الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، من طريق بكر بن الأسود، عن الحسن قال : قال قوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد، إنا نحب ربنا . فأنزل الله : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم .

                                                                                                                                                                                                                                      فجعل اتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم علما لحبه وعذاب من خالفه .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق أبي عبيدة الناجي، عن الحسن قال : قال أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله يا محمد إنا لنحب ربنا . فأنزل الله : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 509 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طريق عباد بن منصور، عن الحسن قال : إن أقواما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعمون أنهم يحبون الله فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل، فقال : إن كنتم تحبون الله الآية . فكان اتباع محمد صلى الله عليه وسلم تصديقا لقولهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي عن يحيى بن أبي كثير قال : قالوا إنا لنحب ربنا فامتحنوا ، فأنزل الله : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن جريج قال : كان أقوام يزعمون أنهم يحبون الله، يقولون : إنا نحب ربنا . فأمرهم الله أن يتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم وجعل اتباع محمد صلى الله عليه وسلم علما لحبه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رغب عن سنتي فليس مني " . ثم تلا هذه الآية : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " إلى آخر الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير : قل إن كنتم تحبون الله . أي : إن كان هذا من قولكم في عيسى حبا لله وتعظيما له، فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم . أي : ما مضى من كفركم، والله غفور رحيم [ ص: 510 ] وأخرج الأصبهاني في " الترغيب " عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لن يستكمل مؤمن إيمانه حتى يكون هواه تبعا لما جئتكم به " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي الدرداء في قوله : إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله . قال : على البر والتقوى والتواضع وذلة النفس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي ، وأبو نعيم ، والديلمي ، وابن عساكر ، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله . قال : " على البر والتقوى والتواضع وذلة النفس " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن عائشة في هذه الآية : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني . قالت : على التواضع والتقوى والبر وذلة النفس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في " الحلية " ، والحاكم ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه أن يحب على شيء من الجور، ويبغض على شيء من العدل، وهل الدين إلا الحب والبغض في الله؟ قال الله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 511 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق حوشب، عن الحسن في قوله : فاتبعوني يحببكم الله . قال : فكان علامة حبه إياهم اتباع سنة رسوله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سفيان بن عيينة، أنه سئل عن قوله : " المرء مع من أحب " . فقال : ألم تسمع قول الله : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله . يقول : يقربكم . والحب هو القرب، والله لا يحب الكافرين لا يقرب الكافرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير : قل أطيعوا الله والرسول : فإنهم يعرفونه ، يعني الوفد من نصارى نجران، ويجدونه في كتابكم، فإن تولوا على كفرهم، فإن الله لا يحب الكافرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن حبان ، والحاكم ، عن أبي رافع، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري، مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول : لا ندري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية