الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء


              حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد البغدادي الوراق ثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : قال لي الشافعي ذات يوم : يا يونس إذا بلغت عن صديق لك ما تكرهه فإياك أن تبادر بالعداوة وقطع الولاية فتكون ممن أزال يقينه بشك ، ولكن القه ، وقل له : [ ص: 122 ] بلغني عنك كذا وكذا ، وأجدر أن تسمي المبلغ فإن أنكر ذلك فقل له : أنت أصدق وأبر ، ولا تزيدن على ذلك شيئا . وإن اعترف بذلك فرأيت له في ذلك وجها بعذر فاقبل منه ، وإن لم يرد ذلك فقل له : ماذا أردت بما بلغني عنك ؟ فإن ذكر ما له وجه من العذر فاقبله ، وإن لم يذكر لذلك وجها لعذر ، وضاق عليك المسلك فحينئذ أثبتها عليه سيئة أتاها ، ثم أنت في ذلك بالخيار إن شئت كافأته بمثله من غير زيادة وإن شئت عفوت عنه ، والعفو أبلغ للتقوى ، وأبلغ في الكرم : لقول الله تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) فإن نازعتك نفسك بالمكافأة فاذكر فيما سبق له لديك ، ولا تبخس باقي إحسانه السالف بهذه السيئة فإن ذلك الظلم بعينه ، وقد كان الرجل الصالح يقول : رحم الله من كافأني على إساءتي من غير أن يزيد ولا يبخس حقا لي ، يا يونس إذا كان لك صديق فشد يديك به ، فإن اتخاذ الصديق صعب ومفارقته سهل . وقد كان الرجل الصالح يشبه سهولة مفارقة الصديق بصبي يطرح في البئر حجرا عظيما فيسهل طرحه عليه ، ويصعب إخراجه على الرجال البرك فهذه وصيتي لك ، والسلام .

              حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر ، وأبو عمرو عثمان بن محمد العثماني قالا : ثنا أبو بكر النيسابوري ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى الصدفي يقول : سمعت الشافعي ، يقول : يا يونس ، الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة ، والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء ، فكن بين المنقبض والمنبسط .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال : سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة ، يقول ح : وحدثنا محمد بن جعفر ، ثنا أبو بكر النيسابوري ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى ، يقول : قال لي الشافعي - رضي الله عنه - : الناس غاية لا تدرك ، وليس لي إلى السلامة من سبيل ، فعليك بما ينفعك فالزمه .

              حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد ، ثنا أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري - بدمشق - ثنا محمد بن هارون بن حسان - بمصر - ثنا أحمد بن يحيى الوزير ، ثنا محمد بن إدريس الشافعي ، قال : قبول السعاية أضر من السعاية ؛ [ ص: 123 ] لأن السعاية دلالة ، والقبول إجازة ، وليس من دل على شيء كمن قبل وأجاز ، والساعي ممقوت إذا كان صادقا لهتكه العورة ، وإضاعته الحرمة ، ومعاقب إن كان كاذبا : لمبارزته الله بقول البهتان ، وشهادة الزور ، وقال : وتنقص رجل محمد بن الحسن عند الشافعي فقال له : مهما تلمظت بمضغة طالما لفظها الكرام .

              حدثنا محمد بن إبراهيم الأنصاري ، ثنا محمد بن هارون بن حسان ، ثنا أحمد بن يحيى الوزير ، قال : خرج الشافعي يوما من سوق القناديل متوجها إلى حجرته فتبعناه فإذا رجل يسفه على رجل من أهل العلم ، فالتفت إلينا الشافعي فقال : نزهوا أسماعكم عن استماع الخنا كما تنزهون ألسنتكم عن النطق به ، فإن المستمع شريك القائل ، وإن السفيه ينظر إلى أخبث شيء في وعائه فيحرص أن يفرغه في أوعيتكم ، ولو رددت كلمة السفيه لسعد رادها كما شقي بها قائلها .

              سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن مقسم يقول : سمعت أبا الحسن الخلال ، يقول : سمعت الربيع ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : أنفع الذخائر التقوى وأضرها العدوان .

              سمعت أحمد بن محمد يقول : سمعت أبا الحسن ، يقول : سمعت الربيع ، يقول : سمعت الشافعي مرارا كثيرة يقول : ليس العلم ما حفظ ، العلم ما نفع .

              حدثنا عثمان بن محمد العثماني ، قال : سمعت أبا بكر النيسابوري ، يقول : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : قال الشافعي : يا ربيع ، رضا الناس غاية لا تدرك ، فعليك بما يصلحك فالزمه ، فإنه لا سبيل إلى رضاهم . واعلم أن من تعلم القرآن جل في عيون الناس ، ومن تعلم الحديث قويت حجته ، ومن تعلم النحو هيب ، ومن تعلم العربية رق طبعه ، ومن تعلم الحساب جل رأيه ، ومن تعلم الفقه نبل قدره ، ومن لم يضر نفسه لم ينفعه علمه ، وملاك ذلك كله التقوى .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن المعافى بن حنظلة ، ثنا الربيع بن سليمان ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : اللبيب العاقل هو الفطن المتغافل .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت المفضل بن محمد الجندي ، يقول : ثنا [ ص: 124 ] أبو الوليد الجارودي ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : لو علمت أن الماء البارد ينقص من مروءتي ما شربته .

              حدثنا أبو عمرو العثماني ، حدثني أحمد بن جعفر بن محمد ، ثنا أبو أحمد عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل الأصبهاني ، ثنا علي بن صالح الهمداني ، ثنا عبيد الأنماطي ، قال : سمعت المزني يقول : دخلت على الشافعي وقد لزم الوحدة ، فقلت : يا أبا عبد الله لو خرجت إلى الناس فتبث فيهم علمك لانتفعوا ، فأطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال : تأمرني بأنس لبقاء عزك بوحدتك ، ولا تأنس إلى من تخلق عنده بكثرة مجالستك ، فإن مؤونة الصبر عندي أحسن من مؤونة البذل على الطاعة ، ولا تسع في حظ لك في حاجة لا تحب سترا يقيك من الشنعة .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت أبا بكر بن صبيح ، يحكي عن يونس ، قال : قال الشافعي : طبع فؤادي على اللوم ، فمن شأنه التقرب لمن يبعد منه ، والتباعد ممن يقرب منه .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن الحسن اللواز ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : اصطنع رجل إلى رجل من العرب صنيعة فوقعت منه ، فقال له : أجرك الله من غير أن يبتليك ، فقال : هو من أحد الناس عقلا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا أبو حاتم ، ثنا حرملة ، قال : سمعت الشافعي يقول : كل ما قلت لكم فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتراه حقا فلا تقبلوه فإن العقول مضطرة إلى قبول الحق .

              حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، حدثني أبو محمد البستي السجستاني - فيما كتب إلينا - قال : قال الحسين : قال لنا الشافعي : إن أصبتم الحجة في الطريق مطروحة فاحكوها عني فإني قائل بها .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثني صالح بن محمد ، قال : سمعت أبا محمد ابن بنت الشافعي ، يقول : سألت أبي فقلت : يا أبت أي العلم أطلب ؟ فقال : يا بني أما الشعر فيضع الرفيع ويرفع الخسيس ، وأما النحو فإذا بلغ الغاية صار [ ص: 125 ] مؤدبا ، وأما الفرائض فإذا بلغ صاحبها فيها غاية صار معلم حساب ، وأما الحديث فتأتي بركته وخيره عند فناء العمر ، وأما الفقه فللشاب وللشيخ ، وهو سيد العلم .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا أبو حاتم ، ثنا حرملة ، قال : سمعت الشافعي ، يقول في حديث عائشة : " واشترطي لهم الولاء " . معناه : اشترطي عليهم الولاء ، قال الله تعالى ( أولئك لهم اللعنة ) بمعنى عليهم .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الرحمن بن داود ، ثنا ابن روح ، قال : سمعت المزني ، يقول : سمعت الشافعي يقول : ليس من قوم لا يخرجون نساءهم إلى رجال غيرهم إلا جاء أولادهم حمقى .

              حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا ابن أبي حاتم ، حدثني أبي ، ثنا حرملة ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : بذل كلامنا صون كلام غيرنا . قال أبو محمد : يعني : بذله لكلامه في الحلال والحرام ، والرد على من خالف السنة صون لكلام أشكاله أدناهم هذه المدونة .

              حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، قال في كتابي عن الربيع ، قال : سمعت الشافعي يقول - وذكر من يحمل العلم جزافا - قال : هذا مثل حاطب أقبل يقطع حزمة حطب فيحملها ، ولعل فيها أفعى فتلدغه وهو لا يدري . قال الربيع يعني الذين لا يسألون عن الحجة من أين ؟ يكتب العلم ، وهو لا يدري على غير فهم ، فيكتب عن الكذاب وعن الصدوق وعن المبتدع وغيره ، فيحمل عن الكذاب والمبتدع الأباطيل ، فيصير ذلك نقصا لإيمانه ، وهو لا يدري .

              حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : قال الشافعي : معنى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " حدثوا عن بني إسرائيل ، ولا حرج " أي لا بأس أن تحدثوا عنهم بما سمعتم وإن استحال أن يكون في هذه الأمة مثل ما روي أن ثيابهم تطول ، والنار التي تنزل من السماء فتأكل القربان . ليس أن يحدث عنهم بالكذب ، وما لا يروى .

              حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، ثنا أحمد بن عثمان النحوي ، قال : سمعت أبا محمد - قريب الشافعي - قال : سمعت إبراهيم بن محمد الشافعي يقول : حبس [ ص: 126 ] الشافعي مع قوم من الشيعة بسبب التشيع ، فوجه إلي يوما فقال : ادع فلانا المعبر . فدعوته له فقال : رأيت البارحة كأني مصلوب على قناة مع علي بن أبي طالب ، فقال : إن صدقت رؤياك شهرت وذكرت ، وانتشر أمرك ، ثم حمل إلى الرشيد معهم ، فكلمه ببعض ما جلبه به فخلى عنه .

              حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي : ما اشتد علي فوت أحد من العلماء مثل فوت ابن أبي ذيب والليث بن سعد .

              حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، أخبرني أبو محمد، قريب الشافعي - فيما كتب إلي - قال : عاتب محمد بن إدريس الشافعي ابنه عثمان ، فقال فيما قال له ووعظه به : يا بني ، والله لو علمت أن الماء البارد يثلم من ديني شيئا ما شربته إلا حارا .

              حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، أخبرنا أبو محمد، قريب الشافعي - فيما كتب إلي - قال : حدثتني أمي ، قالت : كانت له هنة فوضعت يدها على فم الصبي وخرجت مبادرة ، وكان الباب بعيدا ، فلم تبلغ الباب حتى اضطرب الصبي ، قالت : فلما استيقظ الشافعي قالت له أم عثمان ويحك يا ابن إدريس - وهو يمدح نفسه - كدت تقتل اليوم نفسا ، فاحمار وانتفخ وجعل يقول لها : وكيف ذاك ؟ فأخبرته الخبر ، فحلف أن لا يقيل مدة طويلة إلا والرحا عند رأسه تطحن . فكان إذا أراد أن يقيل جئنا بالرحا حتى تطحن عند رأسه .

              أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا أبو محمد البستي - فيما كتب إلي - قال : قال الحارث بن سريج : أراد الشافعي الخروج إلى مكة فاحترق دكان القصار والثياب ، فجاء القصار ومعه قوم يتحمل بهم على الشافعي في تأخيره ليدفع إليه قيمة الثياب ، فقال له الشافعي : قد اختلف أهل العلم في تضمين القصار ، ولم أتبين أن الضمان يجب ، فلست أضمنك شيئا ، وقال الحارث بن سريج : دخلت مع الشافعي على خادم الرشيد وهو في بيت قد فرش بالديباج ، فلما وضع الشافعي رجله على العتبة أبصر الديباج ، فرجع ولم يدخل فقال له الخادم : ادخل . فقال : لا يحل افتراش هذا . فقام الخادم متمشيا حتى دخل بيتا قد فرش بالأرميني ، ثم دخل الشافعي ، فأقبل عليه ، وقال [ ص: 127 ] هذا حلال ، وذاك حرام ، وهذا أحسن من ذاك ، وأكثر ثمنا منه . فتبسم الخادم ، وسكت ، قال : وحدثني أبو ثور قال : أراد الشافعي الخروج إلى مكة ، ومعه مال فقلت له - وقلما كان يمسك الشيء من سماحته - : ينبغي أن تشتري بهذا المال ضيعة تكون لولدك من بعدك . فخرج ثم قدم علينا فسألته عن ذلك المال ما فعل به ؟ فقال : ما وجدت بمكة ضيعة يمكنني أن أشتريها لمعرفتي بأهلها ، أكثرها قد رفعت علي . ولكن قد بنيت بمكة بيتا يكون لأصحابنا ينزلون فيه إذا حجوا .

              حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثنا الربيع ، قال : قال الشافعي : ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة أطرحها . قال أبو محمد : يعني فطرحتها لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب ويزيل الفطنة ويجلب النوم ، ويضعف صاحبه عن العبادة .

              حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا عبد الله بن جامع ، قال : سمعت الربيع يقول : سمعت الشافعي ، يقول : ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا أكلة أكلتها فأتقاياها .

              حدثنا أبو الحسن بن مقسم ، قال : سمعت أبا بكر بن سيف ، يقول : سمعت المزني ، يقول : سمعت الشافعي يقول : وسئل عمن يرى في الحمام مكشوفا أتقبل شهادته ؟ فقال : لا .

              حدثنا عثمان بن محمد العثماني ، قال : سمعت محمد بن يعقوب ، يقول : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : لا يحل لأحد أن يكتني بأبي القاسم ، كان اسمه محمدا أو غيره .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت يونس بن محمد بن موسى المروزي يقول : سمعت عمر بن الربيع ، يقول عن عمر بن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن أبيه ، قال : سمعت محمد بن إدريس الشافعي ، يقول : بينما أنا أدور في طلب العلم ودخلت اليمن ، فقيل لي : إن بها امرأة من وسطها إلى أسفل بدن امرأة ، ومن وسطها إلى فوق بدنان متفرقان بأربعة أيد ورأسين ووجهين ، فلعهدي بهما وهما يتقاتلان ويتلاطمان ويصطلحان ويأكلان ويشربان . ثم إني نزلت عنها ، [ ص: 128 ] وخرجت من ذلك البلد فأقمت برهة من الزمن - أحسبه قال سنتين - ثم عدت إلى ذلك البلد فسألت عن ذلك الشخص ، فقيل لي : أحسن الله عزاءك في الجسد الواحد . فقلت : ما كان من شأنه ؟ قال : إنه توفي الجسد الواحد فعمد إليه فربط من أسفله بحبل وثيق وترك حتى ذبل فقطع ودفن . قال الشافعي : فلعهدي بالجسد الواحد في السوق ذاهبا وجائيا - نحو هذه الألفاظ - قال : وسمعت الشافعي ، يقول : كنت باليمن ، فرأيت أعماوين يتقاتلان وأبكم يصلح بينهما .

              حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر ، ثنا زكريا بن يحيى الساجي ، ثنا الربيع بن سليمان ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : ما حلفت بالله لا صادقا ولا كاذبا قط .

              حدثنا محمد بن مهدي ، ثنا علي بن محمد بن أبان ، حدثني يحيى بن زكريا الساجي النيسابوري - بمصر - قال : سمعت أبا سعيد الفريابي ، يقول : سمعت محمد بن يزيد النحوي ، يقول : سمعت يحيى بن هشام النحوي ، يقول : طالت مجالستنا لمحمد بن إدريس الشافعي فما سمعت منه لحنة قط ، ولا كلمة غيرها أحسن منها .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا عبد العزيز بن أبي رجاء أبو النجم ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : قال الحارث بن مسكين : لقد أحببت الشافعي وقرب من قلبي لما بلغني أنه كان يقول : الكفاءة في الدين لا في النسب ، لو كانت الكفاءة في النسب لم يكن أحد من الخلق كفؤا لفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا لبنات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد زوج ابنتيه من عثمان وزوج أبا العاص بن الربيع .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول ، ثنا الربيع ، قال : سئل الشافعي عن مولى أراد أن يتزوج عربية ، فقال الشافعي : أنا عربي لا تسألوني عن هذا .

              حدثنا محمد بن المظفر ، حدثنا جعفر بن أحمد بن عبد السلام الأنطاكي ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال لي محمد بن إدريس الشافعي : إذا وجدت مقدمي أهل المدينة على شيء فلا يدخل قلبك شك أنه حق .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد العزيز بن أحمد بن أبي رجاء ، قال : سمعت [ ص: 129 ] الربيع ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : ما نقص من إيمان السودان إلا لضعف عقولهم : ولولا ذلك لكان لونا من الألوان من الناس من يشتهيه ويفضله على غيره .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عبد الله النسائي ، ثنا الربيع ، قال : سأل رجل الشافعي عن سنه ، فقال : ليس من المروءة أن يخبر الرجل بسنه ، سأل رجل مالكا عن سنه فقال : أقبل على شأنك .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عبد الله مكحول ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : سئل عمر بن عبد العزيز عن قتلى صفين فقال : دماء طهر الله يدي منها ، لا أحب أن ألطخ لساني بها .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن يحيى بن آدم ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : كان ابن أبي يحيى عنينا ، فجاءنا ذات يوم ، فقال : اطلبوا لي فأسا جديدا لم يدخل هراوته فيه ، فقلنا له : ما تصنع به ؟ قال : قيل لي : إن بلت فيه نشطت للنساء .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن يحيى بن آدم ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : قال الشافعي لرجل : أظنك أحمق . قال الرجل : إن أحمق ما يكون الشيخ إذا أعجب بعلمه .

              حدثنا محمد ، ثنا محمد ، قال : قال الشافعي : قال رجل للشعبي : عندي مسائل شداد خبأتها لك . فقال : أخبئها لأخيك الشيطان .

              حدثنا محمد بن يوسف بن عبد الأحد ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى ، يقول : لو احتج الشافعي على هذا العمود لقصمه . وكان الشافعي يصنع كتابا من غدوة إلى الظهر من حفظه من غير أن يكون في يده أصل .

              حدثنا محمد بن أحمد بن سهل النسائي ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : وقف أعرابي على قوم ، فقال : إني - رحمكم الله - من أبناء السبيل ، وأيضا من سفر ، رحم الله امرأ أعطى من سعة ، وواسى من كفاف ، فأعطاه رجل درهما ، فقال له : آجرك الله من غير أن يسألك .

              حدثنا محمد ، قال : سمعت أبا الحسن أحمد بن عمر الخطيب قال : سمعت أبا [ ص: 130 ] عبد الله العمري يقول : سمعت الربيع يقول : قال الشافعي : عليك بالزهد ، فالزهد على الزاهد أحسن من الحلي على الشاهد .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية