الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فإذا ) ( تداعيا مجهولا ) لقيطا أو غيره ( عرض عليه ) أي على القائف مع المتداعيين إن كان صغيرا ، إذ الكبير لا بد من تصديقه كما مر في الإقرار [ ص: 376 ] ( فمن ألحقه به لحقه ) كما مر في اللقيط والمجنون كالصغير ، وألحق به البلقيني مغمى عليه ونائما وسكران غير متعد ، وما ذكره في النائم بعيد جدا ( وكذا لو اشترك في وطء ) لامرأة أو استدخلت ماءهما : أي المحترم كما قاله البلقيني ( فولدت ممكنا منهما وتنازعاه بأن وطئا بشبهة ) كأن ظنها كل أنها زوجته أو أمته ولا تنحصر الشبهة في ذلك فقد ذكر بعض صورها عطفا للخاص على العام فقال ( أو ) وطئا ( مشتركة لهما ) في طهر واحد ، وإلا فهو للثاني كما يؤخذ من كلامه الآتي قياسا لتعذر عوده إلى هذا لأن بينهما صورا لا يمكن عوده إليها ( أو وطئ زوجته وطلق فوطئها آخر بشبهة أو نكاح فاسد ) كأن نكحها في العدة جاهلا بالحال ( أو ) وطئ ( أمته وباعها فوطئها المشتري ولم يستبرئ واحد منهما ) فيعرض عليه ولو مكلفا ، فمن ألحقه به منهما لحقه ، فإن لم يكن قائف أو تحير اعتبر انتساب الولد بعد كماله ، قال البلقيني : لو كان الاشتباه للاشتراك في الفراش لم يعتبر إلحاق القائف إلا أن يحكم حاكم ذكره الماوردي وحكاه في المطلب عن ملخص كلام الأصحاب ( وكذا لو وطئ ) بشبهة ( منكوحة ) لغيره نكاحا صحيحا كما في المحرر واستغنى عنه بقوله الآتي في نكاح صحيح ( في الأصح ) ولا يتعين الزوج للإلحاق لأنه موضع الاشتباه والثاني يلحق الزوج لقوة الفراش ، ولا يكفي اتفاق الزوجين على الوطء بل لا بد من بينة به لأن للولد حقا في النسب وتصديقهما ليس بحجة عليه ، فإن قامت به بينة عرض على القائف وهذا ما ذكره المصنف في الروضة هنا وهو المعتمد وإن لم يذكره في اللعان ، واعتمد البلقيني الاكتفاء بذلك الاتفاق ، نعم يلحق بالبينة تصديق الولد المكلف لما تقرر أن له حقا ( فإذا ولدت لما بين ستة أشهر وأربع سنين من وطئهما وادعياه ) أو لم يدعياه ( عرض عليه ) أي القائف لإمكانه منهما ( فإن تخلل بين وطئهما حيضة ف ) الولد ( للثاني ) وإن ادعاه الأول لظهور انقطاع تعلقه به ( إلا أن يكون الأول زوجا في نكاح صحيح ) أي والثاني بشبهة أو نكاح فاسد فلا ينقطع تعلق الأول لأن إمكان الوطء مع الفراش قائم مقام نفس الوطء والإمكان حاصل بعد الحيضة ، واحترز بالصحيح عما لو كان الأول زوجا في نكاح فاسد فإنه ينقطع تعلقه ويكون للثاني على الأظهر لأن المرأة في النكاح الفاسد [ ص: 377 ] لا تصير فراشا ما لم توجد حقيقة الوطء ( وسواء فيهما ) أي المتنازعين ( اتفقا إسلاما وحرية أم لا ) كما مر في اللقيط لأن النسب لا يختلف مع صحة استلحاق العبد ، هذا إن ألحق بنفسه ، وإلا كأن تداعيا أخوة مجهول فيقدم الحر لما مر أن شرط الملحق بغيره أن يكون وارثا حائزا ويحكم بحريته وإن ألحقه بالعبد لاحتمال أنه ولد من حرة ، ولو ألحقه قائف بشبه ظاهر وقائف بشبه خفي قدم لأن معه زيادة علم بحذقه وبصيرته ، وفيما إذا ادعاه مسلم وذمي يقدم ذو البينة نسبا ودينا ، فإن لم تكن وألحقه القائف بالذمي تبعه في نسبه فقط ولا حضانة له .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 376 ] قوله : وما ذكره في النائم بعيد ) أي بل وفي المغمى عليه والسكران حيث كان القائم بهما قريب الزوال ( قوله : لتعذر عوده ) أي القيد الآتي في كلامه وهو قول المصنف فإن تخلل بين إلخ ( قوله : إلا أن يحكم حاكم ) أي بإلحاق القائف ( قوله : وهو المعتمد ) أي فحيث لا بينة يلحق بالزوج .

                                                                                                                            [ ص: 377 ] قوله : هذا إن ألحق بنفسه ) اسم الإشارة راجع إلى قوله وسواء فيهما إلخ ( قوله : ولا حضانة له ) أي فلا يكون له حق في تربيته وحفظه ولا يحكم بكفره تبعا له ، وأما النفقة فيطالب بها بمقتضى دعواه أنه ابنه .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : غير متعد ) وإن لم يعرض لأنه كالصاحي ويصح انتسابه ( قوله : ذكره الماوردي ) عبارة الماوردي الفصل الرابع ثبوت الحكم بلحوق النسب بقول القافة ، وهو معتبر باستلحاق النسب واستلحاقه على ضربين : أحدهما أن يكون لاشتراكهما في فراش فلا يصح إلحاقه بالقافة إلا بحكم الحاكم ، لأن الفراش قد أوجب لهما حقا وأوجب عليهما حقا في إلحاقه بأحدهما ونفيه عن الآخر وألحق عليهما للولد وبالعكس ، ولذلك وجب إلحاقه بأحدهما وإن لم يتنازعاه ، ولم يجز لأحدهما أن يسلمه للآخر فكان أغلظ من اللعان الذي لا يصح إلا بحكم الحاكم ، وقال قبل ذلك ما نصه : الثالث أن يثبت فراش كل منهما وثبوته معتبر بحالهما ، فإن كان أحدهما زوجا والآخر ذا شبهة ثبت فراش ذي الشبهة بتصديق الزوج ولم يعتبر فيه تصديق الموطوءة إلا إن كانت خلية ، وإن لم يكن فيهما زوج اعتبر تصديق الموطوءة لكل منهما إن كانت خلية ، وإلا فالزوج صار داخلا معهما في التنازع ا هـ المقصود منه .

                                                                                                                            لكن سيأتي في الشارح أن فراش الشبهة لا يثبت بقول الزوجين بل لا بد من بينة به أو تصديق الولد المكلف ( قوله : فإن قامت به بينة عرض على القائف ) أي ليلحقه بالزوج ، ولا يكفي اتفاق الزوجين على الوطء : أي على وطء الشبهة أو بصاحب الشبهة ، ثم يحكم الحاكم بإلحاقه بمن ألحقه به كما مر [ ص: 377 ] عن البلقيني ( قوله : ودينا ) ومعلوم أن محل إلحاقه حينئذ بالذمي في الدين إن لم تكن أمة مسلمة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية