الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 30 ] ذكر غزوة بني القينقاع

لما عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بدر أظهرت يهود له الحسد بما فتح الله عليه ، وبغوا ونقضوا العهد ، وكان قد وادعهم حين قدم المدينة مهاجرا .

فلما بلغه حسدهم جمعهم بسوق بني قينقاع فقال لهم : احذروا ما نزل بقريش وأسلموا ، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل . فقالوا : يا محمد ، لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، فأصبت منهم فرصة .

فكانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبينه ، فبينما هم على مجاهرتهم وكفرهم إذ جاءت امرأة مسلمة إلى سوق بني قينقاع ، فجلست عند صائغ لأجل حلي لها ، فجاء رجل منهم فخل درعها إلى ظهرها ، وهي لا تشعر ، فلما قامت بدت عورتها ، فضحكوا منها ، فقام إليه رجل من المسلمين فقتله ، ونبذوا العهد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحصنوا في حصونهم ، فغزاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاصرهم خمس عشرة ليلة ، فنزلوا على حكمه ، فكتفوا وهو يريد قتلهم ، وكانوا حلفاء الخزرج ، فقام إليه عبد الله بن أبي ابن سلول فكلمه فيهم ، فلم يجبه ، فأدخل يده في جيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغضب رسول الله وقال : ويحك أرسلني . فقال : لا أرسلك حتى تحسن إلى موالي ، أربعمائة حاسر ، وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غداة واحدة ، وإني والله لأخشى الدوائر .

فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : هم لك ، خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم .

وغنم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون ما كان لهم من مال ، ولم يكن لهم أرضون إنما كانوا صاغة ، وكان الذي أخرجهم عبادة بن الصامت الأنصاري ، فبلغ بهم ذباب ، ثم ساروا إلى أذرعات من أرض الشام ، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى هلكوا .

[ ص: 31 ] وكان قد استخلف على المدينة أبا لبابة ، وكان لواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع حمزة ، وقسم الغنيمة بين أصحابه وخمسها ، وكان أول خمس أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحضر الأضحى ، وخرج إلى المصلى فصلى بالمسلمين ، وهي أول صلاة عيد صلاها ، وضحى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاتين ، وقيل بشاة ، وكان أول أضحى رآه المسلمون ، وضحى معه ذوو اليسار .

وكانت الغزاة في شوال بعد بدر ، وقيل : كانت في صفر سنة ثلاث ، وجعلها بعضهم بعد غزوة الكدر .

( ذباب بكسر الذال المعجمة ، وباءين موحدتين ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية