الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فكيف إذا جئنا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، والترمذي ، والنسائي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "الدلائل"، من طرق عن ابن مسعود قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : «اقرأ علي» . قلت : يا رسول الله، أقرأ [ ص: 443 ] عليك، وعليك أنزل؟! قال : «نعم، إني أحب أن أسمعه من غيري» . فقرأت سورة "النساء"، حتى أتيت على هذه الآية : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا فقال : «حسبك الآن» . فإذا عيناه تذرفان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن حريث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود : «اقرأ» . قال : أقرأ وعليك أنزل؟! قال : «إني أحب أن أسمعه من غيري» . فافتتح سورة "النساء" حتى بلغ : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد الآية، فاستعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكف عبد الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، والحسن بن سفيان، وأبو نعيم في "المعرفة"، والبغوي في "معجمه"، والطبراني ، بسند حسن، عن محمد بن فضالة الأنصاري - وكان ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في بني ظفر، ومعه ابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وناس من أصحابه، فأمر قارئا فقرأ، فأتى على هذه الآية : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا . فبكى حتى اضطرب لحياه وجنباه، وقال : «يا رب، هذا شهدت على من أنا بين ظهريه، فكيف بمن لم أره؟» .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 444 ] وأخرج الطبراني عن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا . بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : «يا رب، هذا شهدت على من أنا بين ظهريه، فكيف بمن لم أر؟» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد قال : رسولها يشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا . قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى عليها فاضت عيناه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «شهيدا عليهم ما دمت فيهم، فإذا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم» .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية