الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فردا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: أفرأيت الذي كفر بآياتنا اختلف فيمن نزلت هذه الآية فيه على قولين: أحدهما: في العاص بن وائل السهمي ، قاله جابر وابن عباس ومجاهد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: في الوليد بن المغيرة ، قاله الحسن. مالا وولدا قرأ حمزة والكسائي وولدا بضم الواو ، وقرأ الباقون بفتحها ، فاختلف في ضمها وفتحها على وجهين: أحدهما: أنهما لغتان معناهما واحد ، يقال ولد وولد ، وعدم وعدم ، وقال الحارث بن حلزة:


                                                                                                                                                                                                                                        ولقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولدا



                                                                                                                                                                                                                                        والثاني: أن قيسا تجعل الولد بالضم جميعا ، والولد بالفتح واحدا.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 388 ] وفي قوله تعالى: لأوتين مالا وولدا وجهان: أحدهما: أنه أراد في الجنة استهزاء بما وعد الله على طاعته وعبادته ، قاله الكلبي.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه أراد في الدنيا ، وهو قول الجمهور. وفيه وجهان محتملان: أحدهما: إن أقمت على دين آبائي وعبادة آلهتي لأوتين مالا وولدا.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: معناه لو كنت أقمت على باطل لما أوتيت مالا وولدا. أطلع الغيب يحتمل وجهين: أحدهما: معناه أعلم الغيب أنه سيؤتيه على كفره مالا وولدا.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أعلم الغيب لما آتاه الله على كفره. أم اتخذ عند الرحمن عهدا فيه وجهان: أحدهما: يعني عملا صالحا قدمه ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: قولا عهد به الله إليه ، حكاه ابن عيسى. قوله عز وجل: ونرثه ما يقول فيه وجهان: أحدهما: أن الله يسلبه ما أعطاه في الدنيا من مال وولد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يحرمه ما تمناه في الآخرة من مال وولد. ويأتينا فردا فيه وجهان: أحدهما: بلا مال ولا ولد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بلا ولي ولا ناصر.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية