الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وأن يكون قابلا للنيابة ) لأن التوكيل استنابة ( فلا يصح ) التوكيل ( في عبادة ) وإن لم تحتج لنية لأن القصد منها امتحان عين المكلف وليس منها نحو إزالة النجاسة لأن القصد منها الترك ( إلا الحج ) والعمرة ويندرج فيهما توابعهما كركعتي الطواف ( وتفرقة زكاة ) ونذر وكفارة ( وذبح أضحية ) وهدي وعقيقة سواء أوكل الذابح المسلم المميز في النية أم وكل فيها مسلما مميزا غيره ليأتي بها عند ذبحه كما لو نوى الموكل عند ذبح وكيله وقول بعضهم لا يجوز أن يوكل فيها آخر مردود ونحو عتق ووقف وغسل أعضاء لا في نحو غسل ميت لأنه فرض فيقع عن مباشره وقضيته صحة توكيل من لم يتوجه عليه فرضه كالعبد [ ص: 304 ] على أن الأذرعي رجح جواز التوكيل هنا مطلقا لصحة الاستئجار عليه وليس بالواضح فإن قوله لغيره غسل هذا مثلا لا يوجب إلغاء فعل المباشر ووقوعه عن الآذن لأن فعله لا يتوقف على إذنه فتعين انصرافه لما خوطب به من فرض الكفاية بخلاف غسله بكذا فإن استحقاقه الأجرة يوجب وقوع الفعل عن باذلها فاتضح الفرق بين صحة أخذ الأجرة ووقوعه عن المباشر له بلا استئجار ( ولا في شهادة ) لأن مبناها على التعبد واليقين الذي لا تمكن النيابة فيه وبه فارقت النكاح والشهادة على الشهادة ليست توكيلا بل الحاجة جعلت الشاهد المتحمل عنه كحاكم أدى عنه عند حاكم آخر ( وإيلاء ولعان ) لأنهما يمينان ومن ثم قال ( وسائر الأيمان ) أي باقيها لأن القصد بها تعظيمه تعالى فأشبهت العبادة ومثلها النذر وتعليق العتق والطلاق والتدبير قيل ونحو الوصاية وتقييدهم بما ذكر للغالب ا هـ وإنما يكون للغالب إن لم يكن للتقييد به معنى محتمل وإلا كما هنا عمل بمفهومه ويوجه اختصاص المنع بتلك الثلاثة بأن للعبادة فيها شبها بينا إما لبعدها عن قضايا الأموال بكل وجه كالطلاق وإما لتبادر التعبد منها كالآخرين بخلاف نحو الوصاية فإنها تصرف مالي فلم تشبه العبادة فجاز التوكيل في تعليقها وبحث السبكي صحتها في تعليق لا حث فيه ولا منع كهو بطلوع الشمس وفيه نظر ( ولا في ظهار ) كأن يقول أنت على موكلي كظهر أمه أو جعلته مظاهرا منك ( في الأصح ) لأنه معصية وكونه يترتب عليه أحكام أخر لا يمنع النظر لكونه معصية وبه يعلم عدم صحة التوكيل في كل معصية نعم ما الإثم فيه لمعنى خارج كالبيع بعد نداء الجمعة الثاني يصح التوكيل فيه وكذا الطلاق في الحيض ومخالفة الإسنوي كالبارزي فيه ردها البلقيني

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أم وكل فيها مسلما مميزا غيره إلخ ) وحينئذ يجوز كون الوكيل في الذبح كافرا وغير مميز وفي عبارته رمز إليه فتأمله لكن لا يظهر صحة توكيل غير المميز لأنه ليس أهلا للإذن له ومخاطبته ( قوله لا في نحو غسل ميت إلخ ) عبارة شرح الروض ومن ذلك أي مما يقبل النيابة من العبادات تجهيز الموتى وحملهم ودفنهم نبه عليه [ ص: 304 ] الأذرعي قال وفي البحر أنه لا يجوز التوكيل في غسل الميت وكأنه أراد أن فعل الغاسل يقع عن نفسه كالجهاد وفيه نظر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على أن الأذرعي رجح إلخ ) كذا شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله واليقين ) يتأمل ( قوله وتعليق العتق والطلاق والتدبير ) قال في شرح الروض وقضية تقييدهم بتعليق الطلاق والعتاق أنه يصح التوكيل بتعليق غيرهما كتعليق الوصاية وفيه نظر ويحتمل وهو الظاهر أنهم قيدوا به نظرا للغالب فلا يعتبر مفهومه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والتدبير ) وهل يصير بتوكيله مدبرا أو معلقا وجهان أصحهما لا شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله : وفيه نظر ) كذا م ر ( قوله في المتن : في الأصح ) واستبعد الخلاف في الظهار فإنه معصية والتوكيل في المعاصي لا يجوز جزما ويجاب بأنه وإن كان معصية فيرتبط به تحريم الزوجة إلى الكفارة فأخذ شائبة من الطلاق من هذا الوجه فجرى فيه الخلاف كنز .

