الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولولا كلمة سبقت من ربك كلام مستأنف سيق لبيان حكمة عدم وقوع ما يشعر به قوله تعالى أفلم يهد لهم الآية من أن يصيبهم مثل ما أصاب القرون المهلكة والكلمة السابقة هي العدة بتأخير عذاب الاستئصال عن هذه الأمة إما إكراما للنبي صلى الله عليه وسلم كما يشعر به التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله تعالى عليه وسلم قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم أو لأن من نسلهم من يؤمن أو لحكمة أخرى الله تعالى أعلم بها أي لولا الكلمة السابقة والعدة بتأخير العذاب لكان أي : عقاب جناياتهم لزاما أي لازما لهؤلاء الكفرة بحيث لا يتأخر عن جناياتهم ساعة لزوم ما نزل بأضرابهم من القرون السالفة ، واللزام إما مصدر لازم كالخصام وصف به للمبالغة أو اسم آلة كحزام وركاب والوصف به للمبالغة أيضا كلزاز خصم بمعنى ملح على خصمه .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أبو البقاء كونه جمع لازم كقيام جمع قائم وهو خلاف الظاهر وأجل مسمى عطف على كلمة كما أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة والسدي أي لولا العدة بتأخير عذابهم والأجل المسمى لأعمارهم لما تأخر عذابهم أصلا ، وفصله عما عطف عليه للمسارعة إلى بيان جواب لولا ، والإشعار باستقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب ومراعاة فواصل الآي الكريمة ، وقيل : أي ولولا أجل مسمى لعذابهم وهو يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وتعقب بأنه يتحد حينئذ بالكلمة السابقة فلا يصح إدراج استقلال كل منهم بالنفي في عداد نكت الفصل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجيب بأنه لا يلزم من تأخير العذاب عن الدنيا أن يكون له وقت لا يتأخر عنه ولا يتخلف فلا مانع من الاستقلال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أن الأجل المسمى هي الكلمة التي سبقت ، وقيل : الأجل المسمى للعذاب هو يوم بدر وتعقب بأنه ينافي كون الكلمة هي العدة بتأخير عذاب هذه الأمة . وأجيب بأن المراد من ذلك العذاب هو عذاب الاستئصال ولم يقع يوم بدر وجوز الزمخشري كون العطف على المستكن في كان العائد إلى الأخذ العاجل المفهوم من السياق تنزيلا للفصل بالخبر منزلة التأكيد أي لكان الأخذ العاجل والأجل المسمى لازمين لهم كدأب عاد وثمود وأضرابهم ، ولم ينفرد الأجل المسمى دون الأخذ العاجل ، وأنت تعلم أن هذا لا يتسنى إذا كان لزاما اسم آلة للزوم التثنية حينئذ

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية