الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثم أصل ما تخرج عليه المسائل الصحاح دون الكسور من الحساب لمعنى التيسير متى كان يخرج مستقيما من أقل الأعداد فتخريجه من الزيادة على ذلك يعد خطأ لما فيه من الاشتغال بما لا فائدة فيه ، ثم جملة ما تخرج منه هذه الفرائض أصول سبعة فإن هذه الفرائض نوعان مفردات ومركبات فالمفردات تخرج من أصول خمسة اثنين وثلاثة وأربعة وستة وثمانية ويزاد للمركبات أصلان اثنا عشر وأربعة وعشرون ، وهذا لأن أقل عدد تخرج منه المقاسمة مستقيما اثنان وأقل عدد يخرج منه الثلث مستقيما ثلاثة فنقول كل فريضة فيها نصف ، وما بقي ، أو نصفان فهي تخرج من اثنين وكل فريضة فيها ثلث ، وما بقي ، أو ثلثان ، وما بقي ، أو ثلث وثلثان فهي تخرج من ثلاثة وكل فريضة فيها ربع وما بقي ، أو ربع ونصف ، أو ربع وثلث ، وما بقي فهي تخرج من أربعة وكل فريضة فيها سدس ، وما بقي ، أو سدسان ، وما بقي ، أو سدس ونصف ، أو سدسان ونصف ، أو سدس وثلث أو سدس ونصف وسدسان [ ص: 202 ] أو نصف وثلث ، وما بقي فهي تخرج من ستة وكل فريضة فيها ثمن ، أو ثمن ونصف فهي تخرج من ثمانية .

ولو تصور اجتماع الثمن مع الربع لكانت تخرج من ثمانية أيضا ، ولكن لا يتصور ذلك فالربع فريضة الزوج مع الولد والثمن فريضة المرأة مع الولد ، ولا يتصور اجتماع المرأة والزوج في الميراث من واحد وكل فريضة فيها ربع وسدس ، أو ربع وسدسان أو ربع وثلث ونصف ، أو ربع وثلثان ونصف فهي تخرج من اثني عشر وكل فريضة فيها ثمن وسدس ، أو ثمن وسدسان ، أو ثمن ونصف وسدس ، أو ثمن وثلثان وسدسان فهي تخرج من أربعة وعشرين وقع في بعض نسخ كتاب الفرائض ، أو ثمن وثلث فطعنوا في هذه وقالوا لا يجتمع في الفريضة الثمن والثلث فالثلث فريضة الأم عند عدم الولد وفريضة أولاد الأم عند عدم الولد والثمن فريضة المرأة مع الولد فكيف يتصور اجتماعهما وقيل يتصور هذا على أصل ابن مسعود فإن عنده من لا يرث لكفر ، أو رق يحجب حجب النقصان ، ولا يحجب حجب الحرمان . فإذا ترك امرأة وأخوين لأم وابنا رقيقا فهذا الابن يحجب المرأة من الربع إلى الثمن ، ولا يحجب الأخوين لأم فيجتمع الثمن والثلث في هذه الفريضة ، ثم أربعة من هذه الأصول لا تعول وهي اثنان وثلاثة وأربعة وثمانية وثلاثة منها تعول وهي ستة واثنا عشر وأربعة وعشرون . فأما الستة تعول بسدسها وثلثها ونصفها وثلثيها ، ولا تعول أكثر من ذلك ، وإنما تعول بثلثيها في مسألة أم الفروخ ، وهذا معنى قول الفرضيين أنها تعول وترا وشفعا وأما اثنا عشر فإنها تعول بنصف سدسها وبربعها .

وربعها وسدسها وهو معنى قولهم تعول وترا لا شفعا فتعول بواحدة وبثلاثة وخمسة ولا تعول أكثر من ذلك فبيان العول بواحدة منها إذا ترك امرأة وأختين لأب وأم وأما فللمرأة الربع ثلاثة وللأختين الثلثان ثمانية وللأم السدس سهمان وبيان العول بثلاثة في امرأة وأختين لأب وأم وأختين لأم فأنها تعول بثلاثة للمرأة الربع ثلاثة وللأختين لأب وأم الثلثان ثمانية وللأختين لأم الثلث أربعة وبيان العول بخمسة في امرأة وأختين لأب وأم وأختين لأم وأما فإنها تعول إلى سبعة عشر إذا اجتمعت السهام .

فأما أربعة وعشرون فإنها تعول عولة واحدة بثلاثة فتكون من سبعة وعشرين وهي المسألة المنبرية ترك امرأة وابنتين وأبوين لا تعول أكثر من ذلك إلا في قول ابن مسعود رضي الله عنه فإنه يقول إنها تعول إلى أحد وثلاثين في امرأة وأختين لأب وأم وأختين لأم وأم وابن رقيق فإن الابن عنده يحجب المرأة من الربع إلى الثمن ، ولا يحجب الإخوة فللأختين لأب وأم الثلثان ستة [ ص: 203 ] عشر وللأختين لأم الثلث ثمانية وللمرأة الثمن ثلاثة وللأم السدس أربعة فتكون القسمة من إحدى وثلاثين وبعض الفرضيين زاد أصلين على قول زيد ثمانية عشر وستة وثلاثين لأن على أصله قد يجتمع في الفريضة السدس وثلث ما بقي بأن ترك جدة وجدا وإخوة وأخوات فيكون للجدة السدس وللجد ثلث ما بقي إذا كان ذلك خيرا له من المقاسمة والثلث وسدس ما بقي إنما يخرج مستقيما من ثمانية عشر ، وقد يجتمع على أصله السدس والربع وثلث ما بقي بيانه في امرأة وجد وأم وإخوة وأخوات للمرأة الربع وللأم السدس وللجد ثلث ما بقي إذا كان ذلك خيرا له من المقاسمة لكثرة الإخوة وأقل حساب يخرج منه هذه الفرائض مستقيما ستة وثلاثون سدسها ستة وربعها تسعة يبقى أحد وعشرون فثلث ما بقي يكون سبعة فردوا هذين الأصلين على مذهبه لهذا ، ثم بيان هذه الأصول أن نقول أما اثنان فعدد فرض غير مركب لأنك لا تجد عددا إذا ضربته في مثله يكون اثنين ليكون مركبا من ذلك العدد فعرفت أنه فرد فيكون أصلا لما ينسب إليه وهو النصف لأن الواحد إذا ضعفته يكون ثلاثة فلهذا كان أصلا لفريضة فيها ثلث وثلثان وأما أربعة فهو عدد مركب بجهة واحدة لأنك متى ضربت اثنين في اثنين يكون أربعة فعرفنا أنه مركب منه وهو فرد أيضا فكان أصلا لما ينسب إليه وهو الربع ولما ينسب إلى العدد الذي ركب منه وهو النصف فلهذا قلنا :

كل فريضة فيها ربع ، أو ربع ونصف فإنها تخرج من أربعة وأما ستة فإنه عدد مركب بجهة واحدة فإنك إذا ضربت اثنين في ثلاثة يكون ستة وهو فرد أيضا فيكون أصلا لما ينسب إليه وهو السدس ولما ينسب أجزاء العددين اللذين ركب منهما ستة وهو الثلث والنصف وأما ثمانية فهو عدد مركب من عددين بجهة واحدة لأنك متى ضربت اثنين في أربعة كان ثمانية وهو فرد أيضا فكان أصلا لما ينسب إليه وهو الثمن ولما ينسب إلى أجزاء العددين اللذين ركب منهما ثمانية وهو النصف والربع لو تصور ذلك وأما اثنا عشر فهو ليس بعدد فرد ولكنه مركب من أعداد أربعة بجهتين فإنك متى ضربت اثنين في ستة يكون اثني عشر ومتى ضربت ثلاثة في أربعة تكون اثني عشر فلهذا كان أصلا لما ينسب إلى أجزاء الأعداد التي يتركب منها اثنا عشر ، وذلك الربع والثلث والنصف والسدس وأما أربعة وعشرون فليس بعدد فرد ، ولكنه مركب من ستة أعداد بثلاث جهات فإنك متى ضربت اثنين في اثني عشر ، أو ثلاثة في ثمانية ، أو أربعة في ستة يكون أربعة وعشرين فلهذا كان أصلا لما ينسب إلى أجزاء هذه الأعداد ولهذا قيل لو تصور [ ص: 204 ] اجتماع جميع الفرائض في حادثة واحدة لكانت تخرج من أربعة وعشرين فإن منها الثلثين والثلث والسدس والنصف والربع وكل الفرائض هذه ، ثم اعلم بأن الأعداد أربعة متساوية ومتداخلة ومتفقة ومتباينة . فأما المتساوية نحو ثلاثة وثلاثة وأربعة وأربعة فأحد العددين يجزئ عن الآخر ويكتفى بالواحد منهما وأما المتداخلة فهي أن يكون أحد العددين أكثر من الآخر والأقل جزءا من الأكثر نحو ثلاثة وتسعة وأربعة واثنا عشر ومعرفة كون الأقل جزءا من الأكثر بإحدى ثلاث علامات أنك إذا نقصت عن الأكثر أمثال الأقل يفنى به الأكثر وإذا زدت على الأقل أمثاله يبلغ عدد الأكثر .

وإذا قسمت الأكثر على الأقل يكون مستقيما لا كسر فيه وأما المتفقة فهي أن يكون أحد العددين أكثر من الآخر ولكن الأقل ليس بجزء من الأكثر إلا أن بينهما موافقة بجزء واحد ، أو بأجزاء فبيان الموافقة بجزء واحد كستة مع خمسة عشر فإن الأقل ليس بجزء من الأكثر ، ولكن بينهما موافقة بالثلث فكانا متفقين من هذا الوجه وبيان الموافقة في أجزاء كستة مع اثني عشر فإنهما غير متداخلين فإنك إذا زدت على الأقل أمثاله يزيد على الأكثر ، ولكن بينهما موافقة بالسدس والثلث والنصف ففي المتداخلة بجزء في الأكثر من الأقل وفي المتفقتين يقتصر من أحدهما على الجزء الموافق ويضرب في مبلغ الآخر ، وإن كانت الموافقة في أجزاء يقتصر من أحدهما على الأدنى من ذلك ، ثم يضرب في مبلغ الآخر لأنه يخرج مستقيما إذا اقتصرت على أدنى الأجزاء ومتى كانت المسألة تخرج من حساب قليل فتخريجها من الزيادة على ذلك يكون خطأ وأما المتباينة فهي أن يكون أحد العددين أقل من الآخر ، ولا يتفقان في شيء كسبعة مع سبعة عشر فحينئذ يضرب أحد العددين في الآخر فما بلغ فمنه يستقيم الحساب ، ثم الأعداد نوعان مطلقة ومقيدة إلا أن الفرائض كلها أجزاء الأعداد المطلقة يعني الثلث والسدس والنصف والربع والثمن فعرفنا أنه ليس في الفرائض أجزاء الأعداد المقيدة كاثني عشر ، وإنما يقع ذلك في عدد السهام والأنصباء .

التالي السابق


الخدمات العلمية