الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى

                                                                                                                                                                                                                                      منها خلقناكم أي : في ضمن أبيكم آدم عليه الصلاة والسلام منها ، فإن كل فرد من أفراد البشر له حظ من خلقه عليه الصلاة والسلام ، إذ لم تكن قطرته البديعة مقصورة على نفسه عليه الصلاة والسلام ، بل كانت أنموذجا منطويا على فطرة سائر أفراد الجنس انطواء إجماليا مستتبعا لجريان آثارها على الكل ، فكان خلقه عليه الصلاة والسلام منها خلقا للكل منها . وقيل : المعنى : خلقنا أبدانكم من النطفة المتولدة من الأغذية المتولدة من الأرض بوسائط ، وقيل : إن الملك الموكل بالرحم يأخذ من تربة المكان الذي يدفن المولود فيبددها على النطفة فيخلق من التراب والنطفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وفيها نعيدكم بالأمانة وتفريق الأجزاء . وإيثار كلمة "في" على كلمة "إلى" للدلالة على الاستقرار المديد فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها نخرجكم تارة أخرى بتأليف أجزائكم المتفتتة المختلطة بالتراب على الهيئة السابقة ، ورد الأرواح إليها ، وكون هذا الإخراج تارة أخرى باعتبار أن خلقهم من الأرض إخراج لهم منها ، وإن لم يكن على نهج التارة الثانية . والتارة في الأصل : اسم للتور الواحد ، وهو الجريان ، ثم أطلق على كل فعلة واحدة من الفعلات المتجددة كما مر في المرة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية