الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إنه تعليل لما قبله من الزجر عن الدعاء أي إن الشأن، وقرأ أبي وهارون العتكي «أنه» بفتح الهمزة أي لأن الشأن كان في الدنيا التي تريدون الرجعة إليها فريق من عبادي وهم المؤمنون، [ ص: 69 ] وقيل: هم الصحابة، وقيل:

                                                                                                                                                                                                                                      أهل الصفة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

                                                                                                                                                                                                                                      يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا أي هزوا أي اسكتوا عن الدعاء بقولكم ( ربنا ) إلخ لأنكم كنتم تستهزئون بالداعين خوفا من هذا اليوم بقولهم ( ربنا آمنا ) إلخ حتى أنسوكم بتشاغلكم بالاستهزاء بهم ذكري أي خوف عقابي في هذا اليوم.

                                                                                                                                                                                                                                      وكنتم منهم تضحكون وذلك غاية الاستهزاء، وقيل: التعليل على معنى إنما خسأناكم كالكلب ولم نحتفلكم إذ دعوتم لأنكم استهزأتم غاية الاستهزاء بأوليائي حين دعوا واستمر ذلك منكم حتى نسيتم ذكري بالكلية ولم تخافوا عقابي فهذا جزاؤكم، وقيل: خلاصة معنى الآية أنه كان فريق من عبادي يدعون فتشاغلتم بهم ساخرين واستمر تشاغلكم باستهزائهم إلى أن جركم ذلك إلى ترك ذكري في أوليائي فلم تخافوني في الاستهزاء بهم، ثم قيل: وهذا التذنيب لازم ليصح قوله تعالى: ( إنه كان ) إلخ تعليلا ويرتبط الكلام ويتلاءم مع قوله سبحانه: وكنتم منهم تضحكون ولو لم يرد به ذلك يكون إنساء الذكر كالأجنبي في هذا المقام، وفيه تسخط عظيم لفعلهم ذلك ودلالة على اختصاص بالغ لأولئك العباد المسخور منهم كما نبه عليه أولا في قوله تعالى: ( من عبادي ) وختمه بقوله سبحانه: إني جزيتهم إلى قوله تعالى: هم الفائزون وزاد في خسئهم بإعزاز أضدادهم انتهى ولا يخلو عن بحث. وقرأ نافع وحمزة والكسائي «سخريا» بضم السين وباقي السبعة بكسرها، والمعنى عليهما واحد وهو الهزو عند الخليل وأبي زيد الأنصاري وسيبويه وقال أبو عبيدة والكسائي والفراء : مضموم السين بمعنى الاستخدام من غير أجرة ومكسورها بمعنى الاستهزاء، وقال يونس: إذا أريد الاستخدام ضم السين لا غير وإذا أريد الهزؤ جاز الضم والكسر، وهو في الحالين مصدر زيدت فيه ياء النسبة للمبالغة كما في أحمري.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية