الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا

                                                                                                                                                                                                                                        لن يستنكف المسيح لن يأنف، من نكفت الدمع إذا نحيته بأصبعك كيلا يرى أثره عليك. أن يكون عبدا لله من أن يكون عبدا له فإن عبوديته شرف يتباهى به، وإنما المذلة والاستنكاف في عبودية غيره.

                                                                                                                                                                                                                                        روي (أن وفد نجران قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تعيب صاحبنا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى عليه السلام، قال عليه السلام: وأي شيء أقول. قالوا: تقول إنه عبد الله ورسوله، قال إنه ليس بعار أن يكون عبد الله، قالوا: بلى)، فنزلت.

                                                                                                                                                                                                                                        ولا الملائكة المقربون عطف على المسيح أي ولا يستنكف الملائكة المقربون أن يكونوا عبيدا لله، واحتج به من زعم فضل الملائكة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقال مساقه لرد قول النصارى في رفع المسيح عن مقام العبودية وذلك يقتضي أن يكون المعطوف أعلى درجة من المعطوف عليه حتى يكون عدم استنكافهم كالدليل على عدم استنكافه، وجوابه أن الآية للرد على عبدة المسيح والملائكة فلا يتجه ذلك وإن سلم اختصاصها بالنصارى فلعله أراد بالعطف المبالغة باعتبار التكثير دون التكبير كقولك: أصبح الأمير لا يخالفه رئيس ولا مرؤوس، وإن أراد به التكبير فغايته تفضيل المقربين من الملائكة وهم الكروبيون الذين هم حول العرش، أو من أعلى منهم رتبة من الملائكة أعلى المسيح من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وذلك لا يستلزم فضل أحد الجنسين على الآخر مطلقا والنزاع فيه. ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر ومن يرتفع عنها، والاستكبار دون الاستنكاف ولذلك عطف عليه وإنما يستعمل من حيث لا استحقاق بخلاف التكبر فإنه قد يكون بالاستحقاق. فسيحشرهم إليه جميعا فيجازيهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية