الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يعني فمن كان يخاف لقاء ربه، قاله مقاتل، وقطرب.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: من كان يأمل لقاء ربه.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: من كان يصدق بلقاء ربه، قاله الكلبي.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 350 ] وفي لقاء ربه وجهان: أحدهما: معناه لقاء ثواب ربه، قاله سعيد بن جبير.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: من كان يرجو لقاء ربه إقرارا منه بالبعث إليه والوقوف بين يديه. فليعمل عملا صالحا فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه الخالص من الرياء، قاله ذو النون المصري.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن يلقى الله به فلا يستحي منه، قاله يحيى بن معاذ.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن يجتنب المعاصي ويعمل بالطاعات. ولا يشرك بعبادة ربه أحدا فيه وجهان: أحدهما: أن الشرك بعبادته الكفر، ومعناه لا يعبد معه غيره، قاله الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الرياء، ومعناه ولا يرائي بعمله أحدا، قاله سعيد بن جبير، ومجاهد. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أخوف ما أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية " قيل: أتشرك أمتك بعدك؟ قال: " لا، أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا ولكنهم يراءون بعملهم "، فقيل: يا رسول الله ، وذلك شرك؟ فقال: " نعم " قيل: وما الشهوة الخفية؟ قال: " يصبح أحدهم صائما فتعرض له الشهوة من شهوات الدنيا فيفطر لها ويترك صومه ". وحكى الكلبي ومقاتل أن هذه الآية نزلت في جندب بن زهير العامري أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إنا لنعمل العمل نريد به وجه الله فيثنى به علينا فيعجبنا، وإني لأصلي الصلاة فأطولها رجاء أن يثنى بها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 351 ] الله عز وجل يقول: أنا خير شريك فمن أشركني في عمل يعمله لي أحدا من خلقي تركته وذلك الشريك " ونزلت فيه هذه الآية: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا فتلاها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
                                                                                                                                                                                                                                        وقيل إنها آخر آية نزلت من القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية