الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثلاثة نفر بينهم حرث حصدوه ، وجمعوه ، وفي يد أحدهم وضعوه ; ليحفظ لهم فزعم أنه قد دفع نصيب الرجلين إلى أحدهما ، والمدفوع إليه ينكر ذلك ، والآخر ينكر أن يكون دفع إليه حقه أو يقول دفع إليه بغير أمري أو بقي الثلث في يد الثالث ، وقال الدافع دفعت إلى صاحبي ثلثه أو حقه ثم قال دفعت إليه أيضا بعد ذلك ثلث صاحبه بأمره ، وهما ينكران ذلك قال يقتسمون الثلث الذي بقي في يده بينهم أثلاثا ، ويضمن ثلث ما دفع فيكون للآخرين بينهم نصفين ، وهذه المسألة تشتمل على أحكام ثلاثة حكم الاختصاص ، وحكم أداء الأمانة ، وحكم الخلاف فأما بيان حكم الاختصاص فنقول جميع الزرع كان مشتركا بين ثلاثتهم ، وكان الحافظ أمينا في نصيب الآخرين ، ودعواه الدفع إلى أحدهما بأمر صاحبه بمنزلة دعواه دفع نصيب كل واحد منهما إليه .

والقول قول الأمين في براءته عن الضمان ، ولكن قوله في استحقاق شيء على صاحبه ، والثلث الذي بقي في يده مشترك بين ثلاثتهم [ ص: 202 ] باعتبار الأصل ; لأنه جزء من ذلك المشترك فهو يدعي استحقاق نصيب الآخرين من هذا الثلث عليهما فلا يقبل قوله في ذلك ، ويقسم هذا الثلث بينهم أثلاثا باعتبار شركة الأصل ( ألا ترى ) أن المكيل لو كان مشتركا بين اثنين فظهر نصفه في يد أحدهما ، وزعم أن صاحبه قد استوفى النصف الآخر ، وجحد صاحبه ، وحلف يجعل هذا النصف مشتركا بينهما ، والنصف الآخر كالتاوي فكذلك هنا إذا حلف الآخران على دعواه يجعل هذا الثلث بينهم أثلاثا ، وأما حكم الأمانة فقد زعم أنه دفع نصيب المدفوع إليه من الثلثين إليه فالقول فيه قوله مع اليمين ; لأنه أمين ادعى رد الأمانة على صاحبه ، ولكن بيمينه تثبت براءته عن الضمان ، ولا يثبت الوصول إلى من زعم أنه دفع إليه كالمودع إذا ادعى رد الوديعة على الوصي فإن الوصي لا يكون ضامنا للصبي شيئا بيمين المودع ، وأما حكم الخلاف فقد زعم أنه قد دفع نصيب الآخر إلى شريكه ، ودفع الأمين الأمانة إلى غير صاحبها موجب الضمان عليه إلا أن يكون الدفع بأمر صاحبها فقد أقر بالسبب الموجب للضمان في نصيبه ، وهو ثلث الثلثين ، وادعى المسقط ، وهو أمره إياه بالدفع إليه فلا يقبل قوله في ذلك إلا بحجة ، وعلى المنكر اليمين فإذا حلف غرم له ثلث الثلثين ثم هذا الثلث بين الآخرين نصفان ; لأنهما متفقان على أنه لم يدفع إليه شيئا ، وأن هذا المقبوض جزء من المشترك بينهما أو بدل جزء مشترك فيكون بينهما نصفين باعتبار زعمهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية