الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 63 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة القمر .

                                                                                                                                                                                                                                      مكية

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج النحاس ، عن ابن عباس قال : نزلت سورة القمر بمكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الضريس ، وابن مردويه ، والبيهقي في «الدلائل» عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة اقتربت الساعة

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن الزبير، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في «شعب الإيمان»، عن ابن عباس قال : قارئ اقتربت تدعى في التوراة المبيضة، تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه، قال البيهقي : منكر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ، والديلمي، عن عائشة مرفوعا : «من قرأ : الم تنزيل [السجدة : 1، 2] و يس [يس : 1] و اقتربت الساعة [القمر : 1] و تبارك الذي بيده الملك [الملك : 1] كن له نورا، وحرزا من الشيطان والشرك، ورفع له في الدرجات يوم القيامة» .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 64 ] وأخرج ابن الضريس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة رفعه : من قرأ اقتربت الساعة في كل ليلتين بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الضريس ، عن ليث، عن معن، عن شيخ من همدان، رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من قرأ اقتربت الساعة غبا؛ ليلة وليلة، حتى يموت، لقي الله تعالى ووجهه كالقمر ليلة البدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، عن بريدة، أن معاذ بن جبل صلى بأصحابه صلاة العشاء فقرأ فيها : اقتربت الساعة فقام رجل من قبل أن يفرغ فصلى وذهب، فقال له معاذ قولا شديدا، فأتى الرجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعتذر إليه، فقال : إني كنت أعمل في نخل، وخفت على الماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «صل بـ «الشمس وضحاها« ونحوها من السور .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : اقتربت الساعة وانشق القمر

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والترمذي ، وابن مردويه ، والبيهقي في «الدلائل» عن أنس قال : سأل [ ص: 65 ] أهل مكة النبي - صلى الله عليه وسلم – آية، فانشق القمر بمكة فرقتين، فنزلت : اقتربت الساعة وانشق القمر إلى قوله : سحر مستمر يقول : ذاهب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، ومسلم ، وابن جرير ، عن أنس أن أهل مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في «الدلائل» من طريق مجاهد ، عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال : رأيت القمر منشقا شقتين مرتين بمكة قبل مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء، فقالوا : سحر القمر، فنزلت : اقتربت الساعة وانشق القمر قال مجاهد : يقول : كما رأيتم القمر منشقا فإن الذي أخبركم عن اقتراب الساعة حق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن مردويه ، من طريق أبي معمر، عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «اشهدوا» .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 66 ] وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، وأبو نعيم في «الدلائل» من طريق الأسود، عن عبد الله قال : رأيت القمر وقد انشق، فأبصرت الجبل من بين فرجتي القمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في «الدلائل» من طريق مسروق ، عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة، فقالوا : انتظروا ما يأتيكم به السفار؛ فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فسألوهم فقالوا : نعم، قد رأيناه، فأنزل الله : اقتربت الساعة وانشق القمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، ومسلم ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس قال : انشق القمر في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم في «الدلائل» من طريق علقمة عن [ ص: 67 ] ابن مسعود قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم – بمنى، فانشق القمر، حتى صار فرقتين، فتوارت فرقة خلف الجبل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «اشهدوا» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، كلاهما في «الدلائل» من طريق مجاهد ، عن ابن عمر في قوله : اقتربت الساعة وانشق القمر قال : كان ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انشق فرقتين؛ فرقة من دون الجبل، وفرقة خلفه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «اللهم اشهد» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن جرير ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، وأبو نعيم والبيهقي ، عن جبير بن مطعم في قوله : وانشق القمر قال : انشق القمر ونحن بمكة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صار فرقتين؛ فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقال الناس : سحرنا محمد، فقال رجل : إن كان سحركم فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 68 ] وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في «الدلائل» عن ابن عباس في قوله : اقتربت الساعة وانشق القمر قال : قد مضى ذلك، كان قبل الهجرة، انشق القمر حتى رأوا شقيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، من طريق عكرمة، عن ابن عباس قال : كسف القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : سحر القمر، فنزلت : اقتربت الساعة وانشق القمر إلى قوله : مستمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في «الدلائل» من طريق عطاء ، والضحاك ، عن ابن عباس في قوله : اقتربت الساعة وانشق القمر قال : اجتمع المشركون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام والعاص بن وائل، والعاص بن هشام، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب، وزمعة بن الأسود، والنضر بن الحرث فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين؛ نصفا على أبي قبيس، ونصفا على قعيقعان، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : «إن فعلت تؤمنوا؟» قالوا : نعم، قال : وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يعطيه ما سألوا، فأمسى القمر قد مثل نصفا على أبي قبيس، ونصفا على قعيقعان، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم – ينادي : «يا أبا سلمة بن [ ص: 69 ] عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، اشهدوا» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم، من طريق عطاء ، عن ابن عباس قال : انتهى أهل مكة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : هل من آية نعرف بها أنك رسول الله؟ فهبط جبريل، فقال : يا محمد، قل لأهل مكة : إن تختلفوا هذه الليلة فسترون آية، فأخبرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمقالة جبريل ، فخرجوا ليلة أربع عشرة فانشق القمر نصفين؛ نصفا على الصفا ونصفا على المروة، فنظروا، ثم قالوا بأبصارهم فمسحوها، ثم أعادوا النظر، فنظروا، ثم مسحوا أعينهم، ثم نظروا، فقالوا : يا محمد، ما هذا إلا سحر ذاهب، فأنزل الله : اقتربت الساعة وانشق القمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم، من طريق الضحاك ، عن ابن عباس قال : جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : أرنا آية حتى نؤمن، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يريهم آية، فأراهم القمر قد انشق فصار قمرين؛ أحدهما على الصفا والآخر على المروة، قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليه، ثم غاب القمر، فقالوا : هذا سحر مستمر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 70 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وعبد الله بن أحمد في زوائد «الزهد»، وابن جرير ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : خطبنا حذيفة بن اليمان بالمدائن، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : اقتربت الساعة وانشق القمر ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار، وغدا السباق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن حذيفة أنه قرأ : (اقتربت الساعة وقد انشق القمر) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن الضحاك قال : كان القمر قد انشق ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل أن يهاجر، فقالوا : هذا سحر أسحر السحرة، فافعلوا كما فعل المشركون؛ إذا كسف القمر ضربوا بطساسهم، واصفر أحبارهم، وقالوا : هذا فعل السحر، وذلك قوله : وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : ثلاث ذكرهن الله في القرآن قد [ ص: 71 ] مضين؛ اقتربت الساعة وانشق القمر قد انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقتين حتى رآه الناس، و : سيهزم الجمع ويولون الدبر [القمر : 45] كان يوم بدر، حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد [المؤمنون : 77] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد في قوله : اقتربت الساعة وانشق القمر قال : رأوه منشقا، فقالوا : هذا سحر ذاهب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد : وكل أمر مستقر قال : يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج : وكل أمر مستقر قال : بأهله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن جرير ، عن قتادة : وكل أمر مستقر قال : مستقر بأهل الخير الخير، وبأهل الشر الشر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية