الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين

                                                                                                                                                                                                                                        وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل سبب نزولها أنه لما أشيع يوم أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل ، قال أناس: لو كان نبيا ما قتل ، وقال آخرون: نقاتل على ما قاتل عليه حتى نلحق به. أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم يعني رجعتم كفارا بعد إيمانكم. ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها فيه ثلاثة أقاويل: [ ص: 428 ]

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: من أراد بجهاده ثواب الدنيا أي ما يصيبه من الغنيمة ، وهذا قول بعض البصريين. والثاني: من عمل للدنيا لم نحرمه ما قسمنا له فيها من غير حظ في الآخرة ، وهذا قول ابن إسحاق. والثالث: من أراد ثواب الدنيا بالنهوض لها بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر جوزي عليها في الدنيا دون الآخرة. وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير قرأ بذلك ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وقرأ الباقون ( قاتل ) ، وفي ( ربيون ) أربعة أقاويل: أحدها: أنهم الذين يعبدون الرب واحدهم ربي ، وهو قول بعض نحويي البصرة. الثاني: أنهم الجماعات الكثيرة ، وهو قول ابن مسعود وعكرمة ومجاهد. والثالث: أنهم العلماء الكثيرون ، وهو قول ابن عباس ، والحسن. والرابع: أن (الربيون) الأتباع. والربانيون: الولاة ، والربيون الرعية ، وهو قول أبي زيد ، قال الحسن: ما قتل نبي قط إلا في معركة. فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا الوهن: الانكسار بالخوف. الضعف نقصان القوة ، الاستكانة الخضوع ، ومعناه فلم يهنوا بالخوف ، ولا ضعفوا بنقصان القوة ولا استكانوا بالخضوع. وقال ابن إسحاق: فما وهنوا بقتل نبيهم ولا ضعفوا عن عدوهم ولا استكانوا لما أصابهم. فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة في ثواب الدنيا قولان: أحدهما: النصر على عدوهم ، وهو قول قتادة ، والربيع. والثاني: الغنيمة ، وهو قول ابن جريج وحسن ثواب الآخرة الجنة ، في قول الجميع.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية