الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فاصبر إن وعد الله بتعذيب أعدائك الكفرة حق كائن لا محالة فإما نرينك أصله فإن نرك فزيدت ( ما ) لتوكيد ( إن ) الشرطية ولذلك جاز أن يلحق الفعل نون التوكيد على ما قيل : وإلى التلازم بين ما ونون التوكيد بعد إن الشرطية ذهب المبرد . والزجاج فلا يجوز عندهما زيادة ما بدون إلحاق نون ولا إلحاق نون بدون زيادة ما ورد بقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      فإما تريني ولي لمة فإن الحوادث أودى بها



                                                                                                                                                                                                                                      ونسب أبو حيان على كلام فيه جواز الأمرين إلى سيبويه والغالب أن إن إذا أكدت - بما - يلحق الفعل بعدها نون التوكيد على ما نص عليه غير واحد بعض الذي نعدهم وهو القتل والأسر أو نتوفينك قبل ذلك فإلينا يرجعون يوم القيامة فنجازيهم بأعمالهم ، وهو جواب ( نتوفينك ) وجواب ( نرينك ) محذوف مثل فذاك ، وجوز أن يكون جوابا لهما على معنى أن نعذبهم في حياتك أو لم نعذبهم فإنا نعذبهم في الآخرة أشد العذاب ويدل على شدته الاقتصار على ذكر الرجوع في هذا المعرض . والزمخشري آثر في الآية هنا ما ذكر أولا وذكر في [الرعد : 40] في نظيرها أعني قوله تعالى : وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ ما يدل على أن الجملة المقرونة بالفاء جواب على التقديرين ، قال في الكشف : والفرق أن قوله تعالى : ( فاصبر إن وعد الله حق ) [الروم : 60 ، غافر : 55 ، 77] عدة للإنجاز والنصر وهو الذي همه عليه الصلاة والسلام وهم المؤمنين معقود به لمقتضى هذا السياق فينبغي أن يقدر فذاك هناك ثم جيء بالتقدير الثاني ردا لشماتتهم وأنه منصور على كل حال وإتماما للتسلي ، وأما مساق التي في الرعد فلا يجاب التبليغ وأنه ليس عليه غير ذلك كيفما دارت القضية ، فمن ذهب إلى إلحاق ما هنا بما في الرعد ذهب عنه مغزى الزمخشري . انتهى . فتأمل ولا تغفل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو عبد الرحمن ويعقوب «يرجعون » بفتح الياء ، وطلحة بن مصرف ويعقوب في رواية الوليد بن [ ص: 88 ] حسان بفتح تاء الخطاب

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية