الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( رجل ) له حنطة عند رجل وشعير لآخر عند ذلك الرجل أيضا وديعة فخلطهما من لا يقدر عليه ، ولا يعرف .

قال : يباعان ، ثم يقسم الثمن على قيمة الحنطة والشعير ، وهذا عندهما وهو الاستحسان عند أبي حنيفة أيضا ، فأما في القياس على قوله المخلوط صار مملوكا للخالط ، وحق كل واحد منهما في ذمته ، ولا ولاية لهما عليه في بيع ملكه لحقهما ، ووجه الاستحسان أن المخلوط ، وإن صار مملوكا للخالط ، ولكن لم ينقطع حقهما عنه بل يتوقف تمام انقطاع حقهما على وصول البدل إليهما ، ألا ترى أنه لا يحل للخالط الانتفاع بالمخلوط ما لم يؤد البدل إليهما ، وإذا بقي حقهما فيه قلنا : يباع لإيفاء حقهما عند تعذر استيفاء الضمان من الخالط كالمبيع في يد البائع ، يباع في الثمن إذا تعذر استيفاؤه من المشتري لغيبته ، ثم يضرب صاحب الحنطة في الثمن بقيمة حنطته مخلوطا بالشعير ، وصاحب الشعير يضرب بقيمة شعيره غير مخلوط بالحنطة ; لأن الحنطة تنقص بالاختلاط بالشعير . وإنما دخل في البيع بهذه الصفة ، فلا يضرب بقيمتها إلا بالصفة التي دخلت في البيع ، والشعير تزداد قيمته بالاختلاط بالحنطة ، ولكن هذه الزيادة من مال صاحب الحنطة ، فلا يستحق الضرب بها معه ; فلهذا يضرب بقيمة الشعير غير مخلوط .

( قال : ) وكذلك كل ما يكال أو يوزن يعني إذا تحقق الخلط على وجه يتعسر معه التمييز أو يتعذر ، فإن اختلفا في مبلغ كيل الحنطة والشعير ، وقد باعهما مجازفة ، واستهلكهما المشتري ، فالقول في الحنطة قول صاحب الشعير ، وفي الشعير قول صاحب الحنطة ; لأن كل واحد منهما يدعي زيادة في مقدار ملكه ، وكل واحد منهما غير مصدق فيما يدعي لنفسه على صاحبه ، وكل واحد منهما منكر للزيادة التي يدعيها صاحبه ، فيحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه لإنكاره ، وبعد ما حلف يقسم [ ص: 98 ] الثمن بينهما على مقدار ما يزعم صاحبه المنكر من ملك كل واحد منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية