الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لطيفة ) سئل ابن عباس - رضي الله عنهما - عن يوم القيامة أهو من الدنيا أم من الآخرة ؟ قال : صدر ذلك اليوم من الدنيا ، وآخره من الآخرة .

وقد أخرج الإمام أحمد عن محمد بن أبي عميرة ، وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والطبراني عن عتبة بن عبد الله - رضي الله عنه - مرفوعا " لو أن رجلا يخر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في [ ص: 170 ] مرضاة الله لحقره يوم القيامة " وأخرج ابن المبارك عن كعب قال :

لو أن رجلا كان له مثل عمل سبعين نبيا لخشي أن لا ينجو من ذلك اليوم ، وأخرج الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا " يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم " ، وفي بعض ألفاظ الصحيح " سبعين باعا " وأخرج مسلم عن المقداد - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين قال : فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم ، منهم من يأخذه إلى عقبيه ، ومنهم من يأخذه إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه إلجاما " وفي رواية له " تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون كمقدار ميل " قال سليم بن عامر :

ما أدري ما يعني بالميل مسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين قال :

" فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى عقبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما ، وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فيه .

وأخرج الإمام أحمد والطبراني وابن حبان في صحيحه ، والحاكم وصححه من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - مرفوعا نحوه ، وزاد بعد قوله : " ومنهم من يبلغ وسط فيه " وأشار بيده ألجمها فاه ، فقال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير هكذا " ومنهم من يغطيه عرقه " وضرب بيده وأشار ، ومر بيده فوق رأسه من غير أن يصيب الرأس دور راحته يمينا وشمالا .

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه : الأرض كلها نار يوم القيامة ، والجنة من وراءها كواعبها وأكوابها ، والذي نفس عبد الله بيده إن الرجل ليفيض عرقا حتى يسيخ في الأرض قامته ، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه ، وما مسه الحساب .

قالوا : مم ذاك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال مما يرى الناس . رواه الطبراني بإسناد جيد قوي . ورواه الطبراني بإسناد جيد عن ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعا " إن الرجل ليلجمه العرق يوم القيامة فيقول : يا رب أرحني ولو إلى النار " ورواه أبو يعلى ، وابن حبان بلفظ " إن الكافر ليلجمه العرق " الحديث .

وأخرج الحاكم ، وصححه عن جابر رضي الله [ ص: 171 ] عنه مرفوعا " إن العرق ليلزم المرء في الموقف حتى يقول : يا رب إرسالك بي إلى النار أهون علي مما أجد " وهو يعلم ما فيها من شدة العذاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية