الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين

                                                                                                                                                                                                ادعوني اعبدوني، والدعاء بمعنى العبادة كثير في القرآن، ويدل عليه قوله تعالى: إن الذين يستكبرون عن عبادتي والاستجابة: الإثابة; وفى تفسير مجاهد : اعبدوني أثبكم. وعن الحسن -وقد سئل عنها-: اعملوا وأبشروا، فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله. وعن الثوري أنه قيل له: ادع الله، فقال: إن ترك الذنوب هو الدعاء. وفى الحديث: "إذا شغل عبدي طاعتي عن الدعاء، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" وروى النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن [ ص: 357 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" وقرأ هذه الآية. ويجوز أن يريد الدعاء والاستجابة على ظاهرهما، ويريد بعبادتي: دعائي; لأن الدعاء باب من العبادة ومن أفضل أبوابها، يصدقه قول ابن عباس رضي الله عنهما: أفضل العبادة الدعاء. وعن كعب : أعطى الله هذه الأمة ثلاث خلال لم يعطهن إلا نبيا مرسلا كان يقول لكل نبي: أنت شاهدي على خلقي، وقال لهذه الأمة: لتكونوا شهداء على الناس [البقرة: 143]; وكان يقول: ما عليك من حرج، وقال لنا: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج [المائدة: 6] وكان يقول: أدعني أستجب لك; وقال لنا: ادعوني أستجب لكم . وعن ابن عباس : وحدوني أغفر لكم، وهذا تفسير للدعاء بالعبادة، ثم للعبادة بالتوحيد. "داخرين" صاغرين.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية