الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الفصل السادس : الإخبار عن الغيب

          الوجه الثالث من الإعجاز ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات ، وما لم يكن ، ولم يقع ، فوجد كما ورد ، وعلى الوجه الذي أخبر به ، كقوله - تعالى - : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين [ الفتح : 27 ] .

          وقوله - تعالى - : وهم من بعد غلبهم سيغلبون [ الروم : 3 ] .

          وقوله : ليظهره على الدين كله [ التوبة : 33 ] .

          وقوله : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض [ النور : 55 ] الآية .

          وقوله : إذا جاء نصر الله والفتح [ النصر : 1 ] إلى آخرها . فكان جميع هذا كما قال ، فغلبت الروم فارس في بضع سنين ، ودخل الناس في الإسلام أفواجا ، فما مات - صلى الله عليه وسلم - ، وفي بلاد العرب كلها موضع لم يدخله الإسلام .

          واستخلف الله المؤمنين في الأرض ، ومكن فيها دينهم ، وملكهم إياها من أقصى المشارق إلى أقصى المغارب ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : زويت إلي الأرض ، فأريت مشارقها ، ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها .

          وقوله : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [ الحجر : 9 ] ، فكان كذلك ، لا يكاد يعد من سعى في تغييره ، وتبديل محكمه من الملحدة ، والمعطلة ، لا سيما القرامطة ، فأجمعوا كيدهم ، وحولهم ، وقوتهم ، اليوم نيفا على خمسمائة عام ، فما قدروا على إطفاء شيء من نوره ، ولا تغيير كلمة من كلامه ، ولا تشكيك المسلمين في حرف من [ ص: 284 ] حروفه ، والحمد لله .

          ومنه قوله : سيهزم الجمع ويولون الدبر [ القمر : 45 ] .

          وقوله : قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم [ التوبة : 14 ] الآية .

          وقوله : هو الذي أرسل رسوله بالهدى [ التوبة : 33 ] الآية .

          وقوله : لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم [ آل عمران : 111 ] الآية . . فكان كل ذلك .

          وما فيه من كشف أسرار المنافقين ، واليهود ، ومقالهم ، وكذبهم في حلفهم ، وتقريعهم بذلك ، كقوله : ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول [ المجادلة : 8 ] .

          وقوله : يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك [ آل عمران : 154 ] .

          وقوله ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون [ المائدة : 41 ] الآية .

          وقوله : من الذين هادوا يحرفون الكلم عن - إلى قوله - : في الدين [ النساء : 46 ] .

          وقد قال مبديا ما قدره الله ، واعتقده المؤمنون يوم بدر : وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم [ الأنفال : 7 ] .

          ومنه قوله - تعالى - : إنا كفيناك المستهزئين [ الحجر : 95 ] .

          ولما نزلت بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك أصحابه بأن الله كفاه إياهم ، وكان المستهزئون نفرا بمكة ينفرون الناس عنه ، ويؤذونه فهلكوا .

          وقوله والله يعصمك من الناس [ المائدة : 67 ] فكان كذلك على كثرة من رام ضره ، وقصد قتله ، والأخبار بذلك معروفة صحيحة .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية