الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في المجروح

وأما المجروح فإنه يشترط فيه أن يكون دمه مكافئا لدم الجارح والذي يؤثر في التكافؤ العبودية والكفر . أما العبد والحر فإنهم اختلفوا في وقوع القصاص بينهما في الجرح كاختلافهم في النفس ، فمنهم من رأى أنه لا يقتص من الحر للعبد ، ويقتص للحر من العبد كالحال في النفس ، ومنهم من رأى أنه يقتص لكل واحد منهما من كل واحد ، ولم يفرق بين الجرح والنفس ، ومنهم من فرق ، فقال : يقتص من الأعلى للأدنى في النفس والجرح ، ومنهم من قال : يقتص من النفس دون الجرح ، وعن مالك الروايتان .

والصواب كما يقتص من النفس أن يقتص من الجرح ، فهذه هي حال العبيد مع الأحرار . وأما حال العبيد بعضهم مع بعض ، فإن للعلماء فيهم ثلاثة أقوال :

أحدها : أن القصاص بينهم في النفس وما دونها ، وهو قول الشافعي وجماعة ، وهو مروي عن عمر بن الخطاب ، وهو قول مالك .

[ ص: 726 ] والقول الثاني : أنه لا قصاص بينهم لا في النفس ولا في الجرح ، وأنهم كالبهائم ، وهو قول الحسن ، وابن شبرمة وجماعة .

والثالث : أن القصاص بينهم في النفس دون ما دونها ، وبه قال أبو حنيفة والثوري ، وروي ذلك عن ابن مسعود .

وعمدة الفريق الأول قوله تعالى : ( والعبد بالعبد ) ، وعمدة الحنفية ما روي عن عمران بن الحصين " أن عبدا لقوم فقراء قطع أذن عبد لقوم أغنياء ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يقتص منه " فهذا هو حكم النفس .

التالي السابق


الخدمات العلمية