                                                                                                                              ( قوله : وكونه يترتب إلخ ) جواب عن دليل المخالف



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لأن التوكيل ) إلى قوله وليس بالواضح في النهاية وكذا في المغني إلا قوله وسواء إلى ونحو عتق ( قوله وإن لم تحتج إلخ ) أي احتاجت إلى نية كالصلاة أو لم تحتج إليها كالأذان ( قوله امتحان عين المكلف ) أي اختباره بإتعاب نفسه وذلك لا يحصل بالتوكيل ا هـ مغني ( قوله وليس منها ) أي من العبادة ( قوله إلا الحج والعمرة ) أي عند العجز نهاية ومغني ( قوله توابعهما ) أي المتقدمة والمتأخرة ا هـ ع ش ( قوله كركعتي الطواف ) أي فلو أفردهما بالتوكيل لم يصح ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله وكفارة ) أي وصدقة نهاية ومغني ( قوله وعقيقة ) أي وجبران وشاة وليمة ا هـ مغني ( قوله أم وكل فيها مسلما إلخ ) وحينئذ يجوز كون الوكيل في الذبح كافرا ا هـ سم ( قوله فيها ) أي في النية ( قوله ونحو عتق إلخ ) عطف على الحج ( قوله عن مباشرة ) أي ولو عبدا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لا في نحو غسل ميت ) أي وحمله ودفنه ا هـ أسنى ( قوله وقضيته صحة توكيل [ ص: 304 ] إلخ ) معتمد ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله رجح جواز التوكيل إلخ ) اعتمده النهاية والمغني والأسنى وقال ع ش قوله م ر جواز التوكيل إلخ قال م ر المعتمد ما قاله في البحر من عدم صحة التوكيل في الغسل ومثله غيره من خصال التجهيز لأنه يقع عن الوكيل ويفارق صحة الاستئجار لذلك بأن بذله العوض يقتضي وقوع العمل للمستأجر سم على منهج وهو يدل على أن الثواب للمستأجر ولو بلفظ الوكالة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ووقوعه إلخ ) عطف على إلغاء إلخ ( قوله لأن قوله ) أي المباشر ( قوله على إذنه ) أي الآذن ( قوله فيتعين انصرافه إلخ ) لعل محله ما إذا لم يقصد إيقاع هذا الفعل عن الآذن أما إذا قصده فذلك صارف عن الاعتداد به عن المباشر لأن فقد الصارف معتبر في كل عبادة إلا ما استثني ويكفي هذه الصورة لتصوير صحة التوكيل فيه ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله واليقين ) يتأمل ا هـ سم وينبغي أن يراد باليقين ما يشمل الظن القوي ( قوله والشهادة إلخ ) جواب عما يقال إن الشهادة على الشهادة جائزة فهلا كان هنا كذلك ( قوله المتحمل عنه ) بفتح الميم ( قوله أدي إلخ ) ببناء المفعول نعت لحاكم ( قوله ومثلها ) أي الأيمان ( قوله والتدبير ) معطوف على النذر وليس من مدخول تعليق رشيدي وكردي ( قوله والتدبير ) وهل يصير بتوكيله مدبرا ومعلقا وجهان أصحهما لا ا هـ نهاية ( قوله وتقييدهم بما ذكر إلخ ) عبارة النهاية وقضية تقييدهم بتعليق الطلاق والعتاق صحة التوكيل بتعليق غيرهما كالوصاية والظاهر كما أفاده الشيخ أنه جرى على الغالب فلا يعتبر مفهومه ا هـ أي فالتوكيل بسائر التعاليق باطل ع ش ( قوله معنى محتمل ) أراد به ما في قوله الآتي أن للعبادة فيها إلخ ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله ويوجه اختصاص إلخ ) خلافا للنهاية وشرح الروض كما مر ( قوله بتلك الثلاثة ) أراد بها التدبير وتعليق العتق وتعليق الطلاق ا هـ كردي ( قوله للعبادة ) الأسبك تأخيره عن قوله شبها بينا ( قوله لبعدها ) الأولى للبعد ( وقوله منها ) الأولى إسقاطه ( قوله كالآخرين ) أي التدبير وتعليق العتق ( قوله وبحث السبكي إلخ ) عبارة النهاية ومقتضى إطلاقهم عدم صحة ذلك في التعليق أنه لا فرق بين تعليق عار عن حث أو منع كهو بطلوع الشمس وبين غيره وهو الأوجه خلافا للسبكي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله صحتها ) أي الوكالة ( قوله كأن يقول ) إلى قوله ومخالفة إلخ في النهاية ( قوله لأنه معصية ) عبارة المغني لأن المغلب فيه معنى اليمين لتعلقه بألفاظ وخصائص كاليمين ولا في المعاصي كالقتل والقذف والسرقة لأن حكمها يختص بمرتكبها لأن كل شخص مقصود بالامتناع منها ولا في ملازمة مجلس الخيار فينفسخ العقد بمفارقة الموكل لأن التعبد في العقد منوط بملازمة العاقد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وكونه يترتب إلخ ) جواب عن دليل المخالف ا هـ سم ( قوله أحكام إلخ ) أي كالكفارة وتحريم الوطء ا هـ مغني ( قوله لا تمنع ) الأولى التذكير ( قوله وبه يعلم ) أي بالتعليل ( قوله الثاني ) أي الذي بين يدي الخطيب




                                                                                                                              الخدمات العلمية