الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( فصل ) في ميراث الجد مع الإخوة ذكورا كانوا أو إناثا والجد أب الأب لا يحجبه غير الأب . حكاه ابن المنذر إجماعا . واختلف في الجد مع الإخوة أو الأخوات لأبوين أو لأب . فذهب الصديق وابن عباس وابن الزبير إلى أن الجد يسقط جميع الإخوة والأخوات من جميع الجهات كالأب . .

                                                                          وروي عن عثمان وعائشة وأبي بن كعب وجابر بن عبد الله وأبي الطفيل وعبادة بن الصامت ، وهو مذهب أبي حنيفة . وذهب علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن مسعود إلى توريثهم معه ولا يحجبونهم به على اختلاف بينهم . وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي يوسف ومحمد لثبوت ميراثهم بالكتاب . فلا يحجبون إلا بنص أو إجماع أو قياس ولم يوجد ذلك . ولتساويهم في سبب الاستحقاق فإن الأخ والجد يدليان بالأب الجد أبوه [ ص: 503 ] والأخ ابنه وقرابة البنوة لا تنقص عن قرابة الأبوة ، بل ربما كانت أقوى فإن الابن يسقط تعصيب الأب ، ومذهب زيد بن ثابت في الجد والإخوة هو ما ذهب إليه أحمد . وبه قال أهل المدينة والشام ومالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد وآخرون . وهو ما أشير إليه بقوله ( والجد مع الإخوة والأخوات من الأبوين أو الأب كأخ بينهم ما لم يكن الثلث أحظ ) له من المقاسمة ( فيأخذه ) والباقي للإخوة للذكر مثل حظ الأنثيين . فإن كانت الإخوة دون مثليه فالمقاسمة خير له ، وذلك في خمس صور : جد وأخت ، جد وأخ ، جد وأختان ، جد وأخ وأخت ، جد وثلاث أخوات . وإن زادوا على مثليه فالثلث أحظ له كجد وثلاثة إخوة أو خمس أخوات ولا تنحصر صوره . وإن كانوا مثليه فله ثلاث صور : جد وأخوان ، جد وأربع أخوات جد وأخ وأختان . استوى له الأمران . ولا ينقص الجد عن الثلث مع عدم ذوي الفروض ; لأنه إذا كان مع الأم أخذ مثلي ما تأخذه ; لأنها لا تزاد على الثلث ، والإخوة لا ينقصون الأم عن السدس فوجب أن لا ينقصوا الجد عن ضعفه ( وله ) أي : الجد ( مع ذي فرض ) اجتمع معه ومع الإخوة لغير أم ( بعده ) أي : بعد أخذ ذي الفرض من أحد الزوجين أو البنت أو بنت الابن فأكثر أو الأم أو الجدة فرضه ( الأحظ من مقاسمة ) لمن معه من الإخوة أو الأخوات ( كأخ ) منهم ( أو ) أخذ ( ثلث الباقي ) من المال بعد الفرض ( أو ) أخذ ( سدس جميع المال ) ولا ينقص عنه ; لأنه لا ينقص عنه مع الولد فمع غيره أولى . وأما ثلث الباقي إذا كان أحظ فلأن له الثلث مع عدم الفروض . فما أخذ من الفروض فكأنه ذهب من المال فصار ثلث الباقي بمنزلة ثلث جميع المال . وأما المقاسمة فهي له مع عدم الفرض . فكذا مع وجوده . ومتى زاد الإخوة عن اثنين أو من يعدلهم من الإناث فلا حظ له في المقاسمة ، ومتى نقصوه عن ذلك فلا حظ له في ثلث الباقي . ومتى زادت الفروض عن النصف فلا حظ له في ثلث ما بقي . وإن نقصت عن النصف فلا حظ له في السدس . وإذا كان الفرض النصف فقط استوى ثلث الباقي والسدس ( فزوجة وجد وأخت ) لأبوين أو لأب ( من أربعة ) للزوجة الربع والباقي للجد والأخت أثلاثا له سهمان ولها سهم ( وتسمى ) هذه المسألة ( مربعة الجماعة ) أي : الصحابة أو العلماء لإجماعهم على أنها من أربعة . وإن اختلفوا في كيفية القسمة ( فإن لم يبق ) بعد ذوي الفروض ( غير السدس ) كبنتين وأم وجد وإخوة ، للبنتين الثلثان [ ص: 504 ] أربعة وللأم السدس وبقي سدس ( أخذه ) الجد ( وسقط ولد الأبوين أو الأب ) ذكرا كان أو أنثى ، واحدا كان أو أكثر . وإن بقي دون السدس ، كزوج وبنتين وجد وأخ فأكثر أعيل للجد بباقي السدس . وإن عالت بدونه كزوج وأم وبنتين وجد وأخ فأكثر زيد في العول فتعول لخمسة عشر ، للزوج ثلاثة وللأم اثنان وللبنتين ثمانية وللجد اثنان وسقط الأخ فأكثر ( إلا في ) المسألة المسماة ب ( الأكدرية ، وهي زوج وأم وأخت ) لغير أم ( وجد ) سميت بذلك لتكديرها أصول زيد في الجد حيث أعالها ولا عول عنده في مسائل الجد ، والإخوة وغيرها . وفرض للأخت مع الجد ولم يفرض لأخت مع جد ابتداء في غيرها . وجمع سهامه وسهامها فقسمها بينهما . ولا نظير لذلك أو لتكدير زيد على الأخت نصيبها بإعطائها النصف واسترجاعه بعضه ( للزوج نصف وللأم ثلث وللجد سدس وللأخت نصف ) فعالت إلى تسعة ، ولم تحجب الأم عن الثلث ; لأن الله تعالى إنما حجبها عنه بالولد والإخوة ، وليس هنا ولد ولا إخوة ( ثم يقسم نصيب الأخت والجد ) وذلك ( أربعة من تسعة بينهما ) أي : الجد والأخت ( على ثلاثة ) ; لأنها إنما تستحق معه بحكم المقاسمة ، وإنما أعيل لها لئلا تسقط وليس في الفريضة من يسقطها ولم يعصبها الجد ابتداء ; لأنه ليس بعصبة مع هؤلاء بل يفرض له . ولو كان مكانها أخ لسقط ; لأنه عصبة بنفسه والأربعة لا تنقسم على الثلاثة وتباينها . فاضرب الثلاثة في المسألة بعولها تسعة ( فتصح من سبعة وعشرين للزوج تسعة ) وهي ثلث المال ( وللأم ستة ) وهي ثلث الباقي ( وللجد ثمانية ) وهي ثلثا الباقي بعد الزوج والأم ( وللأخت أربعة ) وهي ثلث باقي الباقي . فلذلك يعايا بها . فيقال : أربعة ورثوا مال ميت أخذ أحدهم ثلثه والثاني ثلث ما بقي والثالث ثلث باقي ما بقي والرابع ما بقي ( ولا عول في مسائلهما ) أي : الجد والإخوة في غيرها ( ولا فرض لأخت معه ) أي : الجد ( ابتداء في غيرها ) أي : الأكدرية . واحترز بقوله : ابتداء عن الفرض للأخت في مسائل المعادة . فإنما يفرض لها فيها بعد مقاسمة الجد . فليس بمبتدأ وتأتي مسائل المعادة ( وإن لم يكن ) في المسألة ( زوج ) بل كانت أما وجدا وأختا فقط ( فللأم ثلث ) المال ( وما بقي ) منه ( فبين جد وأخت على ثلاثة ) سهمان للجد وسهم للأخت . فأصلها من ثلاثة ونصيب الجد والأخت يباينهما ( وتصح من تسعة ) يضرب الثلاثة عدد رءوس الجد والأخت في أصل [ ص: 505 ] المسألة ثلاثة ( وتسمى ) هذه المسألة ( الخرقاء لكثرة أقوال الصحابة فيها ) كأن الأقوال خرقتها . وفيها سبعة أقوال : أحدها ما ذكر . وهو قول زيد بن ثابت والثاني قول الصديق وموافقيه : للأم الثلث والباقي للجد . والثالث قول علي للأخت النصف وللأم الثلث وللجد السدس . والرابع قول عمر للأخت النصف وللأم ثلث الباقي وللجد ثلثاه . والخامس قول ابن مسعود للأخت النصف وللأم السدس والباقي للجد . وهو في المعنى كالذي قبله . والسادس ، ويروى أيضا عن ابن مسعود للأخت النصف والباقي بين الأم والجد نصفين فالمسألة من أربعة ، وهي إحدى مربعات ابن مسعود . والسابع قول عثمان للأم الثلث وللأخت الثلث وللجد الثلث .

                                                                          ( و ) تسمى ( المسبعة ) ; لأن فيها سبعة أقوال ( والمسدسة ) لرجوع الأقوال فستة كما تقدم ( والمخمسة ) لاختلاف خمسة من الصحابة فيها ( والمربعة ) لما تقدم أنها إحدى مربعات ابن مسعود ( والمثلثة ) لقسم عثمان لها من ثلاثة ( والعثمانية ) لذلك ( والشعبية والحجاجية ) ; لأن الحجاج امتحن بها الشعبي ، فأصاب فعفا عنه ( وولد الأب ) فقط ( كولد الأبوين في مقاسمة الجد إذا انفردوا ) لاستواء درجتهم بالنسبة إلى أبي الميت ( فإذا اجتمعوا ) أي ولد الأبوين وولد الأب مع الجد ( عاد ولد الأبوين بولد الأب ) أي : زاحمه به . وتسمى المعادة إن احتاج ولد الأبوين إليها ; لأن الجد والد . فإذا حجبه أخوان وارثان ، جاز أن يحجبه أخ وارث وأخ غير وارث كالأم . ولأن ولد الأب يحجبونه نقصانا إذا انفردوا ، فكذلك مع غيرهم كالأم ، بخلاف ولد الأم . فإن الجد يحجبهم . فمن مات عن جد وأخ لأبوين وأخ لأب . فللجد منه الثلث ( ثم أخذ ) الأخ لأبوين ( قسمه ) أي : ما سمي لأخيه ; لأنه أقوى تعصيبا منه . فلا يرث معه شيئا كما لو انفرد عن الجد فإن استغنى عن المعادة كجد وأخوين لأبوين وأخ فأكثر لأب ، فلا معادة ; لأنه لا فائدة فيها ( وتأخذ أنثى ) أي : أخت ( لأبوين ) مع جد وولد أب فأكثر ذكر أو أنثى ( تمام فرضها ) أي : النصف ; لأنه لا يمكن أن تزاد عليه مع عصبة ، ويأخذ الجد الأحظ له على ما تقدم ( والبقية ) بعد ما يأخذانه ( لولد الأب ) واحدا كان أو أكثر ( ولا يتفق هذا ) أي : بقاء شيء لولد الأب بعد الجد والأخت لأبوين ( في مسألة فيها فرض غير السدس ) ; لأنه لا فرض في مسائل المعادة إلا السدس أو الربع أو النصف . ومع الربع متى كانت المقاسمة أحظ له بقي للإخوة [ ص: 506 ] دون النصف فهو للأخت لأبوين ، وإلا وجب أن يكون الربع للجد . ; لأنه ثلث الباقي . ولا يجوز أن ينقص عنه فيبقى للإخوة النصف فتأخذه الأخت لأبوين . وكذا بالأولى إذا كان الفرض النصف ، وإذا لم يكن في مسائل المعادة فرض لم يفضل عن أخت لأبوين مع ولد أب وجد أكثر من السدس ، ; لأن أدنى ما للجد إذن الثلث ، وللأخت النصف يبقى سدس . وقد لا يبقى شيء ( فجد وأخت لأبوين وأخت لأب ) المسألة ( من أربعة له ) أي : الجد ( سهمان ) ; لأن المقاسمة هنا أحظ له ( ولكل أخت سهم ) ; لأنها كأخ ( ثم تأخذ ) الأخت ( التي لأبوين ما سمي للتي لأب ) تستكمل به فرضها وهو النصف ، كما لو كانتا مع بنت وأخذت البنت النصف . فالباقي للأخت لأبوين دون التي لأب وترجع مسألة المتن بالاختصار إلى اثنين ( وإن كان معهم ) أي الجد والأخت لأبوين والأخت لأب ( أخ لأب ) استوى للجد المقاسمة والثلث ; لأن الإخوة مثلاه ( فللجد ثلث ) فرضا أو مقاسمة ( وللأخت لأبوين نصف يبقى لهما ) أي : للأخت والأخ لأب ( سدس على ) عدد رءوسهم ( ثلاثة ) لا يصح أي : لا ينقسم ويباين ; فاضرب الثلاثة في أصل المسألة ستة ( فتصح من ثمانية عشر ) للجد ستة وللأخت لأبوين تسعة وللأخ لأب سهمان ولأخته سهم ، وكذا لو كان بدل الأخ أختان لأب .

                                                                          ( و ) إن كان ( معهم ) أي مع الجد والأخت لأبوين والأخ والأخت لأب ( أم ) أو جدة كان ( لها سدس ) ثلاثة من ثمانية عشر ( وللجد ثلث الباقي ) خمسة ( ول ) لأخت ( التي لأبوين نصف ) تسعة ( والباقي ) سهم ( لهما ) أي : للأخ والأخت للأب على ثلاثة لا يصح ( ف ) اضرب ثلاثة في ثمانية عشر ( تصح من أربعة وخمسين ) للأم تسعة وللجد خمسة عشر ، وللشقيقة سبعة وعشرون وللأخ للأب سهمان ولأخته سهم . هذا إن اعتبرت للجد فيها ثلث الباقي . فإن اعتبرت له المقاسمة فأصلها ستة عدد رءوسهم للأم واحد يبقى خمسة للجد والإخوة على ستة تباينها فاضرب الستة في أصل المسألة تبلغ ستة وثلاثين ، للأم سدسها ستة ، وللجد عشرة وللأخت لأبوين ثمانية عشر يبقى سهمان ، للأخ والأخت لأب على ثلاثة تباينها . فاضرب ثلاثة في ستة وثلاثين تبلغ مائة وثمانية وتقسمها للأم ثمانية عشر ، وللجد ثلاثون وللأخت لأبوين أربعة وخمسون وللأخ للأب أربعة ، ولأخته سهمان . والأنصباء كلها متوافقة بالنصف فترد المسألة لنصفها ونصيب كل وارث لنصفه فترجع لما [ ص: 507 ] سبق .

                                                                          ( و ) لذلك ( تسمى مختصرة زيد بن ثابت رضي الله عنه ) .

                                                                          ( و ) إن كان ( معهم أخ آخر ) بأن كان الورثة أما أو جدة وجدا وأختا لأبوين وأخوين لأب صحت ( من تسعين ) ; لأن للأم أو الجدة سدسا وهو ثلاثة من ثمانية عشر ، وللجد ثلث الباقي خمسة وللشقيقة النصف تسعة ، يبقى لأولاد الأب واحد على خمسة لا يصح . فاضرب خمسة في ثمانية عشر تبلغ ما ذكر ، للأم أو الجدة خمسة عشر وللجد خمسة وعشرون وللأخت لأبوين خمسة وأربعون ولأولاد الأب خمسة واحد لأنثاهم ولكل ذكر اثنان ( وتسمى تسعينية زيد ) ; لأنه صححها مما ذكر ( وجد وأخت لأبوين وأخ لأب ) أصلها عدد رءوسهم خمسة للجد سهمان وللأخت النصف سهمان ونصف والباقي للأخ فتنكسر على النصف فاضرب مخرجه اثنين في خمسة فتصح من عشرة للجد أربعة وللشقيقة خمسة وللأخ واحد ( وتسمى عشرية زيد ) وإن كان بدل الأخ أختين لأب فهي عشر بنية زيد . فللجد ثمانية وللشقيقة عشرة ولكل أخت لأب واحد .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية