الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال : إن فعلت كذا فأنا [ ص: 12 ] يهودي ) أو نصراني ( أو بريء من الإسلام ) ، أو من الله أو من النبي أو مستحل الخمر ( فليس بيمين ) ؛ لانتفاء الاسم والصفة ولا كفارة ، وإن حنث ، نعم يحرم ذلك كما في الأذكار كغيره ولا يكفر به إن قصد تبعيد نفسه عن المحلوف عليه أو أطلق ، فإن علق أو أراد الرضا بذلك إذا فعل كفر حالا ، ولو مات مثلا ولم يعرف قصده حكم بكفره حيث لا قرينة تحمله على غيره على ما اعتمده الإسنوي ؛ لأن اللفظ بوضعه يقتضيه ، وقضية كلام الأذكار خلافه وهو الصواب ، وإذا لم يكفر سن له أن يستغفر الله ويقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله وأوجب صاحب الاستقصاء ذلك لخبر الصحيحين { : من حلف باللاتي والعزى فليقل لا إله إلا الله . } وحذفهم أشهد هنا لا يدل على عدم وجوبه في الإسلام الحقيقي ؛ لأنه يغتفر فيما هو للاحتياط ما لا يغتفر في غيره ، على أنه لو قيل : الأولى أن يأتي هنا بلفظ أشهد فيهما لم يبعد ؛ لأنه إسلام إجماعا بخلافه مع حذفه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              . ( قوله : [ ص: 12 ] وأوجب صاحب الاستقصاء ذلك ) لا يخفى أن عدم إيجاب ذلك على الأول لا ينافي وجوب القربة ؛ لأنها لا تتوقف [ ص: 13 ] على ذلك



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ولو قال : إن فعلت إلخ ) ( فروع )

                                                                                                                              لو حلف شخص بالله فقال آخر : يميني في يمينك أو يلزمني ما يلزمك لم يلزمه شيء ، وإن نوى به اليمين لخلو ذلك عن اسم الله تعالى وصفة من صفاته ، وإن قال : اليمين لازمة لي ، لم يلزمه شيء وإن نوى ؛ لما مر ، وإن قال : أيمان البيعة لازمة لي ، وهو بيعة الحجاج فإن البيعة كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن بعده بالمصافحة ، فلما ولي الحجاج رتبها أيمانا تشتمل على اسم الله تعالى وعلى الطلاق والعتاق والحج والصدقة لم يلزمه شيء ؛ لأن الصريح لم يوجد والكناية تتعلق بما يتضمن إيقاعا فأما في الالتزام فلا إلا أن ينوي الطلاق والقصاص فيلزمانه ؛ لأن الكناية تدخل فيهما ولو قال : إن فعلت كذا فأيمان البيعة لازمة لي بطلاقها وعتاقها وحجها وصدقتها ففي التتمة أن الطلاق لا حكم له ؛ لأنه لا يصح التزامه والباقي يتعلق به الحكم إلا أنه في الحج والصدقة كنذر اللجاج والغضب ا هـ . مغني عبارة سم وفي التنبيه : وإن حلف رجل بالله تعالى فقال آخر يميني في يمينك أو يلزمني مثل ما يلزمك لم يلزمه شيء

                                                                                                                              وإن قال : ذلك في الطلاق والعتاق ونوى لزمه ما لزم الحالف ، وإن قال : أيمان البيعة لازمة لي لم يلزمه شيء ، وإن قال : الطلاق والعتاق لازم لي ونوى لزمه انتهى . قال : ابن النقيب في شرحه واعلم أن معنى يميني في يمينك على ما حكاه ابن الصباغ أنه يلزمني من اليمين ما يلزمك ، فإن كان الشيخ قصد ذلك كأن ذكره لك [ ص: 12 ] ليعرفك أنه لا فرق بين أن يأتي بهذا اللفظ أو بمعناه ، وإن قصد أنه يلزمه من الكفارة أو الطلاق والعتاق فهما صورتان متباينتان ، لكن في كلام المتولي ما يقتضي وقوع الطلاق في الصورة الثانية دون الأولى فإنه قال : إذا قال : يميني في يمين فلان وكان فلان قد حلف بالطلاق والعتاق لا يتعلق به حكم ؛ لأن التعليق وجد من غيره فلا يجعل كناية عنه ، وعلى هذا لو قال لامرأته : أشركتك مع امرأة فلان وكان فلان قد علق الطلاق وأراد المشاركة في التعليق بتلك الصفة لم يكن له حكم ، وإن أراد المشاركة في الطلاق بمعنى إن وقع الطلاق على تلك فأنت شريكتها فيه صح ا هـ .

                                                                                                                              وفي التهذيب ما يوافقه في الصورة الثانية فإنه قال : لو طلق رجل زوجته بالطلاق وحنث فقال رجل : يميني في يمينك وأراد أن امرأته تطلق كامرأة الآخر طلقت ، وكذا إن أراد متى طلق الآخر امرأته طلقت امرأته فإن المخاطب متى طلق طلقت هذه ، وأما الصورة الثانية فلم يتعرض الرافعي لها انتهى كلام ابن النقيب ثم قال : فرع لو قال : لمن يحلف يميني في يمينك وأراد إذا حلفت صرت حالفا مثلك لم يصر حالفا إذا حلف ذاك ، سواء كان بالله أو بالطلاق والعتاق انتهى ، وقوله : ونوى لزمه ما لزم الحالف أي لأنه حينئذ بمنزلة قوله : الطلاق لازم لي ، وهذا يقع به الطلاق ، وظاهر قوله : والعتاق أن قوله : العتق لازم لي كذلك ، لكن سيأتي أوائل النذر قول الشارح ما نصه ومنه أي : نذر اللجاج ما يعتاد على ألسنة الناس : العتق يلزمني أو يلزمني عتق عبدي فلان أو والعتق لا أفعل أو لا فعلت كذا فإن لم ينو التعليق فلغو ، وإن نواه تخير ثم بين ما حاصله أن العتق لا يحلف به إلا على وجه التعليق أو الالتزام فيحمل كلام التنبيه على ذلك وكقوله فأيمان البيعة قوله : فأيمان المسلمين كما قاله في شرح الروض ا . هـ ( قوله : أو نصراني ) إلى قوله : وأوجب في المغني وإلى قوله : وفسره في النهاية إلا قوله : أو مات إلى وإذا لم يكفر وقوله وأوجب إلى وحذفهم ، وقوله : على أنه إلى المتن . ( قوله : أو من النبي ) أي : أو من الكعبة ونحو ذلك ا هـ مغني . ( قوله أو مستحل إلخ ) الأنسب تقديمه على أو بريء إلخ . ( قوله : وإن حنث ) أي : فعل ما منع نفسه منه ا هـ ع ش . ( قوله : ذلك ) أي التلفظ بما ذكر . ( قوله : فإن علق ) أي الكفر على حصول ذلك الفعل ، وقوله : بذلك أي : الكفر ا هـ نهاية ( قوله : مثلا ) أي كأن غاب وتعذرت مراجعته ا هـ . مغني ( قوله : الصواب ) عبارة المغني والأوجه ما في الأذكار ا هـ . ( قوله : أن يستغفر الله ) أي : كأن يقول : أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، وهي أكمل من غيرها ا هـ ع ش . ( قوله : وأوجب إلخ ) عبارة المغني : ولا يخالف ما في الصحيحين : من حلف باللاتي إلخ ؛ لأنه محمول على الندب ، وإن قال : صاحب الاستقصاء بوجوب ذلك وتجب التوبة من كل معصية ويسن الاستغفار من كل تكلم بكلام قبيح ا هـ . وعبارة سم لا يخفى أن عدم إيجاب ذلك على الأول لا ينافي وجوب التوبة ؛ لأنها لا تتوقف على ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه يغتفر إلخ ) أو هو أي : ما هنا محمول على الإتيان بأشهد كما في رواية { : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله } ا هـ نهاية . ( قوله : فيهما ) أي : كلمتي الشهادة




                                                                                                                              الخدمات العلمية