منهم ( خمسين ) يمينا لتتناول التهمة كل فرد منهم ( والدية عليهم ) في أموالهم إن حلفوا ، أو نكلوا من غير قسامة على ، أولياء المقتول ( أو على من نكل ) دون من حلف إن حلف بعضهم ( بلا قسامة ) على الأولياء ; لأن البينة شهدت بالقتل وفهم من قوله ، والدية عليهم أنهما شهدا بالقتل عمدا فلو شهدا بالخطإ لكانت على عواقلهم ومفهوم اثنان أنه لو شهد واحد لم يكن الحكم كذلك ، والحكم أنهم يقسمون خمسين يمينا أن واحدا من هؤلاء الجماعة قتله ويستحقون الدية على الجميع ولا ينافي هذا ما يأتي أن القسامة إنما تكون على واحد تعين لها ; لأن ذلك بالنسبة للقتل ، وهذا بالنسبة للدية ( وإن انفصلت بغاة ) أي جماعة بغى بعضهم على بعض لعداوة بينهم ، وإن كانوا تحت طاعة الإمام ( عن قتلى [ ص: 293 ] ولم يعلم القاتل ، فهل لا قسامة ولا قود ) فيكون هدرا ( مطلقا ) أي سواء قال المقتول قتلني فلان أم لا قام له شاهد من البغاة أم لا ; إذ لو كان من غيرهم لكان لوثا بلا خلاف كما في النقل ، وهو قول الإمام في المدونة ( أو ) لا قسامة ولا قود ( إن تجرد ) القتل ( عن تدمية و ) عن ( شاهد ) وأما لو قال دمي عند فلان ، أو شهد بالقتل شاهد ، فالقسامة ، والقود وبه فسر ابن القاسم قول الإمام في العتبية ( أو ) لا قسامة إن تجرد قوله ( عن الشاهد فقط ) بل مجرد قوله قتلني فلان ، وكذا إذا لم يكن إلا مجرد قول الولاة بالأولى وعليه فلو قام شاهد بمعاينة القتل من الطائفتين لكان لوثا يوجب القسامة ، والقود ، وهو تأويل بعض الأشياخ للمدونة ( تأويلات ) ثلاثة المذهب الأول ولكن رجح بعضهم الثاني ومفهوم لم يعلم القاتل أنه لو علم ببينة لاقتص منه ، وهو كذلك ( وإن تأولوا ) أي الجماعة الطائفتان بأن قام لكل شبهة تقتضي جواز المقاتلة ( فهدر ) أي ، فالمقتول من كل طائفة هدر ولو تأولت إحدى الطائفتين فدم المتأولة قصاص ، والأخرى هدر وأولى ظالمة زحفت على غيرها فدفعوا عن أنفسهم فدم الزاحفة هدر ودم الدامغة قصاص كما أشار له بقوله ( كزاحفة ) ظلما ( على دافعة ) عن نفسها .

التالي السابق


( قوله : لعدم صحة عتقه ) أي ; لأنه لا ولاء له ، وهذا التعليل قاصر على عدم تكفيره بالعتق ولا مانع من تكفيره بالصوم كالظهار وفي كلام ابن عبد السلام ما يفيد أنه يكفر بالصوم كالظهار انظر بن ( قوله ; لأن الكفارة ) أي ; لأن الخطاب بالكفارة إلخ ( قوله : من خطاب الوضع ) أي جعل الشيء سببا ، فالشارع جعل القتل خطأ سببها ولو من صبي ، أو مجنون ، والوجوب على الولي واعترضه في التوضيح بأن جعل الصوم أحد قسميها يقتضي أنها من باب خطاب التكاليف لاشتراط التكليف في الصوم إلا أن يقال إنها من خطاب الوضع بالنسبة للقسم المالي فيعتق عنه وليه فإن عجز أخر الصوم لبلوغه انظر بن ( قوله : كعوض المتلفات ) أي ; لأنها كعوض المتلفات لكونها عوضا عن النفس ( قوله : أو كان القاتل شريكا لصبي إلخ ) بل لو كان القاتل صبيين ، أو مجنونين لوجب على كل منهما كفارة كاملة .

( قوله : فعلى كل كفارة كاملة ) أي ; لأنها لا تتبعض ( قوله إذا قتل مثله ) لا حاجة للجمع بين قاتل وقتل فكان الأولى أن يقول وعلى الحر إذا قتل ، أو وعلى القاتل الحر لمثله ويكون لمثله معمولا للقاتل ( قوله : خرج المرتد ) أي ; لأن المراد بقوله مثله أي في الحرية ، والإسلام فقوله خرج المرتد أي ، وكذلك العبد ( قوله : خطأ ) من ذلك كما في ح لو انتبهت المرأة فوجدت ولدها ميتا فيلزمها الكفارة وديته على عاقلتها ; لأنها انقلبت عليه ، وهي نائمة ، ثم ذكر ما يفيد أنهما إذا انتبها فوجداه ميتا بينهما كان هدرا ( قوله لا عمدا عفي عنه ) إنما لم تجب الكفارة في العمد ووجبت في الخطإ مع أن مقتضى الظاهر العكس ; لأنهم رأوا أن العامد لا تكفيه الكفارة لجنايته ; لأنها أعظم من أن تكفر كما قالوا في اليمين الغموس أيضا فقد ، أوجبوا عليه ضرب مائة وحبس سنة ا هـ بن [ ص: 287 ] قوله : عتق رقبة ) مبتدأ خبره على القاتل .

( قوله : كالظهار ) أي حالة كون الرقبة ، والشهرين كالظهار أي حالة كون حالهما هنا كحالهما في الظهار ( قوله ما يشترط فيهما في كفارة الظهار ) أي من إسلام الرقبة وسلامتها من العيوب وخلوها عن شوائب الحرية وتتابع الصوم إلى آخر ما ذكر في الظهار ( قوله : لا صائلا ) عطف على معصوما أي لا تجب الكفارة على من قتل صائلا عليه أي قاصدا الوثوب عليه ولو لأخذ ماله ( قوله : ولا قاتل نفسه ) أي لا تجب الكفارة على قاتل نفسه بحيث تخرج الكفارة من تركته ( قوله : لعدم الخطاب ) أي بها بسبب موته ( قوله : كديته ) أي كما تجب ديته ( قوله فلا دية على عاقلته ) أي ; لأنه لا يؤدي عقل نفسه فكذا غيره لا يعقل عنه ( قوله : لأنه المتوهم ) أي بخلاف الصائل وقاتل نفسه عمدا فإن كلا منهما مقتول عمدا ولا دية في العمد ( قوله : ورقيق ) أي وندبت الكفارة للحر المسلم في قتله رقيقا مملوكا لغيره وفي قتله لشخص عمدا ( قوله : لم يقتل به ) أي وأما إذا قتل به فلا كفارة .

( قوله : ذمي ) أي وندبت الكفارة للحر المسلم في قتله ذميا ( قوله : فيعم في قوله ورقيق ) أي بحيث يقال تندب الكفارة للحر في المسلم في قتله رقيقا سواء كان مملوكا لغيره ، أو مملوكا له .

( قوله : أحسن ) أي لإفادتها حكما زائدا على النسخة الأولى ، وهو ندب الكفارة في قتل الذمي ( قوله : جلد مائة وحبس سنة ) أي من غير تغريب كما في الزنا واختلف في المقدم منهما فقيل الجلد وقيل الحبس ولم يشطروها بالرق ; لأنها عقوبة ، والرق ، والحر فيها سواء ا هـ بن ( قوله : أن الجارح عمدا يؤدب ) أي ، وإن اقتص منه ، أو أخذت منه الدية في المتالف ( قوله : على ذي اللوث ) أي على القاتل الذي قام عليه اللوث بأن شهد عليه بالقتل واحد مثلا ( قوله : لكونه داخلا تحت المبالغة ) أي لكونه من المبالغ عليه ، والمبالغ عليه إنما يكون متوهما ، والمدعى عليه إذا حلف ربما يتوهم عدم ضربه وعدم حبسه وأما إذا نكل فلا يتوهم فيه عدم ذلك بل يجزم فيه بالحكم المذكور .

( قوله وأولى إن لم يحلفها ) سيأتي للمصنف أن المدعى عليه بالقتل إذا ردت عليه أيمان القسامة ولم يحلفها لا يقتل بل يحبس حتى يحلفها ( قوله : والقسامة سببها قتل الحر إلخ ) من إضافة المصدر لمفعوله أي سببها أن يقتل القاتل الحر المسلم فلا قسامة في جرح ولا في قتل عبد ولا كافر ( قوله : بجرح ) أي لا خصوص جز الرقبة ( قوله : وهو الأمر الذي ينشأ عنه إلخ ) هذا التعريف في التوضيح واعترض بأنه غير مانع لصدقة بالبينة وقد يجاب بأن قرينة السياق تخرجها ; إذ لا تحتاج لأيمان معها ، فالمراد غير البينة على أن مذهب المتقدمين جواز التعريف بالأعم ( قوله : وفي بمعنى لام العلة ) فيه نظر ; لأن الذي يقتل لقيام اللوث القاتل وكلامنا في قتل المقتول ، فالأولى جعل في بمعنى مع أي سببها قتل الحر المسلم المصاحب للوث أي الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي بالقتل .

( قوله خمسة أمثلة ) أولها قول المدمى البالغ العاقل الحر المسلم دمي عند فلان مع وجود الجرح ، أو أثر الضرب ومثله [ ص: 288 ] وقوله قتلني فلان الثاني شهادة عدلين على معاينة الضرب ، أو الجرح ، أو على إقرار المدمى بأن فلانا ضربه ، أو جرحه مع وجود الجرح ، أو أثر الضرب الثالث شهادة واحد على معاينة الجرح ، أو الضرب الرابع شهادة واحد على معاينة القتل الخامس أن يوجد القتيل وبقربه شخص عليه أثر القتل .

( قوله : وإن وجبت فيه ) أي في الصبي أي في قتله وقوله بغير قوله أي كمعاينة شاهد للجرح ، أو الضرب ، أو القتل ( قوله حر مسلم ) إنما أتي بذلك مع أنه يغني عنه قوله سببها قتل الحر المسلم ; لأنه لا يلزمه من كون المقتول حرا مسلما حين القتل أن يكون كذلك حين القول مع أنه لا بد منه وقوله حر أي وأما العبد فلا يقبل قوله ; لأنه ليس من أهل الشهادة كالصبي ، والمجنون ، والكافر وأما المسخوط ، والمرأة ، فهما من أهلها في الجملة فلذا قبل قولهما ( قوله : عند فلان ) سواء كان فلان هذا حرا ، أو عبدا بالغا ، أو صبيا ذكرا ، أو أنثى عدلا ، أو مسخوطا مسلما ، أو كافرا .

( قوله ولو قال قتلني خطأ ) أي هذا إذا قال قتلني عمدا بل ولو قال قتلني خطأ قال في المقدمات إن قال قتلني خطأ ففي ذلك روايتان عن مالك إحداهما أن قوله يقبل ويكون معه القسامة ولا يتهم ، وهذه أشهر ، والثانية لا يقبل قوله ; لأنه يتهم على أنه أراد إغناء ورثته ، فهو شبيه بقوله عند الموت لي عند فلان كذا ، وكذا ، وهذه الرواية أظهر في القياس وقد أشار المصنف لردها بلو انظر بن ( قوله : واستمر على إقراره ) أي للموت .

( قوله : أو ادعى ولد على والده أنه أضجعه إلخ ) أي ادعى الولد على أبيه أن دمه عنده أضجعه وذبحه ، أو دمه عند أبيه رماه بحجر ، أو بحديدة ( قوله ويقتل الوالد ) أي في الصورة الأولى وتجب الدية مغلظة في الثانية .

( قوله : إن كان جرح به ) قد ألغى كثير من أهل العلم العمل بالتدمية الحمراء ورأوا أن قول المقتول دمي عند فلان دعوى من المقتول ، والناس لا يعطون بدعواهم ، والأيمان لا تثبت الدعاوى ، وإنما تردها من المنكر ورأى علماؤنا أن الشخص عند موته لا يتجاسر على الكذب في سفك الدم كيف ، وهو الوقت الذي يندم فيه النادم ويقلع فيه الظالم ومدار الأحكام على غلبة الظن وأيدوا ذلك بكون القسامة خمسين يمينا مغلظة احتياطا في الدماء ولأن الغالب على القاتل إخفاء القتل على البينات فاقتضى الاستحسان ذلك ا هـ ( قوله : وأما التدمية البيضاء ) أي ، وهي التي ليس معها جرح ولا أثر ضرب ، فالمشهور عدم قبولها فإذا قال الميت في حال مرضه وليس به جرح ولا أثر ضرب قتلني فلان ، أو دمي عند فلان فلا يقبل قوله إلا بالبينة على ذلك على المشهور خلافا للسيوري وعبد الحميد الصائغ القائلين بقبول قوله ويكون لوثا يحلف الولاة معه أيمان القسامة ابن عرفة في التدمية البيضاء التي ليس بها أثر ضرب ولا جرح اضطراب وقال المتيطي الذي عليه العمل وبه الحكم قوله ابن القاسم أنه إذا لم يكن به أثر جرح ، أو ضرب لا يقبل قوله قتلني فلان إلا ببينة على ذلك انظر بن .

( قوله : قوله المذكور ) أي دمي عند فلان ، أو قتلني فلان ( قوله : الجرح ) أي وجود الجرح ووجود نحوه ، وهو أثر الضرب ( قوله : أي لا إن قيد وخالفوا ) أي كلهم ، أو بعضهم فإنهم لا يقسمون ويصير الدم هدرا ( قوله : فيبطل الدم ) أي ; لأنه في الصورة الأولى أبرأ العاقلة ، وهم أبرءوا القاتل وفي الثانية عكسه القتيل أبرأ القاتل ، وهم أبرءوا عاقلته ( قوله لقول الميت ) أي بقوله قتلني عمدا ، أو خطأ ( قوله : بخلاف ذي الخطإ ) أي ، والموضوع أن المدمى قال [ ص: 289 ] دمي عند فلان وأطلق فلم يقيد بعمد ولا خطإ ( قوله : وبعض لا نعلم ) أي صفة قتله عمدا ، أو خطأ ومثله أيضا ما إذا قال بعضهم خطأ ، والبعض الآخر قال لا علم لنا بعين قاتله كما في بن عن أبي الحسن ( قوله : ولا شيء لمن قال لا نعلم ) أي لا نعلم صفة قتله ، أو لا نعلم عين قاتله .

( قوله : ونكل البعض إلخ ) أي وحلف البعض الثاني جميع أيمان القسامة ( قوله : ولا شيء لمن نكل ) أي إذا حلفت عاقلة القاتل أيمان القسامة كلها فإن نكل بعضهم دفعت حصته للناكل من أولياء المقتول وأما لو قالوا كلهم خطأ ونكلوا كلهم عن جميع الأيمان ردت على عاقلة القاتل فإن حلفوها كلهم سقطت الدية ، وإن نكل بعضهم دفعت حصته لأولياء المقتول الناكلين ( قوله : أي البعضان ) هذا جواب عما يقال لم ثنى الضمير أولا في قوله اختلفا وجمعه ثانيا في قوله واستووا مع أن مقتضى الظاهر مطابقة الثاني للأول بأن يقال واستويا .

وحاصل الجواب أنه ثناه أولا باعتبار كونهما طائفتين إحداهما تدعي العمد ، والأخرى تدعي الخطأ وجمع ثانيا نظرا لتعدد أفراد كل من الطائفتين كما في قوله تعالى { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } ( قوله : وقد أطلق الميت ) أي ، والحال أن الميت أطلق ( قوله : واستووا ) أي المتخالفان وقوله في الدرجة أي في درجة القرابة للميت ، وإن لم يستو عدد ذي العمد وذي الخطإ وقوله استووا في الدرجة أي وفي كون كل واحد له التكلم كما مثل الشارح ومفهوم قوله استووا في الدرجة أنهم لو اختلفوا في العمد ، والخطإ واختلفت مرتبتهم قربا وبعدا وكان الجميع له التكلم كبنات وأعمام فإن قالت العصبة عمدا ، والبنات خطأ كان الدم هدرا لا قسامة فيه ولا دية ولا قود وذلك ; لأن البنات يدعين الخطأ ولهن الحلف فيه ففي إعمال قول أحدهما تحكم ، وإن قالت العصبة خطأ ، والبنات عمدا حلفت العصبة خمسين يمينا وكان لهم نصيبهم من الدية ولا عبرة بقول البنات ; لأنه لا يحلف في العمد أقل من رجلين عصبة كما يأتي فإن اختلفا في العمد ، والخطإ واستوت درجتهم ولم يكن للجميع التكلم كبنات مع بنين ، فالعبرة بكلام البنين كما أنه لا عبرة بكلام الأعمام مع البنين



( قوله : وبطل حق ذي عمد ) أي في القسامة ، والدية ، والموضوع أنهم مستوون في الدرجة ( قوله : بنكول غيرهم إلخ ) انظر لو حلف بعض مدعي الخطإ ونكل الباقي ، فهل لمدعي العمد الحلف تبعا لحلف بعض مدعي الخطإ أم لا وبالأول جزم الشيخ يوسف الفيشي وتبعه بعضهم وربما يشمله التعليل بالتبعية لحلف ذوي الخطإ فإذا كان مدعو الخطإ اثنين ومدعو العمد اثنين وحلف واحد من مدعي الخطإ كان لمدعي العمد الحلف معه وتأخذ الثلاثة نصف الدية يقسم عليهم فيدخل مدعي العمد في حصة من حلف من مدعي الخطإ ويبطل حقهم في حصة من نكل منهم ( قوله : لأنه لدعواه الدم إنما يحلف ) أي ليأخذ من الدية تبعا لذي الخطإ ، والأوضح ; لأنهم إنما كانوا يأخذون من الدية بطريق التبع لمدعي الخطإ ; لأن من ادعى العمد إنما يدعي الدم فيصيرون إلخ ( قوله فتحلف عاقلة الجاني ) أي جميع أيمان القسامة ( قوله : من نكل منهم غرم ) أي ما ينوبه ويقسم ما غرم الناكل من العاقلة على مدعي العمد ، والخطإ من ورثة المقتول وعلى هذا فقول المصنف وبطل حق ذي العمد أي في القسامة ، والدية المرتبة على قسامتهم كذا ذكر شيخنا ( قوله : لحر مسلم ) أي كما يفيده قول المصنف ، والقسامة سببها قتل الحر المسلم ( قوله : أي على معاينة ذلك ) أي الجرح ، أو الضرب ، وإن لم يكن هناك أثر لهما

( قوله : مطلقا ) حال من جرح وضرب أي حالة كون كل منهما مطلقا عن التقييد بالعمد ، أو الخطإ .

( قوله ، أو بإقرار المقتول ) عطف على جرح أي كشاهدين بجرح ، أو بإقرار المقتول أي على إقراره بأن فلانا جرحه ، أو ضربه أي ، والحال أن أثره موجود ، وإلا لم يعمل بشهادتهما على إقراره واعلم أن هذا غير مكرر مع قوله بأن يقول بالغ إلخ ; لأن ما تقدم شهدت البينة على قول المدعي قتلني فلان وكان هناك جرح ، أو أثر ضرب موجود وما [ ص: 290 ] هنا شهدت البينة على قوله أن فلانا جرحني ، أو ضربني ، والحال أن أثر ذلك موجود فما تقدم شهادة على إقرار المقتول بالقتل وما هنا شهادة على إقراره بالجرح ، أو بالضرب ( قوله فقوله إلخ ) مفرع على قوله وأشار للمثال الثاني إلخ ( قوله راجع لمسألة الشاهدين ) أي أنه راجع لقوله وكشاهدين شهدا على معاينة الجرح ، أو الضرب ( قوله : لا لمسألة الشهادة بإقرار المقتول بذلك ) أي بالجرح ، أو بالضرب المشار لهما بقول المصنف ، أو شهدا بإقرار المقتول بأن فلانا جرحه ، أو ضربه .

( قوله : وهذا في شهادة الشاهدين ) أي على معاينة الضرب ، أو الجرح أما شهادتهما على إقرار المجني عليه فيحلفون لقد ضربه ولمن ضربه مات إن شهدا على إقراره بالضرب ، أو لقد جرحه ولمن جرحه مات إن شهدا على إقراره بالجرح ( قوله : وأما في الشاهد ) أي وأما كيفية القسامة في مثال ما إذا كان اللوث شاهدا واحدا شهد بمعاينة القتل ( قوله : لأنه أخر قوله ، أو بشاهد بذلك عنه ) أي عن قوله يقسم لمن ضربه مات ، وهذا علة لسكوته عنه ( قوله : وأما في المثال الأول ) أي وأما كيفية القسامة في المثال الأول ( قوله : فيحلفون لقد قتله ) أي بأن يقول الولي أقسم بالله لقد قتله فلان ( قوله مشتمل على ست مسائل ) أي ; لأن الشاهد الواحد إما أن يشهد على معاينة الجرح ، أو الضرب ، أو على إقرار المقتول بالجرح ، أو الضرب ، فهذه أربعة ، وإما أن يشهد على معاينة القتل مع إقرار المقتول بالقتل وشهادة الشاهدين على إقراره ، وإما أن يشهد على معاينة القتل خطأ مع إقرار القاتل بالقتل خطأ ( قوله : أو بشاهد ) عطف على قوله وكشاهدين ، والباء زائدة وكان الأولى حذفه ( قوله : أي عمدا ، أو خطأ ) أي سواء كان المجروح ، أو المضروب بالغا أم لا تأخر الموت أم لا ( قوله : إنهم يحلفون على الجرح ، والموت عنه في كل يمين ) هذا بناء على أن اليمين المكملة تجمع مع أيمان القسامة ، وهو المشهور كما في المج ( قوله : مكملة للنصاب ) أي نصاب الشهادة التي جعلت لوثا وقوله أنهم لا يحلفون قبل الخمسين يمينا مكملة أي بل تجمع المكملة مع أيمان القسامة ولا تفرد فيحلفون خمسين يمينا فقط لقد ضربه ولمن ضربه مات ، أو لقد جرحه ولمن جرحه مات فقوله لقد ضربه ، أو لقد جرحه ناظر لليمين المكملة للنصاب وقوله ولمن ضربه ، أو جرحه مات ناظر ليمين القسامة فقوله أي يحلف واحد منهم يمينا مكملة أي فيقول فيها بالله الذي لا إله إلا هو لقد ضربه ، أو جرحه وأيمان القسامة بعدها بالله الذي لا إله إلا هو لمن ضربه ، أو لمن جرحه قد مات انظر بن وانظر على هذا القول أي فرق بين ما هنا حيث قيل إن اليمين المكملة يحلفها واحد وما تقدم من أنه إذا ادعى ورثة ميت على شخص بدين لمورثهم وشهد به شاهد واحد فلا يأخذ واحد حقه إلا إذا حلف فتأمل ( قوله إن ثبت الموت ) أي ، وإنما تكون القسامة إن ثبت الموت في جميع صور اللوث وقوله لا قبله أي لا تكون القسامة قبله أي قبل ثبوت الموت ( قوله : وأما التي قبلها ) أي ، وهي قوله وكشاهدين بجرح ، أو ضرب مطلقا إلخ ( قوله : أو بشاهد بإقرار المقتول البالغ ) أي أن شهادة الشاهد على إقرار المقتول أن فلانا ضربه ، أو جرحه عمدا إنما تكون لوثا إذا كان المقر بالضرب ، أو بالجرح بالغا بخلاف شهادة الشاهد على معاينة الضرب ، أو الجرح فإنها لوث مطلقا كان المقتول بالغا أم لا كما مر [ ص: 291 ] قوله : ولا بد من يمين مكملة للنصاب مع الشاهد أولا ) أي قبل أيمان القسامة ظاهره أن اليمين المكملة تفرد عن أيمان القسامة ، وهو أحد قولين وقيل إنما يحلفون خمسين يمينا يجمع معها اليمين المكملة ، وهو المشهور كما مر ( قوله : ولا بد من الشاهدين ) ، والفرق بين العمد ، والخطإ حيث كانت شهادة الواحد على الإقرار بالجرح عمدا لوثا دون شهادته على الإقرار به خطأ أن قول الميت في الخطإ جار مجرى الشهادة ; لأنه شاهد على العاقلة ، والشاهد لا ينقل عنه إلا اثنان بخلاف العمد فإن المنقول عنه ، وهو المقر إنما يطلب ثبوت الحكم لنفسه ، وهو القصاص فلم يكن شاهدا على العاقلة فصح أن ينقل عنه واحد ( قوله : والحاصل أن الشاهدين بالإقرار ) أي على الإقرار أنه جرحه ، أو ضربه ، أو قتله ( قوله : وأن الواحد ) أي وأن الشاهد الواحد على الإقرار بأنه جرحه ، أو ضربه ، أو قتله ( قوله : مطلقا في العمد ، والخطإ ) أي وشهادة الواحد على الإقرار بالضرب ، أو الجرح لا تكفي لا في العمد ولا في الخطإ ( قوله : أو الاكتفاء بالشاهد ) أي بشهادة الشاهد على إقرار الميت بالضرب ، أو الجرح وقوله مطلقا أي في العمد ، والخطإ ( قوله : كإقراره مع شاهد مطلقا ) يعني أن المقتول إذا قال قتلني فلان عمدا ، أو خطأ وشهد على إقراره عدلان وشهد مع هذا الإقرار شاهد على معاينة القتل فإن ذلك يكون لوثا يحلف الولاة معه خمسين يمينا ويستحقون القود في العمد ، والدية في الخطإ ( قوله : وثبت إقراره بشاهدين ) أي ، أو بشاهد واحد على الظاهر ; لأن شهادة واحد على معاينة القتل لوث كما سيأتي وانضم لذلك شهادة واحد على الإقرار خلافا لعبق .

( قوله : ولم يستغن هذا بالمثال الأول ) ، وهو أن يقول المقتول قتلني فلان وشهد على قوله عدلان ; لأنه إذا كان هذا بمجرده لوثا فأولى إذا انضم له شاهد على معاينة القتل ( قوله ، أو إقرار القاتل في الخطإ فقط بشاهد ) حاصله أنه إذا أقر القاتل أنه قتل خطأ وشهد شاهد على معاينة القتل الخطإ كان ذلك لوثا يحلف ولاة الدم معه خمسين يمينا ويستحقون الدية وقد يقال لا حاجة لذكر هذا الفرع للاستغناء عنه بقوله سابقا ، أو بشاهد بذلك مطلقا ; لأنه إذا كان شهادة الواحد بمعاينة الجرح ، أو الضرب لوثا فأولى شهادته بمعاينة القتل وقد انضم لذلك إقرار القاتل إلا أن يقال نص عليه دفعا لتوهم أن أخذ الدية هنا لا يحتاج لقسامة واحترز بقوله في الخطإ عما لو أقر القاتل بالقتل عمدا فإن استمر على إقراره ، أو رجع عنه وشهد عليه بذلك الإقرار عدلان فإنه يقتل من غير قسامة ، وإن رجع عنه وشهد عليه به واحد ، فهو لوث كما في ابن غازي ( قوله وتكون الدية عليه في ماله ) أي ; لأن العاقلة لا تحمل عبدا ولا عمدا ولا اعترافا ( قوله : وإن اختلف شاهداه ) أي اختلف الشاهدان بمعاينته في صفته ( قوله بطل الدم ) أي سواء تأخر موته المختلف في صفته عن ضربه ، أو مات بفوره فليس للأولياء أن يقسموا على شهادة أحدهما لتعارض الشهادتين فلما تعارضتا سقطتا .

( قوله : وكالعدل الواحد ) أي من غير إقرار المقتول ، وإلا كان تكرارا مع قوله كإقراره مع شاهد مطلقا ; لأن موضوعه أنه قال قتلني فلان وشهد واحد على معاينة القتل بخلاف ما هنا فإنه وإن شهد عدل على معاينة القتل إلا أن المقتول لم يقل قتلني فلان ( قوله : فيقسم الأولياء ) أي ما لم يقل الشاهد أنه قتله غيلة ، وإلا فلا يقسمون معه ; لأنها لا يقبل فيها إلا عدلان على المعتمد ولا يكفي العدل ، والقسامة بخلاف العمد الذي ليس بغيلة فإنه يكفي فيه ما ذكر ( قوله ويستحقون الدم ) أي في العمد وقوله ، أو الدية أي في الخطإ [ ص: 292 ] قوله : وهذا المثال يفهم من قوله ، أو بشاهد بذلك مطلقا بالأولى ) ; لأنه إذا كانت شهادة العدل على معاينة الضرب ، أو الجرح لوثا فأولى شهادته على معاينة القتل وقد يقال لما كان ربما يتوهم أن شهادة العدل بمعاينة القتل ليست لوثا وأنه إنما يحلف الولي مع ذلك الشاهد يمينا واحدة لتكملة الشهادة ويستحق الدم ، أو الدية بخلاف شهادته بمعاينة الجرح ، أو الضرب تعرض لذكر الحكم في هذا الفرع دفعا للتوهم .

( قوله : أي رأى العدل المقتول ) أي رآه ببصره فرأى هنا بصرية تتعدى لمفعول واحد وحينئذ فجملة يتشحط حال وأشار الشارح إلى أن فاعل رأى ضمير العدل ولا خصوصية للعدل بذلك بل كذلك إذا رآه على هذه الحالة عدلان ، أو أكثر ; إذ ليس الموجب للقسامة انفراد العدل كما توهمه عبارة المصنف بل قوة التهمة وعدم التحقق كما يفيده ابن عرفة ا هـ بن ( قوله ، والمتهم قربه ) أي ، أو خارجا من مكان المقتول ولم يوجد فيه غيره ، ثم إنه لا مفهوم لقوله يتشحط ولا للجمع في قوله آثاره بل متى رآه العدل بقرب المقتول وعليه أثر القتل كان لوثا ( قوله : ووجبت إلخ ) المراد بالوجوب أن الأولياء إذا أرادوا القصاص ، أو الدية فلا يمكنون إلا بالقسامة أما إذا أرادوا الترك فلا يكلفون أيمانها وأن في كلام المصنف لدفع التوهم لا لرد قول ; لأن وجوب القسامة عند تعدد اللوث متفق عليه ، ثم إن قول المصنف ووجبت ، وإن تعدد اللوث يستغني عنه بما مر من قوله كإقراره مع شاهد مطلقا ; لأن المعنى كما مر إقراره بالقتل وثبت الإقرار بشاهدين مع معاينة شاهد على القتل ولا شك في تعدد اللوث في ذلك إلا أن يقال القصد مما مر إفادة أن اجتماع الأمرين لوث ، والقصد مما هنا إفادة أن تعدد اللوث لا يغني عن القسامة كذا قيل وفيه نظر فتأمل .

( قوله : وهذا ) أي كون وجود القتيل بقربة قوم سواء كانوا مسلمين ، أو كفارا ليس لوثا إذا كانوا إلخ ( قوله : فجعل النبي صلى الله عليه وسلم فيه القسامة لابني عمه ) أي فنكلا عن أيمانها فوداه النبي صلى الله عليه وسلم من عنده وقوله حويصة ومحيصة كل منها مصغر بحاء مهملة وصاد كذلك وياء مشددة على الأشهر وقد تخفف كذا في شرح الموطإ ( قوله : لجواز إلخ ) أي ولأن الغالب أن من قتله لا يدعه في مكان يتهم هو به وليس الموت في الزحمة لوثا يوجب القسامة بل هو هدر وعند الشافعي يجب فيه القسامة ، والدية على جميع الناس بذلك الموضع ( قوله : كل منهم ) أي من الجماعة الذين دخل فيهم القاتل ( قوله : لتناول التهمة كل فرد منهم ) أي ويمين الدم لا تكون إلا خمسين ( قوله : والدية عليهم إلخ ) إنما كان الغرم على جميعهم للقطع بكذب أحدهم ، وهو غير معين ( قوله : أو على من نكل إلخ ) يعني أنه لو حلف بعضهم ونكل الباقون فالدية بتمامها على من نكل بلا قسامة من ، أولياء المقتول ( قوله : لكانت على عواقلهم ) أي إن حلفوا كلهم ، أو نكلوا كلهم فإن حلف بعض الدية على عاقلة من نكل ( قوله : أنه لو شهد واحد ) أي على شخص أنه قتل عمدا ، أو خطأ ودخل في جماعة ( قوله : والحكم أنهم ) أي ، أولياء المقتول ( قوله : ويستحقون الدية على الجميع ) أي بعد حلفهم كلهم ، أو نكولهم كلهم ، وإلا فعلى الناكل كما سبق في الشاهدين انظر بن ( قوله : وإن كانوا تحت طاعة الإمام ) أي هذا إذا كانوا خارجين عن طاعة الإمام بل ، وإن كانوا تحت طاعته ( قوله عن قتلى ) أي من الطائفتين ، أو من إحداهما [ ص: 293 ] أو من غيرهما ( قوله : ولم يعلم ) أي بشهادة عدلين القاتل لهم من الفريقين ( قوله : فيكون هدرا ) نحوه في عبق وخش ونقله بعضهم عن أبي الحسن في شرح الرسالة ونقله طفى عن الفاكهاني واعترضه طفى قائلا لم أر من صرح به من أهل المذهب ممن يعتمد عليه والذي حمل عليه عياض والأبي قول المدونة لا قسامة ولا قود في قتيل الصفين أنه فيه الدية على الفئة التي نازعته ، وإن كان من غير الفئتين فديته عليهما فقول المصنف ، فهل لا قسامة ولا قود يعني وتكون الدية على الفئة التي نازعته كما حملت على المدونة على ذلك لا أنه هدر ا هـ بن .

( قوله ; إذ لو كان ) أي الشاهد من غيرهم ، وهذا تعليل لتقييد الشاهد بكونه من البغاة ( قوله : وهو قول الإمام ) أي القول بأنه لا قسامة ولا قود هو قول الإمام في المدونة وقد علمت أنه محتمل لكون المقتول هدرا ، أو فيه الدية ( قوله ، أو لا قسامة ولا قود إن تجرد عن تدمية وشاهد ) هذا القول هو الذي رجع إليه ابن القاسم كما صرح به ابن رشد ، وهو قول الأخوين وأصبغ وأشهب وتأويل الأكثر فكان ينبغي للمصنف الاقتصار عليه ا هـ بن ( قوله ، أو شهد بالقتل شاهد ) قيده في البيان بكونه من الطائفتين أما إن كان من غيرهما ، فهو لوث بلا خلاف انظر بن ومفهوم شاهد أنه لو شهد بمعاينة القتل شاهدان ، فالقود بلا خلاف ( قوله : المذهب الأول ) فيه نظر بل المذهب الثاني لا الأول كما قال بن وقال شيخنا أنه هو المفتى به ( قوله : تقتضي جواز المقاتلة ) أي تقتضي جواز مقاتلتها للأخرى ككونها أخذت مالها وأولادها ونحو ذلك ( قوله : والأخرى هدر ) أي ودم الأخرى ، وهي غير المتأولة هدر .

( قوله : كزاحفة على دافعة ) الكاف للتشبيه ; لأن ظاهر قوله تأولوا أن التأويل من الفريقين كما حمل الشارح وتقدير كلامه كإهدار دماء طائفة ، أو جماعة زاحفة باغية على دافعة فقوله على دافعة متعلق بمحذوف ، وهو باغية كما قررنا ( قوله : فدم الزاحفة هدر ودم الدافعة قصاص ) انظر لو قتل أحد من الجماعة الدافعة هل يقتل به جميع الجماعة الباغية ; لأنهم متمالئون ، وهو الظاهر أم لا ا هـ بن




الخدمات العلمية