الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          . وأركانه : واقف ، وموقوف ، وموقوف عليه ، والصيغة . وهي فعلية وقولية . وقد ذكر الأولى بقوله : ( ويحصل ) الوقف حكما ( بفعل مع ) شيء ( دال عليه ) أي : الوقف ( عرفا ) لمشاركته القول في الدلالة عليه ( كأن يبني بنيانا على هيئة مسجد ويأذن إذنا عاما في الصلاة فيه ) ولو بفتح الأبواب أو التأذين أو كتابة لوح بالإذن أو الوقف . قاله الحارثي . وكذا لو أدخل بيته في المسجد وأذن فيه ولو نوى خلافه . نقله أبو طالب . أي : لا أثر لنية خلاف ما دل عليه الفعل ( حتى لو كان ) ما بناه على هيئة المسجد وأذن في الصلاة فيه ( سفل بيته أو علوه أو وسطه ) فيصح ، وإن لم يذكر استطراقا كما لو باعه ولم يذكره ( ويستطرق ) إليه على العادة كما لو أجره وأطلق ( أو ) يبني ( بيتا ) يصلح ( لقضاء حاجة أو تطهر ويشرعه ) أي : يفتح بابه إلى الطريق ( أو يجعل أرضه مقبرة ويأذن ) للناس ( إذنا عاما بالدفن فيها ) بخلاف الإذن الخاص . فقد يقع على غير الموقوف فلا يفيد دلالة الوقف . قاله الحارثي . وأشار إلى الصيغة القولية بقوله : ( و ) يحصل ب ( قول ) وكذا إشارة مفهومة من أخرس ، ( وصريحه : وقفت وحبست وسبلت ) ; لأن كل واحدة من هذه الثلاثة لا يحتمل غيره بعرف الاستعمال والشرع لقوله صلى الله عليه وسلم { إن شئت حبست أصلها وسبلت ثمرها } فصارت هذه الألفاظ في الوقف كلفظ التطليق في الطلاق ، وإضافة التحبيس إلى الأصل والتسبيل إلى الثمرة لا يقتضي المغايرة في المعنى ، فإن الثمرة محبسة أيضا على ما شرط صرفها إليه . وأما الصدقة فقد سبق لها حقيقة شرعية في غير الوقف هي أعم من الوقف ، فلا يؤدي معناه بها إلا بقيد يخرجها عن المعنى الأعم . ولهذا كانت كناية فيه . وفي جمع الشارع بين لفظتي التحبيس والتسبيل تبيين لحالتي الابتداء والدوام ، فإن حقيقة الوقف ابتداء تحبيسه ، ودواما تسبيل منفعته . ولهذا حد كثير من الأصحاب الوقف بأنه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة أو المنفعة ، ( وكنايته ) أي الوقف ( تصدقت وحرمت وأبدت ) لعدم خلوص كل منها عن الاشتراك . فالصدقة تستعمل في الزكاة وهي ظاهرة في صدقة التطوع ، والتحريم [ ص: 399 ] صريح في الظهار ، والتأبيد يستعمل في كل ما يراد تأبيده من وقف وغيره ( ولا يصح ) الوقف ( بها ) مجردة عما يصرفها إليه ككنايات الطلاق فيه ، لأنها لم يثبت لها عرف لغوي ولا شرعي ( إلا بنية ) الوقف فمن أتى بكناية واعترف بأنه نوى بها الوقف لزمه حكما ; لأنها بالنية صارت ظاهرة فيه وإن قال : ما أردت بها الوقف قبل قوله ; لأن نيته لا يطلع عليها غيره ، ( أو قرنها ) أي : الكناية في اللفظ ( بأحد الألفاظ الخمسة ) وهي : الصرائح الثلاث والكنايتان ( ك ) قوله ( تصدقت صدقة موقوفة أو ) تصدقت صدقة ( محبسة أو ) تصدقت صدقة ( مسبلة أو ) تصدقت صدقة ( محرمة أو ) تصدقت صدقة ( مؤبدة أو ) قرن الكناية ( بحكم الوقف ك ) قوله : تصدقت به صدقة ( لا تباع أو ) صدقة ( لا توهب أو ) صدقة ( لا تورث أو ) تصدقت بداري ( على قبيلة ) كذا ( أو ) على ( طائفة كذا ) ; لأن ذلك كله لا يستعمل في غير الوقف فانتفت الشركة . وكذا تصدقت بأرضي أو داري على زيد والنظر لي أيام حياتي ، أو ثم من بعد زيد على عمرو ، أو على ولده أو على مسجد كذا ونحوه ( فلو قال : تصدقت بداري على زيد ، ثم قال : أردت الوقف وأنكر زيد ) إرادة الوقف وأن له التصرف في رقبتها بما أراد قبل قول زيد ، و ( لم تكن وقفا ) لمخالفة قول المتصدق للظاهر قال في الإنصاف : فيعايا بها .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية