الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل يا محمد لا يستوي الخبيث والطيب أي الرديء والجيد من كل شيء فهو حكم عام في نفي المساواة عند الله تعالى بين النوعين والتحذير عن رديئها وإن كان سبب النزول أن المسلمين أرادوا أن يوقعوا بحجاج اليمامة وكان معهم تجارة عظيمة فنهوا عن ذلك على ما مر ذكره، وقيل : نزلت في رجل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن الخمر كانت تجارتي وإني جمعت من بيعها مالا فهل ينفعني ذلك إن عملت فيه بطاعة الله تعالى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن أنفقته في حج أو جهاد لم يعدل جناح بعوضة إن الله تعالى لا يقبل إلا الطيب"

                                                                                                                                                                                                                                      وعن الحسن واختاره الجبائي الخبيث الحرام والطيب الحلال، وأخرج ابن جرير وغيره عن السدي قال : الخبيث هم المشركون والطيب هم المؤمنون، وتقديم الخبيث في الذكر للإشعار من أول الأمر بأن القصور الذي ينبئ عنه عدم الاستواء فيه لا في مقابله، وقد تقدمت الإشارة إلى تحقيقه، ولو أعجبك أي وإن سرك أيها الناظر بعين الاعتبار كثرة الخبيث

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته، والواو لعطف الشرطية على مثلها المقدر، وقيل الحال أي لو لم يعجبك ولو أعجبك وكلتاهما في موضع الحال من فاعل لا يستوي أي يستويان كائنين على كل حال مفروض، وقد حذفت الأولى في مثل هذا التركيب لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة فإن الشيء إذا تحقق مع المعارض فلأن يتحقق بدونه أولى، وجواب لو محذوف في الجملتين لدلالة ما قبلها عليه فاتقوا الله يا أولي الألباب في تحري الخبيث وإن كثر وآثروا عليه الطيب وإن قل فإن مدار الاعتبار هو الخيرية والرداءة لا الكثرة والقلة، وفي الأكثر أحسن كل شيء أقله ولله در من قال :

                                                                                                                                                                                                                                      والناس ألف منهم كواحد وواحد كالألف إن أمر عنا،

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الآية كما قيل إشارة إلى غلبة أهل الإسلام وإن قلوا لعلكم تفلحون .

                                                                                                                                                                                                                                      1

                                                                                                                                                                                                                                      - راجين أن تنالوا الفلاح والفوز بالثواب العظيم والنعيم المقيم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية