الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وأما السنن فأن يطوف ) القادر الذي لا يحتاج للركوب حتى يظهر فيستفتى أو يقتدى به قائما و ( ماشيا ) ولو امرأة وحافيا لا زاحفا ولا حابيا ولا راكبا البهيمة أو آدمي لمنافاته الخضوع والأدب [ ص: 83 ] فإن ركب بلا عذر لم يكره كما نقلاه عن الأصحاب ، وإن أطال جمع في رده والنص على الكراهة محمول على اصطلاح المتقدمين أنهم يعبرون بها عما يشمل خلاف الأولى وفارق هذا حرمة إدخال غير مميز المسجد إذا لم يؤمن تلويثه وكراهته إن أمن بالحاجة إلى إقامة النسك في الجملة كإدخال غير المميز للطواف به كذا قيل وفيه نظر بل لا فارق بينهما ؛ لأن غرض النسك كما اقتضته عبارات أو الطواف كما اقتضته عبارات أخرى مجوز لدخول كل ، وإن لم يؤمن تلويثه وغير ذلك الغرض مجوز إن أمن فالذي يتجه أن يقال فارق غرض النسك أو الطواف غيره بأنه ورد فيه دخول الدابة وغير المميز من غير تفصيل فأخذنا بإطلاقه وأخرجناه عن نظائره بخلاف غيره لم يرد فيه ذلك فأجرينا فيه ذلك التفصيل وظاهر أن المراد بأمن التلويث غلبة الظن باعتبار العادة أنه لا يخرج منه نجس يصل للمسجد منه شيء بخلاف ما لو أحكم شد ما على فرجه بحيث أمن تلويث الخارج للمسجد ، فإن قلت صرحوا بحرمة إخراج نحو البول بالمسجد ، وإن أمن التلويث فلم لم ينظر هنا إلى أمن الخروج وعدمه قلت يحتاط للإخراج المتيقن ما لا يحتاط للمظنون ، وإن زحف أو حبا بلا عذر كره وأن يقصر خطاه تكثيرا للأجر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 83 ] قوله : فإن ركب ) أي ولو على أكتاف الرجال م ر ( قوله لم يكره كما نقلاه عن الأصحاب إلخ ) ثم محل جواز إدخال البهيمة المسجد عند أمن تلويثها وإلا كان حراما على المعتمد وقول الإمام وفي القلب من إدخال البهيمة التي لا يؤمن تلويثها المسجد شيء ، فإن أمكن الاستيثاق فذاك أي خلاف الأولى وإلا فإدخالها مكروه محمول على كراهة التحريم لما يأتي في الشهادات إن إدخال البهائم التي لا يؤمن تلويثها المسجد حرام وما فرق به من أن إدخال البهيمة إنما هو لحاجة إقامة السنة كما فعله صلى الله عليه وسلم إطلاقه ممنوع ؛ لأن ذلك إذا لم يخف تلويثها ، ولا يقاس إدخال الصبيان المحرمين المسجد مع الأمن على البهائم مع ذلك لإمكان الفرق بأن ذلك ضروري وأيضا فالاحتراز فيهم بالتحفظ ونحوه أكثر ولا كذلك البهيمة هذا ، والأوجه حمل الكراهة مع أمن التلويث على الإدخال فيهما بغير حاجة وعدمها على الحاجة إليه شرح م ر ( قوله : أو الطواف ) أي ، وإن لم يكن في نسك ( قوله : مجوز لدخول كل ، وإن لم يؤمن تلويثه ) صادق مع ظن التلويث وفيه نظر لا سيما في صورة الدابة ( قوله : أو الطواف ) هل ولو لغير نسك .

                                                                                                                              ( تنبيه ) لا فرق بين البهيمة وغير المميز في أن كلا إن أمن تلويث المسجد جاز دخوله مع الكراهة إن لم تكن خارجة وبدونها إن كانت لم يؤمن تلويثه حرم إدخاله وهذا شامل لإدخال غير المميز المحرم لفرض الطواف م ر ( قوله : فلم لم ينظر هنا إلى أمن الخروج وعدمه ) قد يقال هو مرادهم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : القادر ) إلى قوله ، وإن أطال إلخ في النهاية والمغني ( قوله : القادر الذي لا يحتاج إلخ ) نعم إن كان به عذر كمرض أو احتاج إلى ظهوره ليستفتي فلا بأس به لما في الصحيحين { أنه صلى الله عليه وسلم قال لأم سلمة وكانت مريضة طوفي وراء الناس وأنت راكبة } وأنه صلى الله عليه وسلم { طاف راكبا في حجة الوداع ليظهر فيستفتى } ثم محل جواز إدخال البهيمة المسجد عند أمن تلويثها وإلا كان حراما على المعتمد ولا يقاس ذلك على إدخال الصبيان المحرمين المسجد ؛ لأن ذلك ضرورة وأيضا يمكن الاحتراز عنه عند الخوف بالتحفظ ونحوه ولا كذلك البهيمة نهاية ومغني ( قوله : وحافيا ) أي ما لم يتأذ بالحفا نهاية أي أو يخشى انتقاض طهارته بلمس النساء ع ش ( قوله : لا زاحفا إلخ ) أي ماشيا على الاست ( ولا حابيا ) أي ماشيا على البطن كردي ( قوله : ولا حابيا ) كان ينبغي ولا متنعلا بصري قال الونائي ويتنعل لشدة الحر أو البرد وفي الفتح وحرم أي الحفا إن اشتد الأذى لنحو حر مفرط كما هو ظاهر خلافا لبعض الجهال [ ص: 83 ] الذين يرون ذلك قربة في هذه الحالة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإن ركب إلخ ) أي ولو على أكتاف الرجال م ر ا هـ سم ( قوله : لم يكره إلخ ) أي بل هو خلاف الأولى نهاية ومغني ( قوله : محمول إلخ ) الأوجه حمل الكراهة مع أمن التلويث على الإدخال فيهما بدون حاجة وعدمها على الحاجة إليه وطواف المعذور محمولا أولى منه راكبا صيانة للمسجد من الدابة وركوب الإبل أيسر حالا من ركوب البغال والحمير نهاية ومغني ( قوله : بالحاجة ) متعلق بفارق كردي ( قوله : كذا قبل ) راجع إلى قوله وفارق إلخ ( قوله بينهما ) أي البهيمة والصبي الغير المميز ( قوله : أو الطوف ) أي ، وإن لم يكن في نسك سم ( قوله : مجوز لدخول كل إلخ ) تقدم عن النهاية والمغني خلافه بالنسبة إلى الدابة ( قوله : وإن لم يؤمن إلخ ) صادق مع ظن التلويث وفيه نظر لا سيما في صورة الدابة سم ( قوله : أو الطواف ) هل ولو لغير نسك ( تنبيه ) لا فرق بين البهيمة وغير المميز في أن كلا إن أمن تلويثه المسجد جاز دخوله مع الكراهة إن لم تكن حاجة وبدونها إن كانت ، وإن لم يؤمن تلويثه حرم إدخاله وهذا شامل لإدخال غير المميز المحرم لغرض الطواف م ر ا هـ سم ( قوله : وهذا شامل إلخ ) وجيه لكن تقدم عن النهاية والمغني ما يخالفه وأقره الونائي عبارته وذكر في النهاية حرمة إدخال بهيمة لا يؤمن تلويثها المسجد بخلاف محرم غير مميز ليطوف ، وإن لم يؤمن تلويثه للضرورة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف غيره ) أي غير غرض النسك والطواف ( قوله : ذلك التفصيل ) أي الجواز عند أمن التلويث وعدم الجواز عند عدم أمنه كردي ( قوله : فلم لم ينظر هنا إلى أمن الخروج إلخ ) قد يقال هو مرادهم سم ( قوله : بحيث أمن إلخ ) أي أمنا مستندا إلى الشد المذكور لا إلى العادة بأن لا يكون له عادة تغلب شيئا على الظن أو له عادة تغلب على الظن عدم الأمن بصري ( قوله : وإن زحف ) إلى المتن في النهاية ( قوله : وأن يقصر إلخ ) عطف على قول المتن أن يطوف ماشيا عبارة الونائي وسن أن يقصر مشيه بغير تبختر عند عدم الزحمة مع سكينة حيث لا يشرع له رمل ليكثر خطاه فيكثر الأجر وأما التبختر فمكروه بل حرام إن قصد به الخيلاء ولا يسن ذلك في الزحمة إن آذى أو تأذى ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية