الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والوكيل بقضاء الدين ) من ماله أو مال موكله ( لا يجبر عليه ) إذا لم يكن للموكل على الوكيل دين وهي واقعة الفتوى كما بسطه العمادي واعتمده المصنف .

قال : ومفاده أن الوكيل ببيع عين من الموكل لوفاء دينه لا يجبر عليه كما لا يجبر الوكيل بنحو طلاق ولو بطلبها على المعتمد وعتق وهبة من فلان وبيع منه [ ص: 527 ] لكونه متبرعا إلا في مسائل : إذا وكله بدفع عين ثم غاب ، أو ببيع رهن شرط فيه أو بعده في الأصح ، أو بخصومة بطلب المدعي وغاب المدعى عليه أشباه خلافا لما أفتى به قارئ الهداية .

قلت : وظاهر الأشباه أن الوكيل بالأجر يجبر فتدبر ، ولا تنس مسألة واقعة الفتوى وراجع تنوير البصائر فلعله أوفى .

وفي فروق الأشباه : التوكيل بغير رضا الخصم لا يجوز عند الإمام إلا أن يكون الموكل حاضرا بنفسه أو مسافرا أو مريضا أو مخدرة .

التالي السابق


( قوله أو مال موكله ) كذا استنبطه العمادي من مسألة ذكرها عن الخانية ولكن ذكر قبله عنها أنه لو كتب في آخر الكتاب أنه يخاصم ويخاصم ثم ادعى قوم قبل الموكل الغائب مالا فأقر الوكيل بالوكالة وأنكر المال فأحضروا الشهود على الموكل لا يكون لهم أن يحبسوا الوكيل ; لأنه جزاء الظلم ولم يظهر ظلمه ، إذ ليس في هذه الشهادة أمر بأداء المال ولا ضمان الوكيل على الموكل ، فإذا لم يجب على الوكيل أداء المال من مال الموكل بأمر موكله ولا بالضمان عن موكله لا يكون الوكيل ظالما بالامتناع ا هـ ملخصا .

ومفاده أنه لو ثبت أمر موكله أو كفالته عنه يؤمر بالأداء ، وعليه يحمل كلام قارئ الهداية تأمل .

ثم رأيته في حاشية المنح حيث قال : أقول كلام الخانية صريح فيما أفتى به قارئ الهداية فإنه صريح في وجوب أداء المال بأحد شيئين : إما أمر الموكل أو الضمان فليكن المعول عليه فليتأمل ا هـ .

ثم قال موفقا بين عبارة الخانية السابقة الثانية القائلة : وإن لم يكن له دين على الوكيل لا يجبر وبين عبارة الفوائد لابن نجيم القائلة لا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه إلا في مسائل إلخ ما نصه : أقول الذي ذكره في الفوائد مطلق عن قيد كونه من ماله أو من مال موكله أو من دين عليه .

والفرع الأخير المنقول عن الخانية مقيد بما إذا لم يكن عليه دين ، وما قبله بما إذا لم يكن له مال تحت يده .

وأنت إذا تأملت وجدت المسألة ثلاثية : إما أن يوجد آمره ولا مال له تحت يده ولا دين أو له واحد منهما ، والظاهر أن الوديعة مثل الدين لصحة التوكيل بقبضها كهو ، فيحمل الدين في الفرع الثاني على مطلق المال حتى لا يخالف كلامه في الفرع الأول كلامه في الفرع الثاني لصحة وجهه ، ويحمل كلامه في الفوائد على عدم وجود واحد منهما فيحصل التوفيق فلا مخالفة فتأمل ا هـ .

وحاصله أنه لا يجبر إذا لم يكن له عند الوكيل مال ولا دين ، وعليك بالتأمل في هذا التوفيق ( قوله لا يجبر عليه ) لو قال : ولا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه إلا في مسائل وهي الثلاثة الآتية لكان أولى لئلا يختص بما ذكر في المتن كما في الأشباه كذا في الهامش ( قوله لا يجبر عليه ) أي على البيع ( قوله على المعتمد ) [ ص: 527 ] وسيأتي في باب عزل الوكيل ( قوله لكونه متبرعا ) علة لقوله لا يجبر ( قوله بدفع عين ثم غاب ) لاحتمال أنها له فيجب دفعها له نور العين ( قوله أو ببيع رهن شرط فيه إلخ ) أي سواء شرط في عقد الرهن التوكيل بالبيع أو بعده .

قال في نور العين : لو لم يشرط التوكيل في البيع في عقد الرهن وشرط بعده ، قيل لا يجب ، وقيل يجب وهذا أصح ا هـ ( قوله بطلب المدعي ) سنذكر بيانه في باب عزل الوكيل ، وأشار إلى أن المراد بوكيل الخصومة وكيل المدعى عليه ، فقول الدرر : وكيل خصومة لو أبى عنها لا يجبر عليها ; لأنه وعد أن يتبرع ينبغي أن يخص بوكيل المدعي كما يفهم مما هنا كما نبه عليه في نور العين ، ويبعده قوله إذا غاب المدعي فالأحسن ما سنذكره بعد ( قوله خلافا لما أفتى به قارئ الهداية ) مرتبط بالمتن فإنه سئل هل يحبس الوكيل في دين وجب على موكله إذا كان للموكل مال تحت يده : أي يد وكيله وامتنع الوكيل عن إعطائه سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا .

فأجاب إنما يجبر على دفع ما ثبت على موكله من الدين إذا ثبت أن الموكل أمر الوكيل بدفع الدين أو كان كفيلا وإلا فلا يحبس ا هـ ح كذا في الهامش ( قوله وظاهر الأشباه ) حيث قال : ولا يجبر الوكيل بغير أجر على تقاضي الثمن وإنما يحيل الموكل ح .

ويستفاد هذا من قول الشارح لكونه متبرعا قبل الاستثناء .

قال في الهامش : ولا يحبس الوكيل بدين موكله ولو كانت عامة إلا أن يضمن ، وتمامه في وكالة الأشباه ( قوله واقعة الفتوى ) أي : السابقة آنفا ، وهي ما إذا وكله بقضاء الدين مما له عليه فتصير المستثنيات خمسة تضم الوكيل بالأجر ( قوله وفي فروق الأشباه ) تقدمت أول كتاب الوكالة ( قوله حاضرا بنفسه ) انظر ما معنى هذا فإنا لم نر من ذكره بل المذكور تعذر حضوره شرط ، ولم أر هذه العبارة في فروق الأشباه فراجعها .




الخدمات العلمية