الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2380 حدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى عليه السلام فقال ابن عباس هو الخضر فمر بهما أبي بن كعب الأنصاري فدعاه ابن عباس فقال يا أبا الطفيل هلم إلينا فإني قد تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه فقال أبي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما موسى في ملإ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال له هل تعلم أحدا أعلم منك قال موسى لا فأوحى الله إلى موسى بل عبدنا الخضر قال فسأل موسى السبيل إلى لقيه فجعل الله له الحوت آية وقيل له إذا افتقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه فسار موسى ما شاء الله أن يسير ثم قال لفتاه آتنا غداءنا فقال فتى موسى حين سأله الغداء أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره فقال موسى لفتاه ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا خضرا فكان من شأنهما ما قص الله في كتابه إلا أن يونس قال فكان يتبع أثر الحوت في البحر [ ص: 528 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 528 ] قوله : ( تمارى هو والحر بن قيس ) أي تنازعا وتجادلا . والحر بالحاء والراء .

                                                                                                                وفي هذه القصة أنواع من القواعد والأصول والفروع والآداب والنفائس المهمة سبق التنبيه على معظمها ، سوى ما هو ظاهر منها ، ومما لم يسبق أنه : لا بأس على العالم والفاضل أن يخدمه المفضول ويقضي له حاجة ، ولا يكون هذا من أخذ العوض على تعليم العلم والآداب ، بل من مروءات الأصحاب ، وحسن العشرة ، ودليله من هذه القصة حمل فتاه غداءهما ، وحمل أصحاب السفينة موسى والخضر بغير أجرة لمعرفتهم الخضر بالصلاح . والله أعلم .

                                                                                                                ومنها الحث على التواضع في علمه وغيره ، وأنه لا يدعي أنه أعلم الناس ، وأنه إذا سئل عن أعلم الناس يقول : الله أعلم .

                                                                                                                ومنها بيان أصل عظيم من أصول الإسلام ، وهو وجوب التسليم لكل ما جاء به الشرع ، وإن كان بعضه لا تظهر حكمته للعقول ، ولا يفهمه أكثر الناس ، وقد لا يفهمونه كلهم كالقدر .

                                                                                                                موضع الدلالة قتل الغلام ، وخرق السفينة ، فإن صورتهما صورة المنكر ، وكان صحيحا في نفس الأمر له حكم بينة ، لكنها لا تظهر للخلق ، فإذا أعلمهم الله تعالى بها علموها ، ولهذا قال : وما فعلته عن أمري يعني بل بأمر الله تعالى .

                                                                                                                كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم



                                                                                                                الخدمات العلمية