الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين

                                                                                                                                                                                                                                      144 - لما رمى ابن قميئة رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر فكسر رباعيته، أقبل يريد قتله، فذب عنه مصعب بن عمير، وهو صاحب الراية، حتى قتله ابن قميئة، وهو يرى أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قتلت محمدا، وخرج صارخا -قيل: هو الشيطان-: ألا إن محمدا قد قتل، ففشا في الناس خبر قتله، فانكفئوا، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: "إلي عباد الله" حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه، فلامهم على هربهم، فقالوا: يا رسول الله، فديناك بآبائنا وأمهاتنا، أتانا خبر قتلك فولينا مدبرين، فنزل وما محمد إلا رسول قد خلت مضت من قبله الرسل سيخلو كما خلوا. وكما أن أتباعهم بقوا متمسكين بدينهم بعد خلوهم، فعليكم أن تتمسكوا بدينه بعد خلوه; لأن المقصود من بعثة الرسل تبليغ الرسالة، وإلزام الحجة، لا وجوده بين أظهر قومه أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم الفاء معلة للجملة الشرطية بالجملة التي قبلها على معنى [ ص: 298 ] التسبيب، والهمزة لإنكار أن يجعلوا خلو الرسل قبله سببا لانقلابهم على أعقابهم بعد هلاكه بموت، أو قتل، مع علمهم أن خلو الرسل قبله، وبقاء دينهم متمسكا به يجب أن يجعل سببا للتمسك بدين محمد صلى الله عليه وسلم لا للانقلاب عنه. والانقلاب على العقبين مجاز على الارتداد، أو عن الانهزام ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وإنما ضر نفسه وسيجزي الله الشاكرين الذين لم ينقلبوا، وسماهم شاكرين; لأنهم شكروا نعمة الإسلام فيما فعلوا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية