الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون قال ميمون بن مهران: وعيد للظالم وتعزية للمظلوم. قوله عز وجل: مهطعين فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: معناه مسرعين قاله سعيد بن جبير والحسن وقتادة ، مأخوذ من أهطع يهطع إهطاعا إذا أسرع ، ومنه قوله تعالى: مهطعين إلى الداع أي مسرعين. قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        بدجلة دارهم ولقد أراهم بدجلة مهطعين إلى السماع



                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الدائم النظر لا يطرف ، قاله ابن عباس والضحاك.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه المطرق الذي لا يرفع رأسه ، قاله ابن زيد. مقنعي رءوسهم وإقناع الرأس فيه تأويلان: أحدهما: ناكسي رءوسهم بلغة قريش ، قاله مؤرج السدوسي وقتادة.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 141 ] الثاني: رافعي رءوسهم ، وإقناع الرأس رفعه ، قاله ابن عباس ومجاهد ، ومنه قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        أنغض رأسه نحوي وأقنعا     كأنما أبصر شيئا أطمعا



                                                                                                                                                                                                                                        لا يرتد إليهم طرفهم أي لا يرجع إليهم طرفهم ، والطرف هو النظر وسميت العين طرفا لأنها بها يكون ، قال جميل :


                                                                                                                                                                                                                                        وأقصر طرفي دون جمل كرامة     لجمل وللطرف الذي أنا قاصر



                                                                                                                                                                                                                                        وأفئدتهم هواء والمراد بالأفئدة مواضع القلوب ، وهي الصدور. وقوله: هواء فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنها تتردد في أجوافهم ليس لها مكان تستقر فيه فكأنها تهوي ، قاله سعيد بن جبير ومجاهد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنها قد زالت عن أماكنها حتى بلغت الحناجر ، فلا تنفصل ولا تعود ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنها المتخرمة التي لا تعي شيئا ، قاله مرة.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنها خالية من الخير ، وما كان خاليا فهو هواء ، قاله ابن عباس ومنه قول حسان :


                                                                                                                                                                                                                                        ألا أبلغ أبا سفيان عني     فأنت مجوف نخب هواء



                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية