الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن وقع في القبر ماله قيمة عرفا ، أو رماه ربه فيه نبش ) القبر ( وأخذ ) ذلك منه لما روي " أن المغيرة بن شعبة وضع خاتمه في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : خاتمي فدخل وأخذه وكان يقول : أنا أقربكم عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أحمد : إذا نسي الحفار مسحاته في القبر جاز أن ينبش انتهى ولتعلق حق ربه بعينه ، مع عدم الضرر في أخذه .

                                                                                                                      ( وإن كفن بثوب غصب ) وطلبه ربه لم ينبش وغرم ذلك من تركته ، لإمكان دفع الضرر مع عدم هتك حرمته ( أو بلع مال غيره بغير إذنه وتبقى ماليته ، كخاتم ، طلبه ربه لم ينبش وغرم ذلك من تركته ) صونا لحرمته مع عدم الضرر ( كمن غصب عبدا فأبق ; تجب قيمته ) على الغاصب ( لأجل الحيلولة ) أي : حيلولته بين المال وربه ( فإن تعذر الغرم ) أي : غرم الكفن المغصوب أو المال الذي بلعه الميت ( لعدم تركة ونحوه نبش ) القبر ( وأخذ الكفن ) الغصب فدفع لربه .

                                                                                                                      ( في ) المسألة ( الأولى وشق جوفه في ) المسألة ( الثانية ، وأخذ المال ) فدفع لربه ( إن لم يبذل له قيمته ) أي : إن لم يتبرع وارث أو غيره ببذل قيمة الكفن أو المال لربه وإلا فلا ينبش لما سبق ( وإن بلعه ) أي : مال الغير ( بإذن ربه أخذ إذا بلي ) الميت ، لأن مالكه هو المسلط له على ماله بالإذن له .

                                                                                                                      ( ولا يعرض له ) أي : للميت ( قبله ) أي : قبل أن يبلى لما تقدم ( ولا يضمنه ) أي : المال الذي [ ص: 146 ] بلعه بإذن ربه فلا طلب لربه على تركته لأنه الذي سلطه عليه .

                                                                                                                      ( وإن بلع مال نفسه ، لم ينبش قبل أن يبلى ) لأن ذلك استهلاك لمال نفسه في حياته أشبه ما لو أتلفه ( إلا أن يكون عليه دين ) فينبش ويشق جوفه فيخرج ويوفي دينه ، لما في ذلك من المبادرة إلى تبرئة ذمته من الدين ( ولو مات وله أنف ذهب لم يقلع ) لما فيه من المثلة ( لكن إن كان بائعه لم يأخذ ثمنه أخذه من تركته ) كسائر الديون ( ومع عدم التركة يأخذه ) ربه ( إذا بلي ) الميت جمعا بين المصلحتين .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية