الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

                                                                                                                                                                                                وعباد الرحمن مبتدأ خبره في آخر السورة . كأنه قيل : وعباد الرحمن الذين هذه صفاتهم أولئك يجزون الغرفة . ويجوز أن يكون خبره الذين يمشون وأضافهم إلى الرحمن تخصيصا وتفضيلا . وقرئ : "وعباد الرحمن " . وقرئ : "يمشون" "هونا" حال ، أو صفة للمشي ، بمعنى : هينين . أو : مشيا هينا ؛ إلا أن في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة . والهون : الرفق واللين . ومنه الحديث "أحبب حبيبك هونا ما " ، وقوله : [ ص: 368 ] "المؤمنون هينون لينون " ، والمثل : إذا عز أخوك فهن . ومعناه : إذا عاسر فياسر . والمعنى : أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع ، لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا ، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق ، ولقوله : ويمشون في الأسواق [الفرقان : 20 ] . "سلاما " تسلما منكم نجاهلكم ، ومتاركة لا خير بيننا ولا شر ، أي : نتسلم منكم تسلما ، فأقيم السلام مقام التسلم . وقيل : قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء ، والإثم . والمراد بالجهل : السفه وقلة الأدب وسوء الرعة ، من قوله [من الوافر ] :


                                                                                                                                                                                                ألا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا



                                                                                                                                                                                                [ ص: 369 ] وعن أبي العالية : نسختها آية القتال ، ولا حاجة إلى ذلك ؛ لأن الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة ، وأسلم للعرض والورع .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية