الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5062 ) فصل : والمودع أمين ، والقول قوله فيما يدعيه من تلف الوديعة . بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة ، ثم ذكر أنها ضاعت ، أن القول قوله . وقال أكثرهم : مع يمينه . وإن ادعى ردها على صاحبها ، فالقول قوله مع يمينه أيضا . وبه قال الثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وبه قال مالك إن كان دفعها إليه بغير بينة . وإن كان أودعه ببينة لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة

                                                                                                                                            ولنا ، أنه أمين لا منفعة له في قبضها ، فقبل قوله في الرد بغير بينة ، كما لو أودع بغير بينة . وإن قال : دفعتها إلى فلان بأمرك . فأنكر مالكها الإذن في دفعها ، فالقول قول المودع . نص عليه أحمد ، في رواية ابن منصور . وهو قول ابن أبي ليلى . وقال مالك ، والثوري ، والعنبري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي : القول قول المالك ; لأن الأصل عدم الإذن ، وله تضمينه . ولنا ، أنه ادعى دفعا يبرأ به من الوديعة ، فكان القول قوله ، كما لو ادعى ردها على مالكها . ولو اعترف المالك بالإذن ، ولكن قال : لم يدفعها . فالقول قول المستودع أيضا ، ثم ننظر في المدفوع إليه ; فإن أقر أنه قبضه ، وكان الدفع في دين ، فقد برئ الكل ، وإن أنكر .

                                                                                                                                            فالقول قوله مع يمينه . وقد ذكر أصحابنا أن الدافع يضمن ; لكونه قضى الدين بغير بينة ، ولا يجب اليمين على صاحب الوديعة ; لأن المودع مفرط ، لكونه أذن في قضاء يبرئه من الحق ولم يبرأ بدفعه ، فكان ضامنا ، سواء صدقه أو كذبه . وإن أمره بدفعه وديعة ، لم يحتج إلى بينة ، لأن المودع يقبل قوله في التلف والرد ، فلا فائدة في الإشهاد عليه . فعلى هذا يحلف المودع ، ويبرأ ، ويحلف الآخر ويبرأ أيضا ، ويكون ذهابها من مالكها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية