الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا عمر بن حفص السدوسي ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا أبو معشر ، عن يعقوب بن زيد بن طحلان ، عن زيد بن أسلم ، عن أنس بن مالك ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا رجلا ونكايته في العدو ، واجتهاده في الغزو ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أعرف هذا ، قالوا : بلى يا رسول الله ، نعته كذا وكذا ، قال : ما أعرف هذا ، قال : فما زالوا ينعتونه ، قال : لا أعرف هذا حتى طلع الرجل ، فقالوا : هو هذا يا رسول الله ، فقال : ما كنت أعرف هذا ، هذا أول قرن رأيته في أمتي فيه سعفة من الشيطان ، فجاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله : نشدتك بالله هل حدثت نفسك حين طلعت علينا أنه ليس في المجلس خير منك ، قال : اللهم نعم ، قال : ثم دخل المسجد يصلي : فقال [ ص: 227 ] لأبي بكر : قم فاقتله ، فدخل أبو بكر فوجده قائما يصلي ، فقال في نفسه : إن للمصلي حقا فلو أني استأمرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قتلت الرجل ؟ فقال : لا ؛ رأيته قائما يصلي ورأيت للصلاة حقا وحرمة وإن شئت أقتله قتلته ، فقال : لست بصاحبه قال : اذهب أنت يا عمر فاقتله ، قال : فدخل - عمر المسجد فإذا هو ساجد فانتظره طويلا حتى يرفع رأسه فيقتله فلم يرفع رأسه ، ثم قال في نفسه : إن للسجود حقا فلو أني استأمرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله فقد استأمره من هو خير مني ، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قتلته ؟ قال : لا ؛ رأيته ساجدا ورأيت للسجود حرمة وحقا وإن شئت يا رسول الله أن أقتله قتلته ، قال : لست بصاحبه ، قم أنت يا علي فاقتله أنت صاحبه إن وجدته ، قال : فدخل فلم يجده فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قتل اليوم ما اختلف رجلان من أمتي حتى يخرج الدجال ، ثم حدثهم عن الأمم . فقال : تفرقت أمة موسى عليه السلام على إحدى وسبعين ملة منهم في النار سبعون وواحدة في الجنة ، وتفرقت أمة عيسى عليه السلام على اثنتين وسبعين ملة فرقة منها في الجنة وسبعون في النار ، وتعلو أمتي على الفرقتين جميعا بملة واحدة في الجنة ، وثنتان وسبعون منها في النار ، قالوا : من هم يا رسول الله ، قال : الجماعات الجماعات ، قال يعقوب : كان علي رضي الله عنه إذا حدث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا فيه قرآنا : ( ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ) إلى قوله : ( منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون ) ، وتلا أيضا : ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) . هذا حديث غريب من حديث زيد ، عن أنس لم نكتبه إلا من حديث أبي معشر ، عن يعقوب ، وقد رواه عن أنس عدة قد ذكرناهم في غير هذا الموضع .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو حفص القافلائي ، ثنا عبد الله بن شبيب ، ثنا [ ص: 228 ] يحيى بن محمد الجاري ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من رغب عن سنتي فليس مني ، هذا حديث غريب من حديث زيد تفرد يحيى الجاري ، وهو مدني سكن الجار من الساحل .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم القطان المقرئ ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا أبو غسان محمد بن مطرف ، حدثني زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تسعى إذ وجدت صبيا في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟ قلنا : لا والله ، وهي تقدر أن لا تطرحه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أرحم بعباده من المرأة بولدها ، هذا حديث متفق عليه ، أخرجه البخاري في صحيحه عن سعيد بن أبي مريم ، وأخرجه مسلم عن الحلواني ، ومحمد بن سهل بن عسكر ، عن سعيد .

              حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عوف ، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا أبي ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : أن رجلا كان يلقب حمارا وكان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم العكة من السمن والعكة من العسل ، فإذا جاء صاحبه يتقاضاه جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أعط هذا ثمن متاعه ، فما يزيد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتسم ويأمر به فيعطى ، فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شرب الخمر ، فقال رجل : اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه فإنه يحب الله ورسوله ، صحيح ثابت أخرجه البخاري في صحيحه عن يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن خالد بن زيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، وعليه عول جماعة الموحدين من أن المعاصي لا تخرج صاحبها من الإيمان إذ [ ص: 229 ] شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يحب الله ورسوله .

              حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن السقطي ، ثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا محمد بن مطرف ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا من الجنة كلما غدا أو راح ، هذا حديث صحيح متفق عليه ، رواه البخاري عن علي بن عبد الله ، ورواه مسلم عن أبي بكر وأبي خيثمة جميعا عن يزيد بن هارون .

              حدثنا أبو عبد الله محمد بن عيسى الأديب ، ثنا عمير بن مرداس ، ثنا محمد بن بكير ، ثنا القاسم بن عبد الله العمري ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : براءة من الكبر لبوس الصوف ، ومجالسة فقراء المسلمين ، وركوب الحمار ، واعتقال العنز أو قال البعير . الشك من محمد بن بكير ، هذا حديث غريب لم نسمعه مرفوعا إلا من حديث القاسم ، عن زيد ، ورواه وكيع بن الجراح ، عن خارجة بن مصعب ، عن زيد مرسلا .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية