الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما ذكر من يرث بالفرض أعقبه بمن يرث بالتعصيب وبمن يرث به تارة وبالفرض أخرى وبمن يجمع بينهما وشرع في بيان هذه الثلاثة بادئا بتعريف العاصب فقال [ درس ] ( ولعاصب ) عطف على قوله لوارثه وفيه إشارة لتفسير قوله صلى الله عليه وسلم { ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الورثة فلأولى رجل ذكر } والعاصب من العصوبة وهي القوة والشدة وعرفه بقوله ( ورث المال ) كله إذا انفرد ( أو الباقي بعد الفرض ) وقد يسقط إذا استغرقت الفروض التركة كما في بنت وأخت شقيقة وأخ لأب فقوله أو الباقي أي إن بقي شيء ، وإلا سقط وشمل تعريفه المعتق وبيت المال بخلاف من ضبطه بأنه كل ذكر يدلي للميت لا بواسطة أنثى فإنه لا يشمل ابن المعتقة ونحوه ولا بيت المال إلا بتسمح وكلامه رحمه الله تعالى في العاصب بنفسه لا العاصب بغيره ولا مع غيره إذ العصوبة فيهما طارئة لا أصلية والعاصب بغيره هو النسوة الأربعة ذوات النصف [ ص: 466 ] إذا اجتمع كل مع أخيه والعاصب مع غيره هو الأخت الشقيقة أو لأب إذا اجتمعت مع بنت أو بنت ابن فإذا قيل عاصب بغيره فالغير عاصب ، وإذا قيل عاصب مع غيره فالغير ليس بعاصب .

ولما بين العاصب بالحد بينه بالعد فقال ( وهو الابن ثم ابنه ) ، وإن سفل والأقرب من ابن الابن يحجب الأبعد ، وأشار بثم في هذا وما بعده إلى أن ما بعدها مؤخر في الرتبة عما قبلها ولا يرث مع الابن أو ابن الابن من أصحاب الفروض إلا الأب فله معه السدس ، وإلا الأم أو الجدة ، وإلا الزوج أو الزوجة ( وعصب كل ) من الابن أو ابنه ( أخته ) ولو حكما كابن ابن مع بنت عمه المساوية له في الرتبة فإنه أخوها حكما وكذا يعصب ابن الابن النازل بنت الابن الأعلى منه إذا لم يكن لها شيء في الثلثين كبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن فلولا هو لم ترث بنت الابن شيئا كما تقدم وتسمى البنت أو بنت الابن حينئذ عصبة بالغير كما تقدم ( ثم الأب ) عند عدم الابن أو ابنه ، وأما معه فيرث بالفرض لا بالتعصيب .

( ثم الجد ) ، وإن علا في حال عدم الأب ويحجب الأقرب الأبعد ( والإخوة ) وعطفهم بالواو على الجد ; لأنهم في رتبته ولما كان يوهم التساوي من كل وجه قال ( كما تقدم ) أي على الوجه الذي تقدم في الجد والإخوة . ولما كان للإخوة رتبتان أبدل منهم لبيان التفصيل قوله ( الشقيق ثم الأب ) عند عدم الشقيق فقوله ( وهو كالشقيق عند عدمه ) مستغنى عنه لكنه ذكره ليرتب عليه قوله ( إلا ) في ( الحمارية ) نسبة للحمار ( والمشتركة ) عطف مرادف وتسمى أيضا الحجرية واليمية ; لأنهم قالوا لعمر رضي الله عنه هب أن أبانا كان حمارا أو حجرا ملقى في اليم أي البحر وسميت مشتركة لمشاركة الشقيق فيها الإخوة للأم أي فليس الأخ للأب في الحمارية كالشقيق عند عدمه بل يسقط ; لأنه عاصب ، والشقيق فيها ورث بالفرض تبعا للإخوة لأمه ، وأركانها أربعة أشار لها بقوله ( زوج وأم أو جدة ) بدلها ( وأخوان ) فصاعدا ( لأم ) ليكون لهما الثلث فلو انفرد الأخ للأم لأخذ السدس والباقي للعاصب ( وشقيق وحده أو مع غيره ) من الأشقاء ذكرا أو أنثى أو هما أصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم أو الجدة السدس واحد وللإخوة للأم الثلث اثنان ( فيشاركون ) أي الأشقاء ( الإخوة للأم ) في الثلث ( الذكر كالأنثى ) بلا مفاضلة لاشتراكهم في ولادة الأم ويختلف التصحيح بقلتهم وكثرتهم وتسقط الإخوة للأب ، وإلى هذا رجع عمر في ثاني عام من خلافته بعد أن قضى فيها أول عام من خلافته بأن لا شيء للأشقاء عملا بمقتضى القاعدة من سقوط العاصب إذا استغرقت الفروض التركة فقال له الشقيق ما تقدم وقيل قائله زيد بن ثابت وقيل غير ذلك فقضى عمر بالشركة بينهم فلو كان مكان الشقيق شقيقة فقط لم تكن مشتركة وعيل لها بالنصف فتبلغ تسعة بالعول ولو كان شقيقتان لعيل لهما بالثلثين فتبلغ عشرة ، وهي غاية عول الستة فلو كان فيها جد [ ص: 467 ] لسقط جميع الإخوة وكان ما بقي بعد فرض الزوج والأم للجد وحده وهو الثلث لسقوط الإخوة للأم به والأشقاء إنما يرثون فيها بالأم والجد يسقط كل من يرث بالأم وتلقب حينئذ بشبه المالكية وتقدمت .

( وأسقطه ) أي الأخ للأب ( أيضا ) أي كما سقط في الحمارية الأخت ( الشقيقة التي ) هي ( كالعاصب لبنت ) أي مع بنت فأكثر فاللام بمعنى مع ( أو بنت ابن فأكثر ) فإذا مات عن بنت أو بنت ابن فأكثر وعن أخت شقيقة ، وأخ لأب سقط الأخ للأب ; لأن الشقيقة مع البنات عصبات فلو كان الأخ شقيقا أو كانت الأخت لأب لعصبها أخوها المساوي لها ( ثم ) يلي الأخ الشقيق والذي للأب ( بنوهما ) وينزلون منزلة آبائهم فابن الأخ الشقيق يقدم على ابن الأخ للأب ( ثم العم الشقيق ثم ) العم ( للأب ثم عم الجد الأقرب فالأقرب ) فيقدم الابن على ابن الابن وهكذا والأخ على ابن الأخ وعصبة الابن على عصبة الأب وعصبة الأب على عصبة الجد ( وإن ) كان الأقرب ( غير شقيق ) فيقدم الأخ للأب على ابن الأخ الشقيق وابن الأخ الشقيق على ابن الأخ للأب وابن الأخ للأب على العم ، والعم الشقيق على العم للأب ، وهو يقدم على ابن العم الشقيق ، وهو على ابن العم لأب وهو على عم الأب الشقيق وهو على عم الأب لأب ، وهكذا كما أشار له بقوله ( وقدم مع التساوي ) في المنزلة كالإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم ، وأعمام الأب وبنيهم ( الشقيق ) على غيره ( مطلقا ) أي في جميع المراتب فالأخ الشقيق يقدم على غيره وابن الأخ الشقيق يقدم على غيره .

وهكذا وهو معنى قول الجعبري : وبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا فجهة البنوة تقدم على جهة الأبوة ، وجهة الأبوة تقدم على جهة الجدودة والأخوة ثم بنو الإخوة ثم العمومة ثم بنو العمومة الأقرب فالأقرب فإن لم يكن أقرب فالتقديم بالقوة بأن يقدم الشقيق من هذه الجهات على غير الشقيق ( ثم ) يلي عصبة النسب ( المعتق ) ذكرا أو أنثى ( كما تقدم ) في باب الولاء أي على الوجه الذي تقدم ذكره هناك [ ص: 468 ]

( ثم ) يليه ( بيت المال ) ، وإن لم يكن منتظما وحسبه ربه فيأخذ جميع المال إن انفرد أو الباقي بعد ذوي الفروض ( ولا يرد ) على ذوي السهام عند عدم العاصب بل يدفع الباقي لبيت المال وقال علي يرد على كل وارث بقدر ما ورث سوى الزوج والزوجة فلا يرد عليهما إجماعا ( ولا يدفع ) ما فضل عن ذوي السهام إذا لم يوجد عاصب من النسب أو الولاء ( لذوي الأرحام ) بل ما فضل لبيت المال كما إذا لم يوجد ذو فرض ولا عاصب وقيد بعض أئمتنا ذلك بما إذا كان الإمام عدلا ، وإلا فيرد على ذوي السهام ويدفع لذوي الأرحام ، وهذا القيد هو المعول عليه عند الشافعية والمراد بذوي الأرحام من لا يرث من الأقارب كالعمة وبنات الأخ وكل جدة أدلت بأنثى والخالات ، وأولاد الجميع وتفصيل ذلك يطلب من المطولات .

التالي السابق


قوله : فما { أبقت الورثة } أي فما أبقته الورثة زائدا على فروضهم قوله : { فلأولى رجل ذكر } أي فلأقرب رجل ذكر والمراد به العاصب وفائدة وصف الرجل بالذكر التنبيه على سبب استحقاقه ، وهو الذكورة التي هي سبب العصوبة والترجيح على الأنثى ، ولذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين ( قوله : لا يشمل ابن المعتقة ) أي ; لأنه يدلي للميت بواسطة أنثى [ ص: 466 ] قوله : إذ اجتمع كل مع أخيه ) أي ، ولو حكما فدخلت الأخت شقيقة أو لأب مع الجد في غير الأكدرية فتأمل ( قوله : إلى أن ما بعدها ) أي ما بعد ثم ( قوله : مؤخر في الرتبة عما قبلها ) أي وحينئذ فما قبلها يحجب ما بعدها ( قوله : إلا الأب ) أي ، وكذلك الجد ( قوله : وإلا الأم أو الجدة ) أي فإن لها معه السدس وقوله ، وإلا الزوج أو الزوجة أي فإن للزوج معه الربع ، وللزوجة معه الثمن كما مر .

( قوله : وعصب كل أخته ) لا يقال هذا مكرر مع قوله سابقا : وعصب كلا أخ يساويها ; لأنه في تعصيب الأخ الشقيق أو لأب لأخته فقط أو ; لأن الغرض فيما سبق بيان تخصيص أنها تستحق النصف إذا لم يكن معها من يساويها ، ولا من يعصبها والغرض هنا بيان أنها عصبة بالغير فلا تكرار ; لأن الفرضين مختلفان ( قوله : ثم الجد ) أي عند عدم الابن وابنه ، وإلا ورث بالفرض لا بالتعصيب وعند عدم الأب ، وإلا حجب حجب حرمان ( قوله : ويحجب الأقرب الأبعد ) أي يحجب الأقرب من الأجداد الأبعد منهم ( قوله : ولما كان ) أي عطف الإخوة على الجد بالواو يوهم مساواتهم له من كل وجه ( قوله : لبيان التفصيل ) أي ; لأن قوله الشقيق ثم للأب بدل من قوله الإخوة بدل مفصل من مجمل ( قوله : إلا الحمارية ) أي فليس الأخ للأب فيها كالشقيق عند عدمه ; لأن الأخ للأب يسقط فيها دون الشقيق ( قوله : لأنهم ) أي الإخوة الأشقاء .

( قوله : لاشتراكهم إلخ ) أي فيرثون هنا بالفرض لا بالعصوبة ( قوله : ويختلف التصحيح إلخ ) أي فلو كان الإخوة للأم اثنين ، والشقيق واحدا صحت من ثمانية عشر ، ولو كان كل من الإخوة للأم والأشقاء اثنين صحت من اثني عشر ، ولو كان الأشقاء ثلاثة والذين للأم اثنان أو بالعكس صحت من ثلاثين ، وهكذا ( قوله : وتسقط الإخوة للأب ) أي لو كانوا بدل الأشقاء ( قوله : وإلى هذا ) أي لمشاركة الأشقاء للأخوة للأم رجع إلخ .

( قوله : فقال له الشقيق ) أي فقال الشقيق لعمر في ثاني عام من خلافته هؤلاء إنما ورثوا بأمهم ، وهي أمنا هب أن أبانا كان حمارا أو حجرا ملقى في اليم أليست الأم تجمعنا فأشرك بينهم فقيل له إنك قضيت في عام أول بخلاف هذا فقال تلك على ما قضينا ، وهذه على ما نقضي ، ولم ينقض أحد الاجتهادين بالآخر ( قوله : وقيل قائله ) أي القول المتقدم لعمر زيد بن ثابت أي ، وهو ما ذكره الحاكم في مستدركه [ ص: 467 ] كما في طرح التثريب .

( قوله : لسقط جميع الإخوة ) أي الأشقاء والذين للأم ( قوله : فاللام بمعنى مع ) أي أو إنها للتعليل متعلقة بلفظ العاصب ( قوله : فأكثر ) راجع للبنتين قبله أي أسقط الأخ للأب الأخت الشقيقة إذا كانت مع بنت أو مع بنات للميت أو كانت مع بنت ابن أو مع بنات ابن للميت ( قوله : فابن الأخ الشقيق يقدم على ابن الأخ للأب ) أشار بهذا إلى أن تنزيل أبناء الإخوة منزلة آبائهم إنما هو في أصل التعصيب لا فيما يأخذونه فلا ينافي أنه إذا مات شقيقان أو لأب أحدهما عن ولد واحد والآخر عن خمسة ثم مات جدهم عن مال فإنهم يقتسمونه على ستة أسهم بالسواء لاستواء رتبتهم ، ولا يرث كل فريق منهما ما كان يرثه أبوه ; لأنهما إنما يرثان بأنفسهما لا بآبائهما قال تت وقد وقعت هذه المسألة في عصرنا فأفتى فيها قاضي قضاة الحنفية ناصر الدين الإخميمي بأنه يرث كل فريق منهما ما كان لأبيه فيقسم المال نصفين وغلطه في ذلك العلامة بدر الدين سبط المارديني وشنع عليه في ذلك ( قوله : ثم العم الشقيق ) أي ثم عم الميت الشقيق ، وهو أخو أبيه شقيقه وقوله ثم العم للأب أي ثم عم الميت للأب ، وهو أخو أبيه لأبيه ( قوله : ثم عم الجد ) ظاهره ثم عم جد الميت فيقتضي أن رتبته بعد رتبة عم الميت لأبيه ، وليس كذلك فكان عليه أن يقول ثم بنوهما ثم عم الأب ثم عم الجد تأمل ( قوله : الأقرب فالأقرب ) أي ويقدم الأقرب ممن ذكر من بني الابن ومن بني الإخوة ومن بني الأعمام فالأقرب ( قوله : فيقدم الابن على ابن الابن ) الأولى فيقدم ابن الابن على ابن ابن الابن ( قوله : والأخ على ابن الأخ ) الأولى وابن الأخ على ابن ابن الأخ ; لأن ما ذكره الشارح مستفاد من تعبير المصنف بثم لا من قوله وقدم الأقرب فالأقرب ( قوله : وعصبة الابن ) كبنيه وبني بنيه ، وإن سفلوا وقوله على عصبة الأب ، وهم إخوته ، وأبوه وقوله على عصبة الجد أي ، وهم الأعمام ، وأبو الجد ، وكان الأولى حذف قوله وتقدم عصبة الابن إلخ ; لأن هذا مستفاد من قول المصنف ، وهو الابن ثم ابنه ثم الأب ثم الجد والإخوة إلخ تأمل .

( قوله : مطلقا ) دخل في الإطلاق الإرث بالفرض والإرث بالتعصيب وحينئذ فيستفاد منه تقديم الأخ الشقيق على الأخت للأب ( قوله : فالأخ الشقيق يقدم على غيره ) أي ، وهو الأخ للأب والأخت للأب ; لأن الشقيق يدلي للميت بقرابتين والذي للأب يدلي للميت بقرابة واحدة ( قوله : الأقرب فالأقرب ) أي فإذا اجتمع شخصان من جهة كابن وابن ابن أو ابن أخ وابن ابن أخ أو ابن عم وابن ابن عم فيقدم بالقرب كما أشار له الشارح بقوله الأقرب فالأقرب .

( قوله : فإن لم يكن أقرب ) أي بأن اجتمع شخصان من جهة ، ولم يكن أحدهما أقرب كأخوين شقيق ولأب ، وكابن أخ شقيق وابن أخ لأب ، وكعم شقيق وعم لأب ، وكابني عم كذلك فالتقديم بالقوة وقد أشار المصنف للتقديم بالجهة بقوله ، وهو ابن ثم ابنه إلخ ، وللتقديم بالقرب بقوله وقدم الأقرب فالأقرب ، وللتقديم بالقوة بقوله وقدم مع التساوي الشقيق مطلقا ( قوله : أي على الوجه الذي تقدم ذكره هناك ) أي من تأخير [ ص: 468 ] المعتق عن عصبة القرابة ، وأنه إن عدم المعتق فعصبته فإن عدمت عصبته فمعتقه فإن عدم معتقه فعصبة معتق المعتق إلى حيث تنتهي ( قوله : ثم يليه بيت المال ) أي ثم يليه في الإرث بالعصوبة بيت المال الذي لوطنه مات به أو بغيره من البلاد كان ماله به أو بغيره كما في ح وانظر إذا لم يكن له وطن هل المعتبر محل المال أو الميت ، وكلام المصنف ظاهر في أن بيت المال عاصب فهو كوارث ثابت النسب ، وهو المشهور كان منتظما أو غير منتظم ، وقيل إنه حائز للأموال الضائعة لا وارث ، وهو شاذ وعليه فيجوز للإنسان أن يوصي بجميع ماله إذا لم يكن له وارث من النسب لا على الأول ، وعليه أيضا يجوز الإقرار بوارث ، وليس ثم وارث ثابت لا على الأول ( قوله : بل يدفع الباقي ) أي من التركة بعد ذوي الفروض لبيت المال أي لما مر أنه من جملة العصبة ( قوله : وقال علي يرد إلخ ) أي وتجعل مسألة الرد من عدد ما فيها من السهام فإذا مات عن أم وبنت كانت مسألة الرد من أربعة للأم الربع ، وللبنت ثلاثة أرباع ومسائل الرد للتي لا زوج فيها كلها مقتطعة من ستة كما هو مبسوط في كتب علم الفرائض ( قوله : وقيد بعض أئمتنا ذلك ) أي عدم الرد وعدم الدفع لذوي الأرحام ( قوله : بما إذا كان الإمام عدلا ) أي يصرف بيت المال في مصارفه الشرعية ( قوله : ويدفع لذوي الأرحام ) أي إن لم يكن هناك ذو سهام يرد عليهم فالرد على ذوي السهام مقدم على توريث ذوي الأرحام .

( قوله : وهذا القيد هو المعول عليه عند الشافعية ) ونقله ابن عرفة عن أبي عمر بن عبد البر وعن الطرطوشي وعن الباجي عن ابن القاسم ، وكذا ذكره ابن يونس وابن رشد وابن عساكر في العمدة والإرشاد وقاله ابن ناجي وغير واحد ، وذكر الشيخ سليمان البحيري في شرح الإرشاد عن عيون المسائل أنه حكي اتفاق شيوخ المذهب بعد المائتين على توريث ذوي الأرحام والرد على ذوي السهام لعدم انتظام بيت المال وقيل إن بيت المال إذا كان غير منتظم يتصدق بالمال عن المسلمين لا عن الميت ، وهو كما في بن لابن القاسم والقياس صرفه في مصاريف بيت المال إن أمكن ، وإن كان ذوو رحم الميت من جملة مصاريف بيت المال فهو أولى .

واعلم أن في كيفية توريث ذوي الأرحام مذاهب أصحها مذهب أهل التنزيل وحاصله أن ننزلهم منزلة من أدلوا به للميت درجة درجة فيقدم السابق للميت فإن استووا فاجعل المسألة لمن أدلوا به كما سبق ثم لكل نصيب من أدلى به كأن مات عنه إلا أولاد ولد الأم يستوون ، وإلا أخوال إخوة الأم من أمها فللذكر مثل حظ الأنثيين




الخدمات العلمية