الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد . قال : بلغني عن الحميدي ، عن ابن عيينة . قال : ذكر لنا عن عون بن عبد الله أنه كان يقول : إن من العصمة أن تطلب الشيء من الدنيا ولا تجده ، قال : وكان يقول : إن من أعظم الخير أن ترى ما أوتيت من الإسلام عظيما ، عند ما زوي عنك من الدنيا .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا عمر بن حفص السدوسي ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا المسعودي ، عن عون بن عبد الله . قال : ما أحد ينزل الموت حق منزلته إلا عد غدا ليس من أجله ، كم من مستقبل يوما لا يستكمله ؟ وراج غدا لا يبلغه ؟ لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره . رواه مسعر عن معن ، عن عون مثله .

              حدثنا مخلد بن جعفر ، ثنا جعفر الفريابي ، ثنا محمد بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا مسعر ، حدثني معن ، عن عون بن عبد الله ، أنه كان يقول : كم من مستقبل يوما لا يستكمله ؟ ومنتظر غدا لا يبلغه ؟ لو تنظرون إلى الأجل ومسيره ، لأبغضتم الأمل وغروره . رواه ابن عيينة ، عن مسعر ، عن عون ولم يذكر معنا .

              حدثناه أبي ، وأبو محمد بن حيان ، قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا عبد الجبار ، ثنا سفيان ، عن مسعر ، عن معن ، عن عون مثله .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا خلاد بن يحيى ، ثنا مسعر ، عن معن ، عن عون . قال : بينا رجل بمصر في بستان ينكث ، فرفع رأسه فإذا رجل قائم على رأسه بيده مسحاة . قال : فكأنه ازدراه ، قال : فقال : بم تحدث نفسك ؟ فسكت . فقال : تحدث نفسك بالدنيا ، فإن الدنيا أجل [ ص: 244 ] حاضر ، يأكل منها البر والفاجر ، وأما بالآخرة فإن الآخرة أجل صادق ، يفصل فيه بين الحق والباطل . قال : حتى ذكر أن لها مفاصل كمفاصل اللحم ، قال : فكأنه أعجبه قوله . قال : كنت أحدث نفسي بما وقع في الناس . وذاك في فتنة ابن الزبير . قال : فسل من ذا الذي دعاه فلم يجبه وسأله فلم يعطه وتوكل عليه فلم يكفه ، ووثق به فلم ينجه . قال : فقلت : اللهم سلمني وسلم مني . قال : فتجلت الفتنة ولم يصب مني أحد . رواه أبو أسامة عن مسعر .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن نصر ، ثنا أحمد بن كثير ، ح . وحدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو يحيى الرازي ، ثنا هناد بن السري ، قالا : ثنا أبو أسامة ، عن مسعر ، عن معن ، عن عون بن عبد الله بن عتبة . قال : بينا رجل بمصر في بستان زمن فتنة آل الزبير ، جالسا كئيبا حزينا يبكي ينكث في الأرض بشيء معه ، فرفع رأسه فإذا صاحب مسحاة قد مثل له . فقال : ما لي أراك مهموما حزينا ؟ فكأنه ازدراه ، فقال : لا شيء ، فقال : أبالدنيا ؟ فإن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر ، وإن الآخرة أجل صادق يحكم فيها ملك قادر ، يفصل بين الحق والباطل ، حتى ذكر أن لها مفاصل كمفاصل اللحم من أخطأ منها شيئا أخطأ الحق . قال : فأعجب بذلك من كلامه . فقال : اهتمامي بما فيه المسلمون . فقال : إن الله سينجيك بشفقتك على المسلمين ، وسل من ذا الذي سأل الله فلم يعطه ، أو دعا الله فلم يجبه ، أو توكل عليه فلم يكفه ، أو وثق به فلم ينجه . قال : فعلقت الدعاء ، فقلت : اللهم سلمني وسلم مني . قال : فتجلت الفتنة ولم تصب منه شيئا . قال مسعر : يرونه الخضر عليه السلام . رواه ابن عيينة عن مسعر ، عن عون من دون معن .

              حدثنا أبي ، وأبو محمد بن حيان . قال : ثنا إبراهيم بن الحسن ، ثنا عبد الجبار بن العلاء ، ثنا سفيان ، عن مسعر ، عن عون . قال : بينا رجل في حائط في فتنة ابن الزبير ، فذكر نحوه .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا يزيد بن هارون . قال : أخبرني المسعودي عن عون بن عبد الله . أنه كان يكتب بهذه : أما بعد ، فإني أوصيك بوصية الله التي حفظها سعادة لمن [ ص: 245 ] حفظها ، وإضاعتها شقاوة لمن ضيعها ، ورأس التقوى الصبر ، وتحقيقها العمل ، وكمالها الورع ، وأن تقوى الله شرطه الذي اشترط ، وحقه الذي افترض ، والوفاء بعهد الله أن تجعل له ولا تجعل لمن دونه ، فإنما يطاع من دونه بطاعته ، وإنما تقدم الأمور وتؤخر بطاعته ، وأن ينقض كل عهد للوفاء بعهده ، ولا ينقض عهده للوفاء بعهد غيره ، هذا إجماع من القول له تفسير لا يبصره إلا البصير ، ولا يعرفه إلا اليسير .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا الحسن بن هارون ، وأحمد بن نصر ، قالا : ثنا أحمد بن كثير ، ثنا يحيى بن معين ، ثنا حجاج عن المسعودي ، عن عون . قال : الخير من الله كثير ، ولكنه لا يبصره من الناس إلا يسير ، وهو للناس من الله معروض ، ولكنه لا يبصره من لا ينظر إليه ، ولا يجده من لا يبتغيه ، ولا يستوجبه من لا يعلم به . ألم تروا إلى كثرة نجوم السماء فإنه لا يهتدي بها إلا العلماء . زاد أحمد بن نصر في حديثه : ورأس التقوى الصبر ، وتحقيقها العمل ، وكمالها الورع . ولم يذكر الحسن في روايته حجاجا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن يحيى المروزي ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا المسعودي ، عن عون ، ح . وحدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن نصر ، ثنا أحمد بن كثير ، ثنا أبو النضر ، ثنا عبد الرحمن - يعني المسعودي - عن عون . قال : كان يقال : أزهد الناس في عالم أهله ، وكان يضرب مثل ذلك كالسراج بين أظهر القوم يستصبح الناس منه ، ويقول أهل البيت : إنما هو معنا وفينا ، فلم يفاجئهم إلا وطفئ السراج فأمسك الناس ما استصبحوا من ذلك .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا حجاج بن نصير ، ثنا قرة عن عون . قال : كان يقال : مثل الذي يطلب علم الأحاديث ويترك القرآن ، مثل رجل أخذ باب زريبة فيها غنم ، فمرت به ظباء فاتبعها يطلبها فلم يدركها ، فرجع فوجد غنمه قد خرجت . فلا هذه أدرك ولا هذه أدرك .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا حجاج ، [ ص: 246 ] ثنا قرة ، عن عون . قال : كانوا يمثلون مثل الذي يسمع القرآن إذا قرئ ولا يؤمن ، مثل جيش خرجوا فغنموا فقسموا الغنائم ، فأعطوا بعضهم ولم يعطوا بعضا . فقالوا : كنا جميعا ما شأننا لا نعطى ؟ فقال : إنكم لم تكونوا تؤمنون .

              حدثنا عمرو بن أحمد بن عثمان الواعظ ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، ثنا محمد بن حسان السمتي ، ثنا أبو المحياة ، عن معن . قال : كان عون بن عبد الله أحيانا يلبس الخز وأحيانا يلبس الصوف والبت ونحوه . قال : فقيل له في ذاك ؟ فقال : ألبس الخز لئلا يستحي ذو الهيئة أن يجلس إلي ، وألبس الصوف لئلا يهابني ضعفاء الناس أن يجلسوا إلي .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني سفيان بن وكيع ، ثنا ابن عيينة ، عن مسعر . قال : قال عون بن عبد الله : قد ورد الأول ، والآخر متعب منتظر ، فأصلحوا ما تقدمون عليه بما تظعنون عنه ، فإن الخلق للخالق ، والشكر للمنعم ، وإن الحياة بعد الموت ، والبقاء بعد القيامة .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث بن سعد ، عن ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله . قال : إن من تمام التقوى أن تبتغي إلى ما قد علمت منها علم ما لم تعلم ، وإن النقص فيما قد علمت ترك ابتغاء الزيادة فيه ، وإنما يحمل الرجل على ترك ابتغاء الزيادة فيه قلة الانتفاع بما قد علم .

              [ حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو يعلى الموصلي ، ثنا محمد بن قدامة . قال : سمعت سفيان الثوري يقول : قال عون بن عبد الله : إن من كمال التقوى أن تبتغي إلى ما قد علمت منها ما لم تعلم ، واعلم أن النقص فيما قد علمت ، ترك ابتغاء الزيادة فيه . وإنما يحمل الرجل على ترك العلم قلة الانتفاع بما قد علم ] .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث بن سعد ، عن ابن عجلان ، عن عون . أنه كان يقول : اليوم المضمار ، وغدا السباق ، والسبقة الجنة ، والغاية النار ، فبالعفو تنجون ، وبالرحمة تدخلون ، وبالأعمال تقتسمون المنازل .

              [ ص: 247 ] حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني سفيان بن وكيع ، ثنا ابن عيينة ، عن مسعر . قال : قال عون بن عبد الله : كفى بك من الكبر أن ترى لك فضلا على من هو دونك . وكانوا يقولون : ذلوا عند الطاعة ، وعزوا عند المعصية .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة ، ثنا الليث بن سعد ، عن ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله . قال : بحسبك كبرا أن تأخذ بفضلك على غيرك .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا حسين المروزي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا الليث ، ثنا رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث ، عن عون بن عبد الله . قال : إن الله تعالى ليدخل الجنة قوما فيعطيهم حتى يتملوا ، وفوقهم ناس في الدرجات العلى ، فلما نظروا إليهم عرفوهم ، فيقولون : يا ربنا إخواننا كنا معهم ، فبم فضلتهم علينا ؟ فيقول : هيهات هيهات ، إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ، ويظمؤون حين تروون ، ويقومون حين تنامون ، ويشخصون حين تخفضون .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن يحيى المروزي ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا المسعودي ، عن عون . قال : كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث ، ويكتب بذلك بعضهم إلى بعض : من عمل لآخرته كفاه الله دنياه ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس . رواه مسعر عن زيد العمي ، عن عون مثله .

              حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني ، ثنا محمد بن عبدوس الهاشمي ، ثنا عباس بن يزيد البحراني ، ثنا وكيع ، عن مسعر به .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد الصمد ، ثنا قرة . قال : قال عون بن عبد الله في قوله عز وجل : ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) . قال : إن ناسا يضعونها على غير موضعها ، إنما هي أقبل على طاعة ربك وعبادته .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث . قال : أخبرني محمد بن عجلان ، عن عون بن عبد الله . أنه كان [ ص: 248 ] يقول حين يعظ الناس : إنه ليخشى الله من هو أبرأ منا . وإنا لنخشى من لا يملكنا ، وكيف يخاف البريء أم كيف يأمن المسيء ؟ ثم يقول : ويلي ! يخاف البريء بفضل علمه ، ويأمن المسيء لنقص عقله .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا وكيع بن الجراح ، ثنا المسعودي ، عن عون بن عبد الله . قال : مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة . فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا ؟ فأنزل الله تعالى : الله نزل أحسن الحديث . ثم نعته ، فقال : كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله . قال : ثم ملوا ملة أخرى ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا فوق الحديث ودون القصص . قال وكيع : يعنون القرآن ، فأنزل الله تعالى : الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين . قال : فأرادوا الحديث فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا المسعودي ، عن عون . قال : إن الحلم والحياء والعي - عي اللسان لا عي القلب - والفقه من الإيمان ، وهن ما ينقصن من الدنيا ويزدن في الآخرة ، وما يزدن في الآخرة أكثر مما ينقصن من الدنيا ، ألا وإن البذاء والجفاء والبيان من النفاق ، وهن مما يزدن في الدنيا وينقصن من الآخرة ، وما ينقصن من الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن نصر ، ثنا أحمد بن كثير ، ثنا حجاج ، عن المسعودي ، عن عون . قال : قيل لرجل من الفقهاء : من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ، فقال الفقيه : والله إنه ليجعل لنا المخرج وما بلغنا من التقوى ما هو أهله ، وإنه ليرزقنا وما اتقيناه كما ينبغي ، وإنه ليجعل لنا من أمرنا يسرا وما اتقيناه ، وإنا لنرجو الثالثة : ومن يتق الله يكفر عنه [ ص: 249 ] سيئاته ويعظم له أجرا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن نصر ، ثنا أحمد بن كثير ، ثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا المسعودي عن عون . قال : كان أخوان في بني إسرائيل ، فقال أحدهما لصاحبه : ما أخوف عمل عملته عندك ؟ فقال : ما عملت عملا أخوف عندي من أني مررت بين قراحي سنبل فأخذت من أحدها سنبلة ، ثم ندمت فأردت أن ألقيها في القراح الذي أخذتها منه فلم أدر أي القراحين هو ، فطرحتها في أحدهما ، فأخاف أن أكون قد طرحتها في القراح الذي لم آخذها منه . فما أخوف عمل عملته أنت عندك ؟ قال :إن أخوف عمل عملته عندي ، إذا قمت في الصلاة أخاف أن أكون أحمل على إحدى رجلي فوق ما أحمل على الأخرى . قال : وأبوهما يسمع كلامهما ، فقال : اللهم إن كانا صادقين فاقبضهما إليك قبل أن يفتتنا ، فماتا . قال : فما ندري أي هؤلاء أفضل ؟ قال يزيد : الأب أرى أفضل .

              ‌‌‌ حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا عمر بن أيوب ، عن أبي إبراهيم الحسن بن زيد . قال : دخل عون بن عبد الله مسجدا بالكوفة فلف رداءه ثم اتكأ عليه ، وقال : أعمروها ، ولو تتكئوا فيها .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو معمر ، ثنا سفيان ، عن أبي هارون موسى . قال : كان عون يحدثنا ولحيته ترتش بالدموع .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، ثنا سفيان بن وكيع ، ثنا ابن عيينة عن مسعر ، عن عون . قال : ما أقبح السيئات بعد السيئات ؟ وما أحسن الحسنات بعد السيئات ؟ وأحسن من ذلك الحسنات بعد الحسنات .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا الحجاج ، عن المسعودي . قال : قال عون بن عبد الله : ما أحسب أحدا تفرغ لعيب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه .

              حدثنا أبو بكر ، ثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا حجاج عن المسعودي ، عن عون . قال : جالسوا التوابين فإنهم أرق الناس قلوبا .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا عمرو بن حفص السدوسي ، ثنا عاصم بن علي ، [ ص: 250 ] ثنا المسعودي ، عن عون بن عبد الله . قال : من كان في صورة حسنة ، أو في موضع لا يشينه ، ووسع عليه من الرزق ثم تواضع لله كان من خاصة الله .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث بن سعد ، عن ابن عجلان ، عن عون . أنه قال : من أحسن الله صورته وأحسن رزقه وجعله في منصب صالح ثم تواضع لله ، فهو من خالصي أهل الله .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث بن سعد ، عن ابن عجلان ، عن عون أن ابن مسعود كان يقول : لا تعجل بمدح أحد ولا بذمه ، فإنه رب من يسرك اليوم يسوءك غدا ، ورب من يسوءك اليوم يسرك غدا .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، ثنا عياش بن عاصم الكلبي ، حدثني سعيد بن صدقة الكيساني - وكان يقال : إنه من الأبدال - قال : قال عون بن عبد الله : فواتح التقوى حسن النية ، وخواتيمها التوفيق ، والعبد فيما بين ذلك بين هلكات وشبهات ونفس تحطب على شلوها ، وعدو مكيد غير غافل ولا عاجز ، ثم قرأ : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أحمد بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد . قال : حدثني محمد بن الحسين . قال : ثنا عبيد بن يعيش . قال : حدثني إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن عتبة ، عن أبيه . قال : سمعت عون بن عبد الله يقول : رأينا صدأ القلوب إنما يكون من كثرة غير الذنوب ، ورأينا جلاءها إنما يكون من قبل التوبة ، حتى تدع القلوب كالسيف النقي المرهف .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسن ، ثنا شهاب بن عباد ، ثنا سويد بن عمرو الكلبي ، عن مسلمة بن جعفر ، حدثني أبو العجل الأسدي . قال : قال عون بن عبد الله : قلب التائب بمنزلة الزجاجة يؤثر فيه جميع ما أصابها ، والموعظة إلى قلوبهم سريعة وهم إلى الرقة أقرب ، فداووها من الذنوب بالتوبة ، فلرب تائب دعته توبته إلى الجنة حتى أوفدته عليها ، وجالسوا التوابين فإن رحمة الله [ ص: 251 ] إلى التوابين أقرب .

              حدثنا محمد بن أحمد بن محمد العبدي ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا بكر بن محمد البصري ، ثنا سالم بن نوح ، عن عمر بن موسى القرشي ، عن عون بن عبد الله . قال : جرائم التوابين منصوبة بالندامة نصب أعينهم ، لا تقر للتائب في الدنيا عين كلما ذكر ما اجترح على نفسه .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا أبي ، عن عبد الله بن محمد ، حدثني محمد بن الحسين ، ثنا عياش بن عاصم الكلبي ، ثنا سلمة الأعور ، عن عون بن عبد الله بن عتبة قال : اهتمام العبد بذنبه داع إلى تركه ، وندمه عليه مفتاح للتوبة ، ولا يزال العبد يهتم بالذنب حتى يكون أنفع له من بعض حسناته .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا عبد الله بن رجاء ، ثنا المسعودي عن عون بن عبد الله . أن عبد الله كان يقول : إن العباد في فسحة من ستر الله ما أقاموا العبادة ، ولم يهريقوا دما حراما . قال : وكان عبد الله إذا خرج من بيته . قال : بسم الله توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله . قال محمد بن كعب القرظي : هذا في القرآن : اركبوا فيها بسم الله ، وقال : على الله توكلنا .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو مسلم ، ثنا عبد الله بن رجاء ، ثنا المسعودي ، عن عون . قال : قال عبد الله : لا تحلفوا بحلف الشيطان ، أن يقول أحدكم : وعزة الله ، ولكن قولوا كما قال الله عز وجل : والله رب العزة ، وقال رجل لعبد الله : إني أخاف أن أكون منافقا . قال : لو كنت منافقا ما خفت ذلك .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا سليمان بن داود الطيالسي ، ثنا مطرف بن معقل الشقري . قال أبي - وكان ثقة حدثنا عنه يحيى - قال :حدثني عون بن عبد الله . قال : الدنيا والآخرة في قلب ابن آدم ككفتي الميزان ، ترجح إحداهما بالأخرى ، وما تحاب رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه . قال عون : وذلك أنه فيه . قال : وسمعت عونا يقول : إن صاحب عمل الآخرة لا يفجأك إلا سرك مكانه ، وإن صاحب عمل [ ص: 252 ] الدنيا لا يفجأك إلا ساءك مكانه . قال : وسمعت عونا يقول : ما اجتمع رجلان فتفرقا حتى يعقد الشيطان في قلب كل واحد منهما عقدة ، فإن لقي أخاه فسلم عليه حلت العقدة ، وإلا كانت العقدة كما هي . قال : وسمعت عونا يقول : إذا سرك أن تنظر إلى الرجل أحسن ما يكون عليه حالا ; فانظر إليه وهو قائم يصلي .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا أبو عامر القيسي ، ثنا قرة ، عن عون . قال : إن الله ليكره عبده على البلاء كما يكره أهل المريض مريضهم وأهل الصبي صبيهم على الدواء ، ويقولون : اشرب هذا فإن لك في عاقبته خيرا .

              حدثنا عبد الله ، ثنا أحمد أبو أسامة ، ثنا مسعر ، عن عون . قال : الصوم من الحلال أن تدخله ومن الحرام أن تخرجه .

              حدثنا عبد الله ، ثنا أحمد ، ثنا أحمد ، ثنا أبو النضر ، ثنا عبد الرحمن ، عن عون . قال : أفضل الصيام الصيام من أربع : من المطعم والمأثم والمحرم ، وأن تفطر على صدقة .

              حدثنا عبد الله ، ثنا أحمد ، ثنا أحمد ، ، ثنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا المسعودي عن عون . قال : يخرج لابن آدم يوم القيامة دواوين : ديوان فيه الحسنات وديوان فيه السيئات ، وديوان فيه النعم ، فلا تخرج حسنة إلا خرجت نعمة تستوعبها ، وتبقى السيئات لله فيها المشيئة .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن نصر ، ثنا أحمد بن كثير ، ثنا داود ، ثنا المسعودي ، عن عون . قال : كان رجل يجالس قوما فترك مجالستهم ; فأتي في منامه وقيل له : تركت مجالستهم ؟ لقد غفر الله لهم بعدك سبعين مرة .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن نصر ، ثنا أحمد بن كثير ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني . قال : أخبرني أبو سلمة الحمصي . قال : حدثني يحيى بن جابر . قال : قدم علينا عون فقعدنا إليه في المسجد فوعظنا موعظة لم نسمع بمثلها ، ثم قال : أين مسجدكم الذي كان يصلي فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فذهبنا به إليه فتوضأ وصلى فيه ركعتين ، ثم قال : هل من مريض نعوده ؟ قلنا : نعم ، فأتينا يزيد بن ميسرة ، فلما قعدنا وعظنا موعظة أنستنا التي [ ص: 253 ] كانت قبلها ، فاستوى يزيد بن ميسرة وهو مريض . فقال : بخ بخ ! لقد استعرضت بحرا عريضا ، واستخرجت منه نهرا غريضا ، ونصبت عليه شجرا كثيرا ، فإن كان شجرك مثمرا أكلت وأطعمت ، وإن كان شجرك غير مثمر فإن في أصل كل شجرة فأسا ، ثم قال ابن ميسرة لعون : ثم ماذا ؟ فقال عون : ثم تقطع ، قال ابن ميسرة : ثم ماذا ؟ قال عون : ثم توقد النار ، فسكت ابن ميسرة . قال عون : ما وقعت من قلبي موعظة كموعظة يزيد بن ميسرة .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن نصر ، ثنا أحمد بن كثير ، ثنا أبو معاوية الضرير . قال : أنبأنا عاصم الأحول عن عون . قال : اجعلوا حوائجكم اللاتي تهمكم في الصلاة المكتوبة ، فإن الدعاء فيها كفضلها على النافلة .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني عبيد الله بن عمرو القواريري ، حدثني حرمي بن عمارة ، ثنا زافر بن سليمان ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمد بن سوقة ، عن عون بن عبد الله في قوله تعالى : لأقعدن لهم صراطك المستقيم . قال : طريق مكة .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن العباس الأخرم ، ثنا حفص بن عمر الربالي ، ثنا أبو بحر البكراوي ، ثنا قرة بن خالد . قال : سمعت عون بن عبد الله ، يقول : إذا أعطيت المسكين شيئا ، فقال : بارك الله فيك ، فقل أنت : بارك الله فيك ، حتى تخلص لك صدقتك .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو زرعة الدمشقي ، ثنا أبو نعيم ، ثنا مالك بن مغول . قال : سمعت عون بن عبد الله يقول : سألت أم الدرداء : ما كان فضل عمل أبي الدرداء ؟ قالت : التفكر والاعتبار .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا عبد الله بن رجاء ، ثنا المسعودي عن عون . قال : لما أتت عبد الله - يعني ابن مسعود - وفاة عتبة - يعني أخاه - بكى ، فقيل له : أتبكي ؟ قال : كان أخي في النسب ، وصاحبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أحب مع ذلك أني كنت قبله ، أن يموت فأحتسبه ، أحب إلي من أن أموت فيحتسبني .

              [ ص: 254 ] حدثنا سليمان ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا عبد الله بن رجاء ، ثنا المسعودي ، عن عون . أن ابن مسعود كان يقول : يا بادئ لا بداء لك ، يا دائم لا نفاد لك ، يا حي تحيي الموتى ، أنت القائم على كل نفس بما كسبت .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم ، ثنا المسعودي ، ح . وحدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم قالا عن 11974 أبي حازم ، عن عون . أنه كان يقول : المؤمن موالف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو يحيى الرازي ، ثنا عبد الله بن عمران . قال : ثنا ابن إدريس . قال : سمعت هارون بن عنترة يقول عن عون بن عبد الله ، قال : قال عبد الله : صل من كان أبوك يصله ، فإن صلة الميت في قبره أن تصل من كان أبوك يواصل .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو موسى الأنصاري ، ثنا سفيان بن عيينة . قال : قال عون بن عبد الله : الخير الذي لا شر فيه : الشكر مع العافية ، فكم من منعم عليه غير شاكر ، وكم من مبتلى غير صابر ، وكان يقول : الحمد لله الذي إذا شئت أي ساعة من ليل أو نهار وضعت عنده سري بغير شفيع ، فيقضي لي حاجتي ، ربي عز وجل ، والحمد لله الذي أدعوه فيجيبني ، وإن كنت بطيئا حين يدعوني .

              أخبرنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد في كتابه ، ثنا الحسن بن علي . قال : ثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، ثنا سماعة بن هلال . قال : سمعت عون بن عبد الله ، يقول : يدخل فقراء المهاجرين [ الجنة ] قبل أغنيائهم بسبعين خريفا ، مثله كمثل سفينتين في هذا البحر ، مرت واحدة وليس فيها شيء ، فقال صاحب البحر : خلوا سبيلها ، ومرت الأخرى موقرة فحبست لينظر ما فيها .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا هاشم بن القاسم ، ثنا الأشجعي ، ثنا موسى الجهني ، عن عون بن عبد الله بن عتبة ، أنه كان يقول : يا ويح نفسي ، كيف أغفل ولا يغفل عني ؟ أم كيف [ ص: 255 ] تهنئني معيشتي واليوم الثقيل ورائي ؟ أم كيف يشتد عجبي بدار في غيرها قراري وخلدي .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية