الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فهذه كانت سيرة العلماء وعادتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقلة مبالاتهم بسطوة السلاطين لكنهم اتكلوا على فضل الله تعالى أن يحرسهم ورضوا بحكم الله تعالى أن يرزقهم الشهادة فلما أخلصوا لله النية أثر كلامهم في القلوب القاسية فلينها وأزال قساوتها .

وأما الآن فقد قيدت الأطماع ألسن العلماء فسكتوا وإن تكلموا لم تساعد أقوالهم أحوالهم فلم ينجحوا ولو صدقوا ، وقصدوا حق العلم لأفلحوا .

وأما الآن فقد قيدت الأطماع ألسن العلماء فسكتوا وإن تكلموا لم تساعد أقوالهم أحوالهم فلم ينجحوا ولو صدقوا ، وقصدوا حق العلم لأفلحوا .

ففساد الرعايا بفساد الملوك وفساد الملوك بفساد العلماء وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه ومن استولى عليه حب الدنيا لم يقدر على الحسبة على الأراذل فكيف على الملوك والأكابر ، والله المستعان على كل حال .

تم كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحمد الله وعونه وحسن توفيقه .

التالي السابق


(فهذه كانت سيرة العلماء وعادتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقلة مبالاتهم بسطوة السلاطين) إيثارا لإقامة حق الله تعالى لأنهم اتكلوا على فضل الله تعالى أن يحرسهم ويحوطهم من سطوتهم، (ورضوا بحكم الله تعالى أن يرزقهم الشهادة) في سبيله ولأجله، (فلما أخلصوا لله) وفي بعض النسخ فيه (النية أثر كلامهم في القلوب القاسية فلينها وأزال قساوتها) فإن الكلام إذا خرج [ ص: 89 ] من القلب وقع على القلب، وكان محمد بن واسع بجنبه واعظ يعظهم فقال يوما: ما لي أراكم لا تبكون ولا تخشعون ولا تتعظون، فقال محمد: يا فلان أما إنهم إنما أتوا من قبلك أي لم تعظ نفسك أولا ولم تهذبها فكيف يؤثر كلامك فيهم، ولقد كانت الملوك والأمراء من قبل يعرفون حق العلم وفضله، فيصبرون على بعض هؤلاء المواعظ، (وأما الآن) فالذي أراه الهرب منهم والحذر من الدخول عليهم، (فقد قيدت الأطماع) الدنيوية (ألسن العلماء) ، فأخرستها (فسكتوا) وصمت آذانهم فلم يسمعوا (وإن تكلموا لم تساعد أقوالهم أحوالهم) للمباينة بينها، (فلم ينجحوا) أي لم يفلحوا (ولو صدقوا الله، وقصدوا حق العلم لأفلحوا) ، وفازوا (ففساد الرعية بفساد الملوك) أي اختلال أحوال الرعية بظلم الملوك وجورهم وأخذ الأموال منهم عدوانا، (وفساد الملوك بفساد العلماء) ، فإنهم إذا جاروا على الرعية لم يمنعهم عن ذلك إلا العلماء لما أخذ الله عليهم ذلك ولهيبة العلم وجلالته تذعن لقولهم الملوك ولذا قيل:


إن الأكابر يحكمون على الورى وعلى الأكابر تحكم العلماء

(وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه) فما من أحد منهم إلا ويطلب لنفسه الثروة والسعة في المعيشة، وكذلك يطلب الجاه عند الملوك لقضاء حاجته، (ومن استولى عليه حب الدنيا) من المال والجاه (لم يقدر على الحسبة على الأراذل) والعامة لعدم هيبته على قلوبهم (فكيف على الملوك والأكابر، والله المستعان على كل حال) يعني أن الهروب منهم الآن أولى، وإنه إن قدر له لقاؤهم اقتنع بلطف الموعظة حسب لسببين أحدهما يتعلق بالمحتسب وهو سوء قصده وميله إلى الدنيا والرياء فلا يخلص له احتسابه، والثاني يتعلق بالمحتسب له فإن حب الدنيا قد شغل الأكثرين عن ذكر الآخرة، وتعظيمهم الدنيا أنساهم تعظيم العلماء، وليس للمؤمن أن يذل نفسه، وهذا آخر الكلام في شرح كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات. قال المؤلف: فرغت من تسويده في آخر ساعة من نهار الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة 1199، وكتب الفقير أبو الفيض محمد مرتضى الحسيني غفر الله زلله وبلغه أمله حامدا لله ومصليا ومسلما ومستغفرا وحسبنا الله ونعم الوكيل .




الخدمات العلمية