الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وصفته ) أي اللعان ( أن يقول الزوج بحضرة حاكم [ ص: 391 ] أو نائبه وكذا لو حكما ) أي المتلاعنان ( رجلا أهلا للحكم ويأتي في القضاء ) لأن حكمه حكم قاضي الإمام ( أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنا مشيرا إليها ) إن كانت حاضرة ( ولا يحتاج مع حضورها و ) مع ( الإشارة إليها إلى تسميتها ) .

                                                                                                                      ( و ) بيان ( نسبها كما لا يحتاج إلى ذلك في سائر العقود ) اكتفاء بالإشارة ( وإن لم تكن حاضرة ) بالمجلس ( سماها ونسبها ) بما تتميز به حتى تنتفي المشاركة بينها وبين غيرها ، قال في المبدع : فلا يبعد أن يقوم وصفها بما هي مشهورة به مقام الرفع في نسبها ، ويعيد قوله : أشهد بالله إلخ مرة بعد أخرى ( حتى يكمل ذلك أربع مرات ولا يشترط حضورهما ) .

                                                                                                                      أي المتلاعنين ( معا بل لو كان أحدهما غائبا عن صاحبه مثل : أن لاعن الرجل في المسجد والمرأة على بابه لعذر ) كالحيض ( جاز ) لعموم الأدلة ( ثم يقول في ) المرة ( الخامسة وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ما رميتها به من الزنا ) ولا يشترط على الأصح أن يقول فيما رماها به من الزنا قاله في شرح المنتهى ، قال ابن هبيرة لا أراه يحتاج إليه لأن الله تعالى أنزل ذلك وبينه ولم يذكر هذا الاشتراط ( ثم تقول هي : أشهد بالله أن زوجي هذا لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وتشير إليه إن كان حاضرا ) بالمجلس ( وإن كان غائبا ) عن المجلس ( سمته ونسبته ) كما تقدم ، وتكرر ذلك ( وإذا كملت أربع مرات تقول في الخامسة : وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فقط وتزيد استحبابا فيما رماني من الزنا ) خروجا من خلاف من أوجبه به ، وإنما لم تجب لما تقدم ، وإنما خصت هي في الخامسة بالغضب ، لأن النساء يكثرن اللعن كما ورد ثم أخذ يبين محترزات ذلك التي تخل بصحة اللعان فقال ( فإن نقص أحدهما أي أحد المتلاعنين من الألفاظ ) أي الجمل ( الخمسة شيئا ) لم يعتد به ، لأن الله تعالى علق الحكم عليها ولأنها بينة فلم يجز النقص من عددها كالشهادة .

                                                                                                                      وعلم منه أنه لا يضر نقص بعض الألفاظ حيث أتى بالجمل الخمسة ، كما يشير إليه كلام ابن قندس في حاشية الفروع ( أو بدأت ) المرأة ( باللعان قبله ) أي قبل الرجل لم يعتد به ، لأنه خلاف المشروع ولأن لعان الرجل بينة الإثبات ولعانها بينة الإنكار فلم يجز تقديم الإنكار على بينة الإثبات ( أو تلاعنا بغير حضرة حاكم لم يعتد به ) لأنه يمين في دعوى فاعتبر فيه أمر الحاكم كسائر الدعاوى فلو لاعن السيد بين عبده وأمته لم يصح ( أو أبدل أحدهما لفظة أشهد بأقسم أو أحلف أو أولي ) [ ص: 392 ] لم يعتد به لأن اللعان يقصد فيه التغليظ ولفظ الشهادة أبلغ فيه ( أو ) أبدل ( لفظ اللعنة بالإبعاد أو أبدلها ) أي لفظة اللعنة ( بالغضب ) لم يعتد به ( أو أبدلت ) المرأة ( لفظة الغضب بالسخط أو قدمت الغضب ) فيما قبل الخامسة لم يعتد به .

                                                                                                                      ( أو أبدلته ) أي الغضب ( باللعنة أو قدم ) الرجل ( اللعنة فيما قبل الخامسة لم يعتد به ) لمخالفة المنصوص ( أو أتى به ) أي اللعان ( أحدهما قبل إلقائه عليه ) من الإمام أو نائبه لم يعتد به ، كما لو حلف قبل أن يحلفه الحاكم ( أو علقه ) أي علق أحدهما اللعان ( بشرط ) لم يعتد به قاله ابن عقيل وغيره ( أو لم يوال ) أحدهما ( بين الكلمات ) في اللعان عرفا لم يعتد به ( أو أتى به ) أي باللعان ( بغير العربية من يحسنها ) منهما لم يعتد به ، لأن الشرع ورد بالعربية فلم يصح بغيرها كأذكار الصلاة ( أو أتى ) الزوج ( به ) أي باللعان ( قبل مطالبتها له بالحد مع عدم ولد يريد نفيه ) باللعان ( لم يعتد به ) أي باللعان لأن اللعان شرع لدرء الحد عن القاذف فإذا لم تطالب بالحد لم يكن للعان فائدة .

                                                                                                                      فإن كان هناك ولد صح اللعان قبل المطالبة بالحد على قول القاضي لنفي الولد ونصه خلافه لأن نفي الولد جاء تبعا للعان لا مقصودا لنفسه فإذا انتفى اللعان انتفى نفي الولد ( وإن عجزا ) أي المتلاعنان ( عنه بالعربية لم يلزمهما تعلمها ويصح ) إذن ( بلسانهما ) لأنه موضع حاجة وكالنكاح ( إن كان الحاكم يحسن لسانهما أجزأ ذلك ) ولاعن بينهما ( ويستحب ، أن يحضر معه أربعة يحسنون لسانهما ) لأن الزوجة ربما أقرت بالزنا فيشهدون على إقرارها ( وإن كان ) الحاكم ( لا يحسن ) لسانهما ( فلا يجزئ في الترجمة إلا عدلان ) قال في المبدع على المذهب ( وإذا فهمت إشارة الأخرس منهما أو كتابته صح لعانه بها ) كالطلاق ، ولدعاء الحاجة ( وإلا ) أي وإن لم تفهم إشارة الأخرس منهما ولا كتابته ( فلا ) يصح لعانه .

                                                                                                                      ( وإذا قذف الأخرس ولاعن ) بالإشارة المفهومة أو الكتابة ( ثم أطلق لسانه فتكلم فأنكر القذف واللعان لم يقبل إنكاره للقذف ) لأنه تعلق به حق لغيره بحكم الظاهر ( ويقبل ) إنكاره ( اللعان فيما عليه فيطالب بالحد ) إن كانت محصنة وإلا فالتعزير ( ويلحقه النسب ولا تعود الزوجية ) لأنها حرمت باللعان على التأبيد ( فإن لاعن ) حينئذ ( لسقوط الحد ونفي النسب فله ذلك ) كما لو لم يحصل له خرس قبل ( ويصح اللعان ممن اعتقل لسانه وأيس من نطقه بإشارة ) مفهومة كالأخرس الأصلي ( فإن رجي عود نطقه بقول عدلين من أطباء المسلمين انتظر به ذلك ) أي أن ينطق .

                                                                                                                      وفي الترغيب ثلاثة أيام ، وجزم به في المنتهى .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية