الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون

                                                                                                                                                                                                                                        (34) يقول تعالى - مبينا عجز آلهة المشركين، وعدم اتصافها بما يوجب اتخاذها آلهة مع الله- قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق أي: يبتديه ثم يعيده وهذا استفهام بمعنى النفي والتقرير، أي: ما منهم أحد يبدأ الخلق ثم يعيده، وهي أضعف من ذلك وأعجز، قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده من غير مشارك ولا معاون له على ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                        فأنى تؤفكون أي: تصرفون، وتنحرفون عن عبادة المنفرد [ ص: 711 ] بالابتداء، والإعادة إلى عبادة من لا يخلق شيئا وهم يخلقون.

                                                                                                                                                                                                                                        (35) قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق ببيانه وإرشاده، أو بإلهامه وتوفيقه.

                                                                                                                                                                                                                                        قل الله وحده يهدي للحق بالأدلة والبراهين، وبالإلهام والتوفيق، والإعانة إلى سلوك أقوم طريق.

                                                                                                                                                                                                                                        أمن لا يهدي أي: لا يهتدي إلا أن يهدى لعدم علمه، ولضلاله، وهي شركاؤهم، التي لا تهدي ولا تهتدي إلا أن تهدى فما لكم كيف تحكمون أي: أي شيء جعلكم تحكمون هذا الحكم الباطل، بصحة عبادة أحد مع الله، بعد ظهور الحجة والبرهان، أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده.

                                                                                                                                                                                                                                        فإذا تبين أنه ليس في آلهتهم التي يعبدون مع الله أوصافا معنوية، ولا أوصافا فعلية، تقتضي أن تعبد مع الله، بل هي متصفة بالنقائص الموجبة لبطلان إلهيتها، فلأي شيء جعلت مع الله آلهة؟

                                                                                                                                                                                                                                        (36) فالجواب: أن هذا من تزيين الشيطان للإنسان، أقبح البهتان، وأضل الضلال، حتى اعتقد ذلك وألفه، وظنه حقا، وهو لا شيء.

                                                                                                                                                                                                                                        ولهذا قال: وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء أي: ما يتبعون في الحقيقة شركاء لله، فإنه ليس لله شريك أصلا عقلا ولا نقلا وإنما يتبعون الظن و إن الظن لا يغني من الحق شيئا فسموها آلهة، وعبدوها مع الله، إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان .

                                                                                                                                                                                                                                        إن الله عليم بما يفعلون وسيجازيهم على ذلك بالعقوبة البليغة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية