الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا كان للمرأة لبن وطلقها زوجها وتزوجت آخر فحبلت من الآخر ونزل لها اللبن فاللبن من الأول حتى تلد في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، فإذا ولدت فاللبن بعد ذلك يكون من الثاني ، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا عرف أن هذا اللبن من الحبل الثاني فهو من الآخر ، وقد انقطع اللبن الأول ، وعنه في رواية إذا حبلت من الثاني انقطع حكم لبن الأول ، وقال محمد رحمه الله تعالى أستحسن أن يكون منهما جميعا حتى تضع من الآخر ، وجه قوله أن ما كان بها من اللبن فهو من الأول وما ازداد بسبب الحبل فهو من الثاني ، وباب الحرمة مبني على الاحتياط فتثبت الحرمة منهما جميعا ، كما إذا حلب لبن امرأتين في قارورة وأوجر صبيا ، فإذا وضعت من الثاني فقد انتسخ سبب لبن الأول باعتراض مثله عليه ، فلهذا كان اللبن من الثاني بعده وأبو يوسف يقول : اللبن ينزل تارة بعد الولادة وتارة بعد الحبل قبل الولادة ، فإذا عرف نزول اللبن من الثاني انتسخ به حكم اللبن من الأول كما ينتسخ بالولادة من الثاني ، وعلى الرواية الأخرى يقول : لما كان الحبل سببا لنزول اللبن ، وحقيقة نزول اللبن من الثاني باطل فيقام السبب [ ص: 134 ] الظاهر مقام المعنى الباطن تيسيرا فينتسخ به حكم لبن الأول وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : كون اللبن من الأول ثابت بيقين ، واللبن يزداد تارة وينقص أخرى باعتبار الغذاء ، فهذه الزيادة تحتمل أن تكون من قوة الغذاء لا من الحبل الثاني ، فلا ينتسخ به حكم اللبن من الأول حتى يتعرض مثل ذلك السبب من الثاني ، وذلك يكون بالولادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية