الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا وجد منهم القتل وأخذ المال فلا معتبر بالجراحات في تعلق الأرش والقصاص بها ; لأنهم استوجبوا أتم ما يكون من الحد فيسقط اعتبار ما دون ذلك من الجراحات وعفو الأولياء في ذلك باطل ; لأن هذا حد يقام لحق الله تعالى وإسقاط الأولياء إنما يعمل فيما هو حقهم [ ص: 197 ] ويكون استيفاؤه إليهم أو يستوفى بطلبهم ، فأما ما يستوفيه الإمام لله تعالى فلا عفو فيه للأولياء ، ولا للإمام أيضا ; لأنه ليس بصاحب الحق بل هو نائب في الاستيفاء فهو في العفو كغيره والأصل فيه ما روينا { لا ينبغي لوالي حد ثبت عنده حق الله تعالى إلا أقامه } ثم المذهب عندنا أن الواجب عليهم الحد ، وعند الشافعي رحمه الله تعالى القتل الواجب عليهم القصاص متحتم لا يعمل فيه عفو الولي ; لأن هذا قتل لا يستحق إلا بالقتل والقتل المستحق يكون قصاصا إلا أنه تأكد بانضمام حق الشرع إليه فلا يعمل فيه الإسقاط كالعدة ، ولكنا نقول القطع والقتل المستحق بالقتل في قطع الطريق كله حد واحد ثم القطع حق الله تعالى ، فكذلك القتل ، ألا ترى أن الله تعالى سماه جزاء والجزاء المطلق ما يجب حقا لله تعالى بمقابلة الفعل ، فأما القصاص واجب بطريق المساواة ، وفيه معنى المقابلة بالمحل والدليل عليه أن الله تعالى جعل سبب هذا القتل ما قال في قوله تعالى { يحاربون الله ورسوله } وما يجب بمثل هذا السبب يكون لله تعالى وسماه خزيا بقوله تعالى { ذلك لهم خزي في الدنيا } فعرفنا أنه حد واحد لله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية