الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) تضمن ( بدعوى الرد ) لها من المودع بالفتح ، أو وارثه ( على وارثك ) أيها المودع بالكسر ; لأنه دفع لغير يد المؤتمن وكذا دعوى وارث المودع بالفتح أنه ردها إليك ( أو ) على ( المرسل إليه المنكر ) [ ص: 430 ] أو لم يعلم إقراره فيضمن الرسول ولا يبرأ إلا ببينة قال فيها ومن بعث معه بمال ليدفعه إلى رجل صدقة ، أو صلة ، أو سلفا ، أو ثمن مبيع ، أو يبتاع لك به سلعة فقال قد دفعته إليه ، وأكذبه الرجل لم يبرأ الرسول إلا ببينة . انتهى ( كعليك ) أي كدعوى المودع الرد عليك يا ربها فإنه يضمن ( إن كانت له ) أي لربها ففيه التفات من الخطاب ( بينة به ) أي بالإيداع ويحتمل أن ضمير له للإيداع أيضا فلا التفات ( مقصودة ) أي للتوثق بأن يقصد بها أن لا تقبل دعوى الرد إلا ببينة ويشترط علم المودع بذلك فلا تكفي بينة الاسترعاء ولا غير مقصودة ولا مقصودة لشيء آخر غير ما قدمنا فيصدق في دعوى الرد ( لا ) تضمن ( بدعوى التلف ) ، أو الضياع بلا تفريط ولو مع البينة المقصودة للتوثق ( أو ) دعوى ( عدم العلم بالتلف ، أو الضياع ) أي لا يضمن إذا قال لا أدري هل تلفت بحرق ، أو نحوه ، أو ضاعت بنحو سرقة ; لأنه أمين ادعى أحد أمرين هو مصدق في كل منهما ولو مع بينة التوثق ( وحلف المتهم ) دون غيره في دعوى التلف ، أو الضياع ( ولم يفده شرط نفيها ) أي إن شرط عند أخذها أنه لا يمين عليه في دعوى التلف ، أو الرد لم ينفعه ذلك ; لأنه مما يقوي التهمة فلربها تحليفه ( فإن نكل حلفت ) يا ربها ، وألزمته الغرم في دعواك التحقيق بأن جزمت بكذبه ، وأما في الاتهام فيغرم بمجرد نكوله ( ولا ) ضمان على الرسول ( إن شرط ) على رب المال ( الدفع للمرسل إليه بلا بينة ) [ ص: 431 ] فيعمل بشرطه ويحلف أنه دفع فهذه مقيدة لقوله سابقا ، أو المرسل إليه المنكر فلو قال هناك إلا أن يشترط الدفع بلا بينة لكان أحسن .

التالي السابق


( قوله ; لأنه دفع لغير يد المؤتمن ) أي ومن ادعى الدفع لغير من ائتمنه فلا يصدق إلا ببينة فلما قصر بترك الإشهاد ضمن ( قوله وكذا دعوى وارث المودع أنها ردها إليك ) أي فإنه يضمن كما في ح عن الجواهر وكذا إذا ادعى وارث المودع بالفتح أن مورثه دفعها قبل موته لوارثك يا مودع فالضمان في هذه الصور الأربع ، وأما إن ادعى ورثة المودع بالفتح على ورثة المودع ، أو على المودع أن مورثهم قد ردها للمودع قبل موته فلا ضمان عليهم في هاتين الصورتين كما أنه لا ضمان إذا ادعى المودع بالفتح على المودع بالكسر أنه ردها له ، والحال أنه لم يقبضها ببينة مقصودة للتوثق ، أو ادعى المودع بالفتح على ورثة المودع بالكسر أنه ردها لمورثهم قبل موته ، والحاصل أن صاحب اليد المؤتمنة إذا كانت دعوى الدفع منها لليد التي ائتمنها فلا ضمان على المدعي سواء كانت الدعوة صادرة من ذي اليد المؤتمنة ، أو من وارثه على ذي اليد التي ائتمنته ، أو على وارثه وفيما عدا ذلك الضمان .

( قوله ، أو على المرسل إليه المنكر ) عطف [ ص: 430 ] على وارثك أي وتضمن الوديعة بدعوى الرد على المرسل إليه المنكر وحاصله أن المودع إذا أرسل الوديعة مع رسوله إلى ربها بإذنه فأنكر ربها وصولها إليه ولا بينة تشهد عليه بقبضها من الرسول فإن الرسول يضمنها لتفريطه بعدم الإشهاد ( قوله ، أو لم يعلم إقراره ) أي بقبضها من الرسول لموته فيضمنها الرسول لورثته لتفريطه بعدم الإشهاد ومحل ضمان الرسول ما لم يشترط على المودع عدم الإشهاد على دفعها لربها فإن اشترط ذلك فلا ضمان عليه ، والضمان على المودع وسيأتي للشارح التنبيه على ذلك ( قوله فإنه يضمن ) أي ; لأنه إنما ائتمنه على حفظها لا على ردها ( قوله إن كانت له بينة إلخ ) الظاهر أن مثل البينة المذكورة أخذ ورقة على المودع بالفتح بخطه كما يقع الآن ( قوله ويحتمل أن ضمير له للإيداع ) أي ، واللام بمعنى على وقوله أيضا أي كما أن ضمير به للإيداع ( قوله بأن يقصد ) أي المودع بالكسر بتلك البينة وقوله أن لا تقبل دعوى الرد أي من المودع بالفتح ( قوله ويشترط علم المودع بذلك ) أي بتلك البينة ( قوله فلا تكفي ) أي في الضمان بينة الاسترعاء أي ; لأنه يقبل معها دعوى الرد .

( قوله ولا مقصودة لشيء آخر ) كما لو أشهدها خوفا من موت المودع ليأخذها من تركته ، أو يقول المودع بالفتح أخاف أن تدعي أنها سلف فأشهد لي بينة أنها وديعة فأشهدها فيصدق في دعوى الرد كما إذا تبرع المودع بالفتح بالإشهاد على نفسه بالقبض كما قال عبد الملك وقال عبد بن زرب ونحوه لابن يونس لا يبرأ إلا بالإشهاد ; لأنه ألزم نفسه حكم الإشهاد وبما قرره الشارح علم أن المصنف حذف بعد مقصودة قيدا لا بد منه ، وهو للتوثق لان المقصودة أعم ( قوله ولو مع البينة المقصودة للتوثق ) أي لأنه أمين على حفظها ( قوله ونحوه ) أي كغرق ، وأكل فأر ( قوله ، وهو مصدق إلخ ) أي ، وأما إذا قال لا أدري أتلفت بحرق أم رددتها ، أو لا أدري هل ضاعت بسرقة أم رددتها فإنه يضمن فيهما إن قبضها ببينة مقصودة للتوثق ; لأنه ادعى أمرين غير مصدق في أحدهما ، وإن لم يقبضها ببينة مقصودة للتوثق فلا ضمان عليه ويحلف مطلقا سواء كان متهما ، أو غير متهم حقق عليه الدعوى أم لا في صورة ما إذا قال لا أدري هل تلفت ، أو رددتها ، أو ضاعت ، أو رددتها ، والحال أنه لم يقبض ببينة مقصودة للتوثق .

( قوله وحلف المتهم ) قيل هو من يشار إليه بالتساهل في الوديعة وقيل هو من ليس من أهل الصلاح ( قوله في دعوى التلف ، أو الضياع ) أي وكذا في صورة دعوى عدم العلم بالتلف ، أو الضياع وقوله وحلف المتهم أي سواء حقق رب الوديعة عليه الدعوى ، أو اتهمه ( قوله دون غيره ) أي دون غير المتهم فلا يحلف إذا لم تحقق عليه الدعوى ، وأما إذا حققت عليه الدعوى فإنه يحلف ، وهذا كله في المسائل الثلاث دعوى التلف ، أو الضياع ودعواه عدم العلم بالتلف ، أو الضياع ، وأما في دعوى الرد فقط وفي قوله لا أدري هل تلفت ، أو رددتها ، والحال أنه ليس هناك بينة مقصودة للتوثق فإنه يحلف كان متهما أم لا حقق عليه الدعوى أم لا ( قوله حلفت يا ربها ، وألزمته الغرم في دعواك التحقيق ) فإن لم تحلف في التحقيق صدق المودع بالفتح ( قوله ، وأما في الاتهام فيغرم بمجرد نكوله ) أي ; لأن يمين التهمة لا تنقلب كذا لعج فحمل كلام المصنف على خصوص دعوى التحقيق ونحوه قول المواق لم يقل ابن يونس في المتهم إذا نكل إلا عدم رد اليمين والذي في التوضيح وابن عبد السلام وابن راشد ، وأصله للبيان أن يمين التهمة تنقلت هنا على المشهور وكأنهم شهدوا هنا .

مراعاة للأمانة وحينئذ فيحمل المصنف هنا على يمين التهمة وغيرها ا هـ .

بن ( قوله ولا إن شرط على رب المال ) لعل الأولى إن شرط الرسول على المودع بالفتح إذ هذا هو المناسب لجعل هذا تقييدا لقوله سابقا ، أو المرسل إليه [ ص: 431 ] المنكر تأمل ( قوله فيعمل بشرطه ) أي من جهة عدم تضمينه ، وأما المرسل فإنه يضمن للمرسل إليه حيث لم يشهد الرسول على الدفع .




الخدمات العلمية