الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : قوله : ( فأتوا بسورة من مثله ) يدل على أن القرآن وما هو عليه من كونه سورا هو على حد ما أنزله الله تعالى ، بخلاف قول كثير من أهل الحديث : إنه نظم على هذا الترتيب في أيام عثمان ، فلذلك صح التحدي مرة بسورة ومرة بكل القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : اعلم أن التحدي بالقرآن جاء على وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : قوله : ( فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى ) [ القصص : 49 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قوله : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) [ الإسراء : 88 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قوله : ( فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ) [ هود : 13 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : قوله : ( فأتوا بسورة من مثله ) ونظير هذا كمن يتحدى صاحبه بتصنيفه فيقول : ائتني بمثله ، ائتني بنصفه ، ائتني بربعه ، ائتني بمسألة منه ، فإن هذا هو النهاية في التحدي وإزالة العذر .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : قوله : ( فأتوا بسورة من مثله ) يتناول سورة الكوثر ، وسورة العصر وسورة قل يا أيها الكافرون ، ونحن نعلم بالضرورة أن الإتيان بمثله أو بما يقرب منه ممكن ، فإن قلتم : إن الإتيان بأمثال هذه السور خارج عن مقدور البشر ، كان ذلك مكابرة ، والإقدام على أمثال هذه المكابرات مما يطرق التهمة إلى الدين . قلنا : فلهذا السبب اخترنا الطريق الثاني ، وقلنا : إن بلغت هذه السورة في الفصاحة إلى حد الإعجاز فقد حصل المقصود ، وإن لم يكن الأمر كذلك كان امتناعهم عن المعارضة مع شدة دواعيهم إلى توهين أمره معجزا . فعلى هذين [ ص: 109 ] التقديرين يحصل المعجز .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية